عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 14-03-2008, 06:00 AM   #59
الوافـــــي
عضو شرف
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 30,397
إرسال رسالة عبر MSN إلى الوافـــــي
إفتراضي


{الرسول صلى الله عليه وسلم مفتيا }


{ويسْتفْتُونك فِي النساء قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ }النساء 127.

يطاوعه اللفظ العصي إذا قضى = ويسعفه الرأي الأصيل إذا جرى
إذا ظن ظناً قلت صبحٌ مؤلقٌ= كأنه صريح البرق من ظنه سرى


كان عليه الصلاة والسلام مؤيدا من ربه في علم الفتيا، فقد فتح الله عليه أبواب المعرفة وكنوز الفهم، فكان عنده جواب لكل سائل على حسب حاله وما يصلح له وما ينفعه في دنياه وأخراه. كان الجواب ثوبا مفصلا على السائل يفصله تماما على الذي أحسن، مع جمال الأداء وبهاء الإلقاء ومتعة التلقي منه، فكأنه قرأ حياة السائل قبل أن ياتيه، وألم بدخائله ومذاهبه قبل أن يستفتيه، وما ذاك إلا لقوة أنوار النبوة وبركة الوحي وأثر التوفيق والفتح الرباني.
يسأله شيخ كبير أدركه الهرم وأضناه الكبر عن عمل يداوم عليه، فأفتاه بعمل يسير يناسب حاله على أفضل عمل وأسهل عبادة وأيسر طاعة، في لفظ وجيز، ول كان غيره لربما أوصى الرجل بالاجتهاد في الطاعة واغتنام آخر العمر بالجد في العبادة مع إغفال ضعفه وإهمال شيخوخته.

وانظر ما أجمل كلمة:" لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله" أخرجه أحمد [17227، 17245] والترمذي 3375 وابن ماجه 3793 وانظر المشكاة 2279. وما فيها من حسن تصوير وبراعة عرض وطلاوة عبارة تهيج السامع على هذا العمل الجليل.

وجاءه غيلان الثقفي، وكان قوي البنية ضخم الأعضاء صلب الجسم، فسأله عن عمل يتقرب به الى الله تعالى، فقال:" عليك بالجهاد في سبيل الله" (لم يجد تخريجه)، فانظر لحسن اختياره للعمل وملاحظته استعداد الرجل وما يصلح له ويناسب حاله، فيا لها من فطنة باهرة وحكمة عامرة.

وسأله أبو ذر ـ وكان غضوبا حاد الطباع ـ أن يوصيه فقال:" لا تغضب" ثلاثا، أخرجه البخاري 6116 عن أبي هريرة رضي الله عنه. فكان هذا دواءه وعلاج حالته وبلسم حاله الذي لا يصرف إلا من صيدلية النبوة المباركة. وصارت هذه الكلمة قاعدة من قواعد الدين وأصلا من أصول الشريعة.

ويرى أبا موسى الأشعري يصعد جبلا فيقول له:" عليك بلا حول ولا قوة إلا بالله، فإنها كنز من كنوز الجنة" أخرجه البخاري [ 4205، 6610] ومسلم 2704. فهذه الكلمة تناسب صعود الجبال وحمل الأثقال، لأن فيها البراءة من قوة العبد وحوله وطلب المعونة من الله والمدد، فما أحسن الاختيار في هذا الإرشاد مع مراعاة مقتضى المقام.

ويرى صلى الله عليه وسلم ضعف أبي ذر وقلة تحمله فيأمره باجتناب الإمارة، لأنه ضعيف، وهي أمانة وخزي وندامة يوم القيامة، لن مثل أبي ذر له أبواب في الخير يجيدها غير باب الولاية، فانظر لفطنته صلى الله عليه وسلم ومعرفته بمواهب الناس{إِنْ هُو إِلا وحْيٌ يُوحى (4) } النجم.

__________________



للتواصل ( alwafi248@hotmail.com )
{ موضوعات أدرجها الوافـــــي}


الوافـــــي غير متصل   الرد مع إقتباس