عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 17-08-2009, 07:38 PM   #30
فرحة مسلمة
''خــــــادمة كــــــتاب الله''
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2008
المشاركات: 2,952
إفتراضي

تابع
أحمزة يسلم ..؟؟
أعز فتيان قريش و أقواهم شكيمة ..؟؟
إنها الطامَّة التي لن تملك قريش لها دفعاً .. فإسلام حمزة سيغري كثيرين من الصفوة بالإسلام ، و سيجد " محمد " حوله من القوة و البأس ما يعزز دعوته و يشد أزره ، و تصحو قريش ذات يوم على هدير المعاول تحطِّم أصنامها و آلهتها ..!!
أجل .. أسلم حمزة ، و أعلن على الملأ الأمر الذي كان يطوي عليه صدره ، و ترك الجمع الذاهل يَجتَّرُ خيبة أمله ، و أبا جهل يلعق دماءه النازفة من رأسه المشجوج .. و مدَّ " حمزة " يمينه مرَّة أخرى إلى قوسه فَثَّبتها فوق كتفه ، و استقبل الطريق إلى داره في خطواته الثابتة ، و بأسه الشديد..!
* * *
كان حمزة يحمل عقلاً نافذاً ، و ضميراً مستقيماً..
و حين عاد إلى بيته ، و نضا عنه متاعب يومه، جلس يفكِّر ، و يدير خواطره على هذا الذي حدث من قريب ..
كيف أعلن إسلامه .. و متى ..؟؟
لقد أعلنه في لحظةٍ من لحظات الحَميَّة ، و الغضب ، و الانفعال ..
لقد ساءه أن يساء ابن أخيه ، و يظلم دون أن يجد له ناصراً ، فغضب له ، و أخذته الحميَّة لشرف بني هاشم ، فشَجَّ رأس أبي جهل و صرخ في وجهه بإسلامه ..
و لكن ، هل هذا هو الطريق الأمثل لكي يغادر الإنسان دين آبائه و قومه.. دين الدهور و العصور .. ثم يستقبل ديناً جديداً لم يختبر بعد تعاليمه ، و لا يعرف عن حقيقته إلا قليلاً .
صحيح أنه لا يشكُّ لحظة في صدق " محمَّد" و نزاهة قصده ..و لكن أيمكن أن يستقبل امرؤٌ ديناً جديداً ، بكل ما يفرضه من مسؤوليات و تبعات ، في لحظة غضب ، مثلما صنع " حمزة " الآن ..؟؟
لقد كان يطوي صدره على احترام هذه الدعوة الجديدة التي يحمل ابن أخيه لواءها..
و لكن ، إذا كان مقدوراً له أن يكون أحد أتباع هذه الدعوة ، المؤمنين بها ، و الذائدين عنها .. فما الوقت المناسب للدخول في هذا الدين ..؟
لحظة غضب و حميَّة ..؟ أم أوقات تفكير و روية ..؟؟
و هكذا فرضت عليه استقامة ضميره ، و نزاهة تفكيره أن يُخضِع المسألة كلَّها من جديد لتفكير صارم و دقيق..
و شرع يفكِّر .. و قضى أياماً ، لا يهدأ له فيها خاطر .. و ليالي لا يرقأُ له فيها جفن ..
و حين ننشد الحقيقة بواسطة العقل ، يفرض الشك نفسه كوسيلة إلى المعرفة ..
و هكذا ، لم يكد " حمزة " يستعمل عقله في بحث قضية الإسلام ، و يوازن بين الدين القديم ، و الدين الجديد ، حتى ثارت في نفسه شكوك أزجاها الحنين الفطري الموروث إلى دين آبائه ..و التهيب الموروث إلى دين آبائه .. التهيب الفطري الموروث من كل جديد..
و استيقظت كل ذكرياته عن الكعبة ، و آلهتها ، و أصنامها .. و عن الأمجاد الدينية التي أفاءتها هذه الآلهة المنحوتة على قريش كلِّها، و على مكة بأسرها ..
و بدا الانسلاخ من هذا التاريخ كله .. و هذا الدين العريق .. هوَّة تتعاظم مُجتازَها ..
و عجب " حمزة " كيف يتسنَّى لإنسان أن يغادر دين آبائه بهذه السهولة و هذه السرعة .. و ندم على ما فعل .. و لكنه واصل رحلة العقل .. و لما رأى أن العقل وحده لا يكفي لجأ إلى الغيب بكل إخلاصه و صدقه ..
و عند الكعبة ، كان يستقبل السماء ضارعاً ، مبتهلاً ، مستنجدا بكل ما في الكون من قدرة و نور ، كي يهتدي إلى الحق و إلى الطريق المستقيم ..
و لنصغ إليه و هو يروي بقية النبأ فيقول :
[ .. ثم أدركني الندم على فراق دين آبائي و قومي ..و بتُّ من الشك في أمر عظيم لا أكتحل بنوم ..
" ثم أتيت الكعبة ،وتضرَّعت إلى الله أن يشرح صدري للحق ، و يُذهبَ عني الريب ..فاستجاب الله لي و ملأ قلبي يقيناً..
" و غدوت إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فأخبرته بما كان من أمري ، فدعا الله أن يثبت قلبي على دينه…]
و هكذا أسلم " حمزة " إسلام اليقين..
* * *
أعزَّ الله الإسلام بحمزة …و وقف شامخاً قوياً يذود عن رسول الله و عن المستضعفين من أصحابه..
