عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 15-03-2009, 04:59 PM   #7
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي


مكونات الهوية

أبسط تعريف للهوية الفردية هو: تعريف الشخص لنفسه، إذا ما سُئِل هل أنت؟ ويشير التعريف القاموسي الى أن مفهوم الهوية Identity، "ماهية ـ ما هوية " يعني كون نفس الشيء أو شبيهه المماثل، جوهر ثابت، ولها ثلاث معانٍ: ذات الفرد، الشخص، حال.

فيما يخص الهوية الثقافية، تتحرك الهوية الثقافية على ثلاث دوائر متداخلة ذات مركز واحد: الهوية الفردية، والهوية الجماعية، والهوية الوطنية أو القومية، فالفرد عبارة عن: هوية متميزة ومستقلة، وعبارة عن (أنا) لها (آخر) داخل الجماعة نفسها، والجماعة أنا خاصة بها، وآخر من خلاله وعبره تتعرف على نفسها بوصفها ليست إياه.

والهوية الثقافية: موضوع صيرورة شأن الوجود (Being) وهي موضوع ينتمي للماضي، وتنبثق الهويات الثقافية في أماكن لها تاريخ، تاريخ من يعانون ويكابدون التحول الدائم، فهي بعيدة أن تكون ثابتة بشكل ثابت في الماضي، والهويات هي: أسماء نطلقها على طرق مختلفة، افترضناها أنفسنا في داخل وأحاديث الماضي*1

وبدون هوية اجتماعية، يغترب الأفراد عن بيئاتهم الاجتماعية والثقافية، بل و عن أنفسهم تماما، وبدون تحديد واضح للآخر، لا يمكنهم تحديد هوياتهم الاجتماعية، وكما يشير " برهان غليون " لا تستطيع الجماعة أو الفرد إنجاز مشروع ـ مهما كان نوعه أو حجمه ـ دون أن تعرف نفسها، وتحدد مكانها ودورها، وشرعية وجودها كجماعة متميزة تعرف ما هي؟ وما تريده، وما تريد أن تكون عليه؟ فقبل أن تغير وتنهض لا بد لها من أن تكون ذاتاً أي إرادة*2

إشكالية الهوية

الهوية مفتوحة لا مغلقة:

لم تنتج هوية الجماعة الإنسانية مرة واحدة، والى الأبد، إنما تستمر صيرورة الهوية وتشكلها، فهي لا تاريخية، ويعني ذلك الإغناء المستمر للمفهوم وانفتاحه على مختلف التجارب الإنسانية للفرد، والجماعة، والعالم. وربما تزداد الأوزان النسبية لعنصر أو عناصر في تكوين الهوية الفردية أو الجماعية، وقد تنقص درجة الانجذاب للماضي حسب الجهات التي تنفتح عليها الهوية.

أزمة الهوية Identity Crisis

ثمة اتفاق على أن: ظاهرة طرح هوية الفرد أو الجماعة على المحك، تعبر عن وجود أزمة بنيوية. تعاني الذات/ النحن انجراحاتها، وتشكك في وجودها وسلامة معتقدها، ونجاعة خياراتها الرئيسية في التعامل مع العالم.

ويشير " محمد حسنين هيكل " الى واقع أزمة الهوية بقوله: ( العالم العربي فقد الإحساس لهويته، وتملكه نزعات القبائل المتحاربة، ونتيجة ذلك: فقد ضاع منه جامعه المشترك، ومواقفه المشتركة، وهدفه المشترك)*3

واهتزاز الثقة بالهوية يتأثر بالظروف المحيطة والأحداث الجارية، ويشير الى ذلك " محمود العالم " بقوله: (لا يثار سؤال الهوية في بلد من البلدان إلا حين تكون الهوية في أزمة مجتمعية كاملة)*4

جدل الذات/ الآخر

تنطوي عملية تحديد هوية الذات ـ بالضرورة ـ على إنتاج الآخر، وكأن الآخر هو مرآة الذات التي تتعرف فيها على نفسها. الآخر بهذا المعنى من صنع الذات، وبالمثل لا ترى الذات نفسها إلا عندما يراها الآخر.[ بالإمكان الرجوع الى عرضنا لكتاب: صورة الآخر: العربي ناظرا ومنظورا إليه].

ضغوط العولمة على الهوية الثقافية العربية

يتفاوت موقف المفكرين العرب من توصيف تأثير العولمة في الهوية العربية، فبعضهم يبالغ في تأثيره، وبعضهم يرى في تلك المبالغة تعبيرا عن عجز وخوف لا مبرر لهما.

هناك من يرى في الثقافة ميدانا لمعارك ثقافية بين الخاص والعالمي، وقد يستفز العالمي خصائص الخاص، فيجعل المدافعين عن الخاص يتمترسون خلف خصوصيتهم يعيدون استنطاقها وترميمها لتكون مستعدة للوقوف أمام العالمي الذي يريد أن يبتلعها ويزيل خصائصها.

الهوية الثقافية العربية: أزمة الواقع، مسارات المستقبل:

إذا كانت الهوية العربية ذات تراث إنساني عريق وقيم إنسانية سامية، فإن إحياءها يُعَدُ ضرورة للمستقبل، وبوصلة للتربية، ثمة اتفاق حول دلالة مفهوم " الهوية القومية " للمجتمعات العربية، مع اختلاف الصيغة، إلا أن المحمول يظل واحدا.

ففي حين يراها البعض (محمد جابر الأنصاري) بأنها مخزون وموروث جمعي تاريخي طويل الامتداد في الزمان والمكان، مليء بالأمجاد والإيجابيات والتناقضات والتعارضات ضمن تجربة الأمة العربية الطويل*5

يرى البعض الآخر (محمد عابد الجابري) : أن التعددية الثقافية في الوطن العربي واقعة سياسية لا يجوز القفز عليها، بل بالعكس، لا بد من توظيفها في إناء وإخصاب الثقافة العربية القومية وتوسيع مجالها الحيوي*6

ثمة ملاحظة مهمة: العرب أمة موجودة بالقوة لا بالفعل، موحدون وجدانيا ونفسيا، متفرقون واقعيا. أي أننا لسنا لدينا جهاز نفسي واحد، وشخصية معنوية مشتركة، ولكن لدينا 22 أمة عربية على أرض الواقع متمثلة في طغيان الدولة القطرية.



هوامش (من تهميش المؤلف)
*1ـ جورج لارين: الأيديولوجية والهوية الثقافية/ ترجمة: فريال خليفة/ القاهرة: مكتبة مدبولي 2003 صفحة 268.

*2ـ برهان غليون: اغتيال العقل/ القاهرة: مكتبة مدبولي 1990ص 32
*3ـ محمد حسنين هيكل: العرب على أعتاب القرن 21/ مجلة المستقبل العربي/مركز دراسات الوحدة العربية 1994/عدد شهر12 ص 25

*4ـ محمود أمين العالم: الفكر العربي بين الخصوصية والكونية/ دار المستقبل العربي: القاهرة 1995 ص 27.

*5ـ محمد جابر الأنصاري: أية هوية عربية في عصرٍ لا سابق له؟ / مجلة شؤون عربية ـ جامعة الدول العربية عدد115 سنة 2003

*6ـ محمد عابد الجابري: العولمة والهوية الثقافية / مجلة المستقبل العربي/مركز دراسات الوحدة العربية 1998/عدد 228 ص 22
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس