عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 04-05-2019, 10:59 PM   #1
محمد محمد البقاش
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2010
المشاركات: 203
إفتراضي المدرسة المَمْدَرية في النقد المَمْدَري (دراسة أكاديمية)

آخر موضوع: المدرسة المَمْدَرية في النقد المَمْدَري
(دراسة أكاديمية)

ـــــــــــــــــــــــ

وقبل أن أنهي دراستي راودني سؤالان ملحان وهما:
ــ أولا: إذا كان النقد المَمْدَري أو النقد الظليل نقدا للنصوص العربية بالتقعيد الذي وضعتُه له فلماذا لا ينسحب ذلك على النصوص غير العربية؟
ــ ثانيا: هل يمكن للنقد الممدري أو النقد الظليل بالتقعيد الذي وضعتُه له بقابلية أن ينسحب على الأعمال الأدبية المترجمة؟
والجواب على السؤال الأول أن النص الأدبي في لغته المكتوب بها لا ينتج إبداعا من جنس النقد المَمْدَري ما لم يكن الذي كتب النص والذي قرأه قراءة بادية منطوقة في شقها الأول أو مكتوبة في شقها الثاني قد فعلا بنفس اللغة المكتوب بها النص، فالنقد المَمْدَري أو النقد الظليل ركوب على إبداع سابق يَشترط صحة اللغة وسلامة التركيب، وشرط صحة اللغة وسلامة التركيب موجود في اللسان غير العربي، واللسان غير العربي أعجمي، والأعجمية صفة للسان ولا علاقة لها بالقومية، وما دام الأمر كذلك ففي اللسان غير العربي روائع في الشعر والقصة والرواية.. وهي نصوص أدبية ينسحب عليها ما ينسحب على النصوص العربية، والأمر هنا ليس للتقييم ولا للمفاضلة، ولا يعيبها شيء إلا أن يتناول الناقد المَمْدَري النصَّ ويبني عليه بلغة غير اللغة التي كُتب بها، وإذا فعل خرج من دائرة النقد الممدري إلى دائرة الترجمة، فتكون ترجمة فوق ترجمة، فالفرنسية والإسبانية مثلا لغتان يمكن أن يمارس بحق نصوصهما الأدبية النقد المَمْدَري ولكن بنفس اللغة الإسبانية والفرنسية شريطة أن يكون الناقد متقنا للغة المكتوب بها النص، وبذلك يمكن القول أن النقد المَمْدَري أو النقد الظليل ينسحب على سائر النصوص الأدبية سواء كانت عربية أو أعجمية، سواء كانت بلسان فرنسي أو إنجليزي أو باشتوني أو أمازيغي أو كردي أو روسي أو غيره.
فإذا أبدع المبدع شعرا باللغة الفرنسية مثلا ثم قرأ نصه بحضرة أديب أو مُتَذَوِّقٍ للنص الأدبي مُتْقنٍ للغة الفرنسية ولو لم يكن من القومية الفرنسية ولا الجنس الفرنسي ثم أبدع فوق ذلك النص كان في القراءة البادية للإبداع المنطوقة في شقها الأول، وإذا أخذ النص وقرأه دون حضور المبدع ثم شرع يبني عليه إبداعا آخر كان في القراءة البادية للإبداع في شقها الثاني، أي كان في القراءة الثانية المكتوبة، وهذان شرطان أساسيان للنقد المَمْدَري أو النقد الظليل يضاف إليهما بداهة الشرط الثالث وهو في الترتيب؛ اُلأول، إنه شرط ضرورة إتقان اللغة المكتوب بها النص، وبهذه التقنية البسيطة يصبح النص الأدبي الفرنسي نصا مورس عليه النقد المَمْدَري، وكان الذي فعل ذلك ناقدا مَمْدَرِيا.
ولا يقال بهذا الصدد أن ما عِبْتَه على النقاد سابقا بشأن الإسقاط قد وقعتَ فيه حين أقحمت النصوص غير العربية في النقد المَمْدَري لتجعل منها أدبا مَمْدَريا وهو إقحام معيب.
والجواب على ذلك أنني لم أمارس الإسقاط، لأن الإسقاط إتيان بمقاييس لنصوص غير عربية وإسقاطها على النص في الأدب العربي دون أن تكون هناك علاقة تجيز الإسقاط، وأنا هنا لا أبحث عن علاقة بديعية (نسبة إلى علم البديع) حتى تكون للنقد المَمْدَري في النصوص غير العربية مصداقية، كلا، فالنقد المَمْدَري أو النقد الظليل بالتقنية التي وضعتُها له مستقلّ عن أيّ تأثير، ولكنه عاشق للنصوص الأدبية، وما دام عاشقا للنصوص الأدبية عربية وعجمية فالنقد المَمْدَري يُعْنى بها شريطة أن يُنْظر إلى النص بنفس العين اللغوية التي كُتب بها ذلك النص، وهذا كاف لإدراك غياب الإسقاط، وكاف أيضا لإدراك إمكانية دخول النقد المَمْدَري على سائر النصوص الأدبية عربية وعجمية.
والجواب على السؤال الثاني أن الأعمال الأدبية المترجمة تنحو نحوين، تسير إلى نقل الأعمال الأدبية نقلا ناقصا، وتعمد إلى الإبداع الذي ينتج عن الإبداع المقروء لدى المترجم، وفي هذا ظهور نقص في نقل العمل الأدبي كما هو، وظهور لتعويض ذلك بإبداع جديد يأتي به المترجم، وهذا العنصر يدخل في القراءة البادية للإبداع في شقها الثاني، وبذلك يظهر النقد الممدري بهذا الشق.
وبما أن العمل المترجم عمل قد بُصم ببصمة المترجم سواء أتقن نقل الإبداع أم لم يتقنه؛ المهم أن العمل المنقول إلى غير لغته الأصلية عمل أدبي، ومادام عملا أدبيا فإنه يسري عليه ما سرى على غيره من الإبداع في النقد الممدري، وبه يدخل العمل المترجم إلى النقد الممدري والنقد الظليل ولكنه لا يلتفت إلى المبدع الأصلي، بل يركز على الترجمة، أي يركز على عمل المترجم، وعمل المترجم إبداع فوق إبداع، وهو بذلك يدخل النقد الممدري وينسحب عليه، صحيح أنه لا يستوفي جميع شروط النقد المَمْدَري والنقد الظليل ولكنه يأخذ بِثِنْتَيْ القاعدتين وهذا كاف لإحداث النقد المَمْدَري أي النقد الظليل والإتيان به وإبداعه.
وعليه فدخول النقد المَمْدَري الأدب الأعجمي المترجم وغير المترجم سواء كان فرنسيا أو صينيا أو روسيا أو إنجليزيا أو غيره يجعل من النص الأدبي الأعجمي نصا قد مورس عليه النقد المَمْدَري أي النقد الظليل، وكان الممارس له ناقدا مَمْدَرِيا بلسان أعجمي، وكان الذي يمارس النقد المَمْدَري أي النقد الظليل للنص الأدبي العربي ناقدا مَمْدَرِيا بلسان عربي وهكذا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ
الناقد المَمْدَري: محمد محمد البقاش
طنجة في: 23 فبراير 2019م
www.tanjaljazira.com
mohammed.bakkach @gmail.com

(1) الانصزالية: الانصزالية من: صهر، وعزل. الانصزالية كلمة مركبة من كلمتين هما: الانصهار، والعزل. وتعني تقنية الانصزال؛ تقنية الانصهار وتقنية التعازل.
والتقنية الانصزالية تقنية سردية تأخذ جرمين ممدريين أو أكثر وتصهرهم، وفي هذا الانصهار لجرمين ممدريين ظهور لتعازل الأجرام الممدرية لا يميزه إلا اللبيب المتذوق، فهو ليس كخلط الماء بالزيت يظهر كل جسم معزولا عن الآخر بعد فترة من توقف الخلط وركود السائلين، بل هو خلط ومزج لجرمين أدبيين يصعب فرزهما، يظهران في واحد، وهما اثنان، يمتزجان ويختلطان وينصهران حتى يبدوان وكأنهما جرم واحد، وهذه التقنية منوطة بالكاتب الذي يعمد إلى سرده فيتقن لعبة الانصزالية، وفي رأيي أنه إذا لم يستطع جعل المتلقي والقارئ حائرا شاكا مهزوزا لا يكاد يفرق ويميز بين الجرمين الأدبيين الممزوجين المختلطين المنصهرين، فإنه لم ينصزل. المصدر: ـ
الكتاب: النظرية الممدرية (في الفكر والأدب والفلسفة..) ـ النشرة الورقية الأولى (الطبعة الأولى): 2012 ـ الحقوق: محفوظة للمؤلف ـ الإيداع القانوني: 462 ـ 98 ـ ردمد: 1114 – 8640 ISSNـ الغلاف: للرسامة الإسبانية من أصل لبناني فاطمة سعيد مغير ـ السحب: ناسابريس بطوطة ـ حي بلير 17 رقم: 28B طنجة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
محمد محمد البقاش غير متصل   الرد مع إقتباس