و رآه أبو جهل يقف في صفوف المسلمين ، فأدرك أنها الحرب لا محالة ، و راح يحرض قريشً على إنزال الأذى بالرسول و صحبه ، و مضى يهيئ لحرب أهلية يشفي من خلالها مغايظه و أحقاده..
و لم يستطع حمزة - طبعاً- أن يمنع كل الأذى .. و لكن إسلامه مع ذلك كان وقاية و درعاً .. كما كان إغراء ناجحاً لكثير من القبائل التي قادها إسلام حمزة أولاً ، ثم إسلام عمر بن الخطاب بعد ذلك إلى الإسلام فدخلت فيه أفواجاً ..!!
و منذ أسلم " حمزة " نَذَرَ كل عافيته ، و بأسه ، و حيلته، لله و لدينه حتى خلع النبي عليه هذا اللقب العظيم:
[أسد الله ، و أسد رسوله]…
و أول سرية خرج فيها المسلمون للقاء عدو، كان أميرها " حمزة " …
و أول راية عقدها رسول الله صلى الله عليه و سلم لأحد من المسلمين ، كانت لحمزة..
و يوم التقى الجمعان في غزوة " بدر " ، كان أسد الله و أسد رسوله هناك يصنع الأعاجيب…!!
* * *
و عادت فلول قريش من بدر إلى مكة تتعثَّر في هزيمتها و خيبتها .. و رجع أبو سفيان مخلوع القلب ، مطأطئ الرأس ، وقد خلف على أرض المعركة جثث سادة قريش ، من أمثال أبي جهل .. و عتبة بن ربيعة ..وشيبة بن ربيعة .. وأمية بن خلف .وعقبة بن أبي معيط ..والأسود بن عبد الأسد المخزومي ..والوليد بن عتبة ..والعاص بن سعيد .. والنصر بت الحارث .. والعاص بن سعيد .. وطعمة بن عدي ..وعشرات مثلهم من رجال قريش و صناديدها .
وما كانت قريش لتتجرع هذه الهزيمة المنكرة في سلام ..فراحت تعد عدتها ،وتحشد بأسها ويأسها ،لتثأر لنفسها ولشرفها ولقتلاها .. وصممت قريش على الحرب
* * *
وجاءت غزوة " أحد"حيث خرجت قريش على بكرة أبيها ، ومعها حلفاؤها من قبائل العرب ، بقيادة أبي سفيان مرة أخرى وكان زعماء قريش يهدفون بمعركتهم الجديدة هذه
إلى رجلين اثنين : الرسول عليه صلاة الله وسلامه .. وحمزة رضي الله عنه وأرضاه ..
أجل… والذي كان يسمع أحاديثهم ومؤامراتهم قبل الخروج للحرب ، يرى كيف كان "حمزة" بعد الرسول بيت القصيد وهدف المعركة .. ولقد اختاروا قبل الخروج ، الرجل الذي وكلوا إليه أمر حمزة ،وهو عبد حبشي ، كان ذا مهارة خارقة في قذف الحربة..
جعلوا كل دوره في المعركة أن يتصَّيد " حمزة " ويصوِّب إليه ضربة قاتلة من رمحه ،
وحذروه من أن ينشغل عن هذه الغاية بشيء آخر ، مهما يكن مصير المعركة واتجاه القتال
ووعدوه بثمن غالٍ وعظيم ـ هو : حريته ..فقد كان الرجل واسمه " وحشي " عبداً لجبير بن مطعم .. وكان عم جبير قد لقي مصرعه يوم بدر فقال له جبير :
[ اخرج مع الناس وإن أنت قتلت حمزة فأنت عتيق ] …!
ثم أحالوه إلى " هند بنت عتبة " زوجة أبي سفيان لتزيده تحريضاً و دفعاً إلى الهدف الذي يريدون ..
و كانت هند قد فقدت في معركة بدر أباها ، و عمها ، و أخاها ،و ابنها ..و قيل لها إن " حمزة " هو الذي قتل بعض هؤلاء ,و أجهز على البعض الآخر ..
من أجل هذا كانت أكثر القرشيين و القرشيات تحريضاً على الخروج للحرب ، لا لشيء إلا لتظفر برأس حمزة مهما يكن الثمن الذي تتطلبه المغامرة ..!!و لقد لبثت أياماً قبل الخروج للحرب ، ولا عمل لها إلا إفراغ كل حقدها في صدر " وحشي " و رسم الدور الذي عليه أن يقوم به .. و لقد وعدته إن هو نجح في قتل حمزة بأثمن ما تملكه المرأة من متاع و زينة- فلقد أمسكت بأناملها الحاقدة قرطها اللؤلؤي الثمين و قلائدها الذهبية التي تزدحم حول عنقها ، ثم قالت و عيناها تحدقان في وحشي : [ كل هذا لك إن قتلت حمزة ] …‍‍‍‍‍‍ و سال لعاب وحشي .. و طارت خواطره تواقة مشتاقة إلى المعركة التي سيربح فيها حريته ، فلا يصير بعد عبداً أو رقيقاً ، و التي سيخرج منها بكل هذا الحلي الذي يزين عنق زعيمة نساء قريش ، و زوجة زعيمها و ابنة سيدها ..‍‍‍‍‍‍
كانت المؤامرة إذن ..و كانت الحرب كلُّها تريد " حمزة " رضي الله عنه بشكل واضح و حاسم .
* * *
__________________








فرحة مسلمة غير متصل   الرد مع إقتباس