عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 08-03-2010, 02:27 PM   #8
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي



النظرة للمرأة ودورها في تفكك الأسرة

والعالم يحتفل بيوم المرأة، لا بد لنا من المرور على الارتباك الحاصل في تحديد معالم النظرة العامة للمرأة في بلادنا، تلك النظرة التي لا تتساوى فيها مجموعة القيم (المتوقفة عن التطور) مع واقع الحال الذي تقتضيه ظروف التطور الحضاري وما يتبعها من تغيير كبير في ملائمة السلوك مع النظرة المضمرة والمختبئة في المخزون القيمي.

لتصويب النظرة تجاه المرأة علينا تجنب ميلين خاطئين: أولهما تحديد دور وحجم المرأة في المجتمع بحساب التفكير البرجوازي، الإقطاعي، الذي يركز على اعتبار أن دورها الأول والأخير هو البيت، ومعاملتها معاملة ثانوية، بما يسلب إنسانيتها ويفقدها روح الإبداع، ويعطل طاقاتها الفكرية. وثانيهما اعتبار بعض المظاهر السطحية لما يُسمى بالتطور في المجتمعات والدول المتقدمة في هذا المجال، وكأنه النموذج لحرية المرأة وتطورها.

وإسقاط هذين الميلين يعني تجاوز العقلية الإقطاعية والبرجوازية الاستبدادية المتخلفة والتي تنظر الى المرأة كأنها أداة لمتعة الرجل ورهينة لأهواءه ورغباته لاغيا فيها شخصيتها وكيانها ودورها في تحصين الأسرة وإعداد النشء، مثلما يشير الى رفض الأشكال الصورية والزائفة للتطور السطحي، الذي لا ينفذ الى جوهر المسائل، ويكتفي بالتعامل مع ظواهرها الخارجية.

إن الدور الصحيح للمرأة لا يتحقق بحركة عفوية، أو عبر سياق الاستسلام لمسيرة الزمن، وانتظار نتائج حركتها ودورانها، بل ان ذلك يقتضي تفاعل مجموعة من الشروط، وأن تلعب فيها حركة الثقافة الوطنية دوراً بارزا، لكي تكون المحصلة المحسوبة للحركة الكلية للمجتمع، تحولاً نوعياً ناضجاً، بعيداً عن الشكل الخجول والمائل للنفاق وعدم الاقتناع.

وإقرار ذلك، لا يتم في معزل عن تصويب أوضاع المجتمع كله سياسياً واقتصادياً وثقافيا الخ، لأن تصويب وضع المجتمع سيوفر الشروط اللازمة لتصويب وضع المرأة، وتخلصها من قيود التخلف والتأخر.

هذا لا يمكن الوصول إليه بالتشريعات وحدها، ولا يمكن السرعة فيه لمجرد الرغبة، ولو أخذنا مثال الصين تلك الدولة الكبيرة والتي تعادل ربع سكان العالم تقريباً، وهي إن كان الفكر الظاهر لها فكراً مادياً شيوعياً، فإنها لم تستطع التخلص من طبائعها الشرقية، ففي الوقت الذي كان الصينيون يطلقون المثل القائل ( الدجاجة لها القن .. والديوك وحدها التي تصيح وقت الفجر)، في إشارة واضحة للنظرة الذكورية المتفوقة تجاه المرأة، واليوم وبعد أن وصلت المرأة الصينية الى مصاف الرجل، حيث تحتل نساء الصين المرتبة الأولى في أعداد البرلمانيات (25%) من النساء (وهي أعلى نسبة في العالم).

لكن مع ذلك لا تزال الأسرة الصينية تنظر للمولود الذكر نظرة مفضلة على الأنثى، ولما كان القانون الصيني يسمح للأسرة الواحدة بطفل واحد، فإن كل بيت يحتفظ بجهاز للكشف عن نوع الجنين، فإن كانت أنثى تم إجهاضها، ويتوقع المراقبون أن نسبة الذكور في الصين بعد عقدين من الزمن ستكون 1:2، فيما لو بقيت تلك النظرة سائدة.

إن المبالغة في الإسراع بتصويب وضع المرأة لا تقل خطورة عن المبالغة في كبتها والحجر عليها. لقد كانت المرأة قبل التطور التقني والإعلامي، تعمل في الزراعة والنسيج وغيره من الأعمال، وتستقبل الضيوف وتزور الجارات وتسهم بشكل عفوي بكل حركات المجتمع. واليوم بإمكانها التكيف مع متغيرات الحضارة بما يتوافق مع القاعدة الخلقية التي تنظم السلوك، لكن دون ابتذال ودون مراقبة حثيثة بطريقة تشعرها وكأنها مخلوق قاصر أو لص يتحين الفرصة للقيام بسرقة شيء ما.

هذا الأمر منوط بالمثقفين والمثقفات للتأشير على ما يجعل تطور النظرة الإيجابية مرافقاً ومحاذياً للضرورات الحضارية. وبعكسه فإن الخلاف بين الزوج وزوجته والوالد وابنته والشقيق وشقيقته قائماً، ويكدر صفو علاقات الأسرة بكونها حاضنة سليمة لتنشئة الجيل الجديد دون مثبطات لنموه بشكل سوي.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس