عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 17-06-2010, 04:33 PM   #2
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
أشكرك للغاية أخي العزيز إسماعيل على هذا الجهد العظيم الرائع الذي تبذله في هذه الخيمة التي تشرف بكتاباتك الجميلة فيها.وهذا االاهتمام بواحد من الشعراء الذين أهملتهم -وليس من البعيد أن نقول خانتهم- كتابات النقاد والشعراء يعكس إيمانك بالقيمة التي لا تكتسب وزنها من مدى ذيوعها وشهرتها وإنما من خلال صدقها وصفائها .
للشاعر الراحل قصيدة رائعة للغاية درسناها حينما كنا في المرحلة الإعدادية (المتوسطة) بعنوان سحر الخلود ، من أبياتها :
سبحي يا شمس باسم الخالقِ
واسكبي نورك في كل مكان ِ
وإذا ما قبّلت وجه المشرقِ
فاقرئي للنيل تاريخ الزمانِ
ها هنا يا مصر مجد لم يزل
يملأ صوته أسماع الليالي
أيقظ الدنيا صداه في الأزل
وله عاش الفراعين الأُوالي
ثم بعد ذلك يستخدم طريقة التنويع في استخدام التفعيلات والقوافي ليمزج تفعيلتين من بحرين
مختلفين ليقول :
نيلنا .. بارك الله سماه ورعاه
وبعده بيت على هذا الوزن والقافية ولكن ليس هو الذي كتبه أمثل له بهذا البيت من عندي:
عشقنا.. ساحر أركانه رحب الحياه
.
.
.
.
.

فاعف عني إذا هجوتك يا وجهي
فلازالت قدوة الصرحاء
إن تجهمت فالحياة عبوس
أو تهللت فهي نبع صفاء
وكفاني أني أعيش بوجه
واحد في السراء والضراء

وهذه الأبيات التي نقلتَها عنه فيها روعة من حيث الالتفات وتحويل الوجه إلى دلالة معنوية عن القلب والضمير وليس الوجه المادي المكون من الحواس الخمسة ، وإلى ذلك كان من جميل ما فعل أنه حوّل الهجاء إلى مدح بشكل غير مباشر وبشكل لا تشعر فيه بالفجوة ،وإنما هو استدرج القارئ -وربما هو يقصد الفتاة بهذا البيت- ليصل إلى هذا المعنى الإنساني الرائع الراقي.
والنزعة الرومانسية التي كانت سائدة آنذاك تبين لنا كيف اكتسبها برهافة حس وسار في فلكها الإنساني الجميل دونما أن ينسى هموم وطنه وأحزانه وأهله. وتيار مدرسة أبوللو والمهجر كان واضحًا تأثيره فيه ، وإن كان له في أسلوبه ما يميزه من حيث القابلية للدخول عالم الحداثة ،فعلى افتراض أنه مُدّ في عمره فكان من المتوقع أن ينضم إلى قافلة الشعراء الذين تناولوا الشعر بمختلف أشكاله التفعيلة والعمودي مع الحفاظ على مرجعية التاريخ واحترامه . ربما لو مُد في عمره لكان شاعرًا مثل فاروق شوشة ومحمد إبراهيم أبي سنة ، وغيرهما .
هذه النزعة الإنسانية لديه كان فيها -في بعض القصائد- متمكنًا من شفافية صوفية تكشف عن عذوبة هذه المشاعر التي تؤكد أن الإنسان هو تلك المقطوعة أو القصيدة التي تتمشى على الأرض.
أما ما قاله عنه العقاد :"لبذ أحمد شوقي" فهو يدل على مدى حقد العقاد على شوقي حتى إنه بات يترصد اللحظة التي يظهر فيها شاعر ينال شهرة أكثر من شهرة شوقي ، لكن الواقع هو أن الشعر ليس فيه مركز أول ومركز ثان ومركز ثالث .
شوقي مدرسة غير مدرسة أبوللو وأبوللو غير مدارس هذا العصر ، فكما لا يمكن مقارنة الخضروات باللحوم ولا الفواكه بالبقوليات ، فهذا العبث من جانب العقاد هو أداة لتشويه شوقي وإن ظهر للناس أنه به يمتدح الشرنوبي.
وسيظل الشرنوبي رحمه الله علامة لا تُمحى في تاريخ شعرنا العربي شاء من شاء وأبى من أبى وهو بذلك يعد امتدادًا لحلقات الوصل التي لو مُد في أعمارها لأعطت للبشرية-وفقًا لمعطيات كل عصر- لوحة فسيفسائيةأينما وكيفما وحيثما نظرت إلى ركن من أركانها سُحِرتَ بها وأدركت أننا أمام لوحة (جيوكاندا) شعرية!
أشكرك على هذا العطاء الفياض وأرجو أن أقرأ لك الكثير والكثير وأن تدلنا على المكتبات التي فيها كتابك وأنا له من المعانقين ، دمت مبدعًا ناقدًا ذواقًا وفقك الله .
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار





آخر تعديل بواسطة المشرقي الإسلامي ، 17-06-2010 الساعة 04:59 PM.
المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس