عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 25-11-2022, 09:11 AM   #1
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,946
إفتراضي قراءة فى خطبة أدب الجوار

قراءة فى خطبة أدب الجوار
الخطيب عبد الله العواضى والخطبة تدور حول أحكام الجيرة وقد تحدث فى بدايتها مبينا حاجة الناس إلى بعضهم البعض حيث لا يمكن أن يستغنى فرد عن غيره فقال :
"أيها المسلمون، اعلموا أن الأيام والليالي عِبرٌ تتوالى؛ لتربي الإنسان على الرشُد، وتلقِّنه دروس الحكمة والنضج.
ومن عبر الزمان ودروسه النافعة: أن أصدقاء الإنسان أيام نعمته: -أيام صحته وغناه وجاهه وقوته- كثير، وأن أصدقاء محنته قليل.
وأن الإنسان-مهما علت منزلته في الدنيا بالجاه أو المال أو القوة- محتاج إلى غيره، ولا يمكن أن يستغني بنفسه عن حاجته للآخرين، فالقريب محتاج إلى قريبه، والزميل إلى زميله، والصديق إلى صديقه، والجار إلى جاره، وإن حصل التفاوت بين هؤلاء في أعراض الدنيا وأسباب القوة فيها.
و هذه الحياة ميدان فسيح، تربط بين ساكنيه أواصر وروابط، وصلات ووشائج، فهناك رابطة القرابة، ورابطة النسب والمصاهرة، وهناك رابطة الصداقة والزمالة، وهناك رابطة الجوار، وغيرها من الوشائج والعلائق، وعلى هذه الروابط تقوم الأمم وبها تتكون الممالك والدول، ومتى ما قامت هذه الروابط على أساس من الدين، استمر بقاؤها وزاد نماؤها، وصارت تلك الأمة التي شِيد بنيانها عليها منيعةَ الجانب، عزيزة المكانة، مهيبة القدر."
وتحدث العواضى عن رابطة الجوار وأنها حق واجب على المسلم فقال:
"عباد الله، إن من بين تلك الروابط التي دعا الإسلام إلى الاعتناء بها، والوفاء بحقها: رابطةَ الجوار. فقد اهتم الإسلام بها أيما اهتمام، وأولاها آداباً وحقوقاً تضمن لها الديمومة والبقاء، وجعل الله تعالى حق الجوار من الحقوق العشرة التي أمر بالإحسان فيها، فقال تعالى: {وَاعْبُدُوا اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً} "
كما تحدث عن كثرة الوصية بالجار فقال :
"ومما يدل على اعتناء الإسلام بهذه الرابطة: أن جبريل عليه السلام- كان كثير الوصية لرسول الله بها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه) "
والحديث باطل فجبريل(ص) لن يوصى الرسول(ص) مرارا وتكرارا بالجار لأن الوصية بالكل واجبة وليس الوصى بجزء
وتحدث عن الجيبرة فى الجاهلية وأنها مفخرة العرب وهو كلام المفترض أنه يتعارض مع القرآن ولا يحق لمسلم أن يستشهد على أحكام الإسلام بأحكام الكفر وإن كانت موافقة للإسلام وفى هذا قال :
"لقد كانت هذه الرابطة مفخرة إنسانية عربية قبل أن تكون مفخرة إسلامية؛ لأنها تنبع من التمسك بالأخلاق الكريمة التي كانت موجودة بين الناس في ذلك الوقت، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق) "
والافتخار بالعرب هو مناف لكلام الله فلا يفخر مسلم إلا بدينه
وتحدث عن انتشار الأفعال السيئة فى مجال الجيرة حاليا فقال :
"ولهذا كلما تلاشت الأخلاق الحسنة والقيم الحميدة في أي مجتمع ذهب أداء حق الجوار كما ينبغي. و المتأمل بيننا -نحن المسلمين- في عصرنا المتحضر يجد ذوبان هذه الرابطة يوماً بعد يوم، خصوصاً في المجتمعات المدنية والأحياء الراقية، حيث صار الجار لا يعرف من يسكن بجواره، ولا يدري عن أحواله، وقد يجاور جاره سنين طويلة ثم يموت، وجاره القريب منه لا يعلم! ولا شك أن الأوضاع القروية أحسن بكثير مما عليه الحواضر والمدن."
وأصر العواضى على الاستشهاد بالكفر على أحكام الإسلام فقال:
"لقد كان العربي في الجاهلية يفتخر بإحسانه إلى جاره، ويعتز بثناء جاره عليه، خصوصاً إذا كان الجار ضعيفا. فيصير بهذه الرابطة قوياً بعد الضعف، وعزيزاً بعد الذلة، وغنياً بعد القلة، قال الشاعر العربي:
تعيِّرنا أنا قليلٌ عديدُنا ... فقلتُ لها إن الكرام قليل
وما ضرّنا أنا قليل وجارنا ... عزيزٌ وجار الأكثرين ذليل
لنا جبل يحتلّه من نُجيره ... منيعٌ يردُّ الطرفَ وهو كليل
ويتمدّحون بكف الأذى عن الجار حيث يقول شاعرهم:
ولا نخذل المولى ولا نرفع العصا ... عليه ولا نزجي إلى الجار عقربا
وإذا أصاب الهوانُ جارَهم تألموا لذلك، وعدّوه فاقرة من الفواقر، قال الشاعر:
وإنّ هوانَ الجار للجار مؤلمٌ ... وفاقرة تأوي إليها الفواقر"
وهذا الكلام عن الجاهلية مخالف لقوله تعالى :
" ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"
ثم تحدث عن اختيار الجار قبل سكنى الدار وهو منقولة خاطئة فقال :
"أيها المسلمون، إن مما ينفع الإنسان قبل سكنى الدار أن يختار الجار، ومن أعظم السعادة أن يوفق المسلم لجار صالح؛ فقد قال عليه الصلاة والسلام: (من سعادة المرء: الجار الصالح، والمركب الهنيء، والمسكن الواسع)"
ولو أخذنا بالمقولة فسيترك الكثيرون ديارهم بسبب الجيرة وإنما الواجب هو احتمال أذى الجيران إن وجد ومن الممكن أن يكون الجار الحسن قدوة للسيىء فيتخلى
إن المقولة هى تهرب من الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وهو واجب
وتحدث عن اختيار الزوجة فقال :
" قال بعض العلماء: لقد اختارت زوجة فرعون المؤمنة آسية بنت مزاحم عليها السلام الجارَ قبل الدار، كما قوله تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} "
والاستشهاد خاطىء فالجيرة هنا جيرة أخروية وهى ليست على هوى كل واحد
واستشهد على المقولة بقول الشاعر:
قال الشاعر:
يقولون قبل الدار جار موافق ... وقبل الطريق النهج أُنسُ رفيقِ
وقال الآخر: اطلب لنفسك جيراناً توافقهم ... لا تصلح الدار حتى يصلح الجار"
وتحدث عن أذى الجار مبينا وجوب الصبر عليه فقال :
"فإذا ابتلي الإنسان بجار سوء يؤذيه فعليه أن لا يرد الإساءة بمثلها، بل يردها بالصبر والعفو، والإحسان وبذل المعروف.

رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس