عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 16-01-2020, 10:54 AM   #2
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,907
إفتراضي نقد كتاب تسلية نفوس النساء والرجال عند فقد الأطفال

ثم حكى لنا روايات الرضاعة فى الجنة فقال :
"وقد روي أنهم يرضعون من شجرة طوبى وروى ابن أبي حاتم بإسناده عن خالد بن معدان قال: إن في الجنة شجرة يقال لها: طوبى ضروع كلها ترضع صبيان أهل الجنة، وإن سقط المرأة يكون في (نهر من) أنهار (الجنة) يتقلب فيه حتى يوم القيامة، فيبعث ابن أربعين سنة كذا قال وفي حديث المقدام بن معدي كرب المرفوع: إن ما بين السقط والهرم، يبعثون أبناء ثلاثين سنة وفي رواية: أبناء ثلاث وثلاثين وروى ابن أبي الدنيا بإسناده عن خالد بن معدان قال: إن في الجنة شجرة يقال: لها طوبى كلها ضروع، فمن مات من الصبيان الذين يرضعون يرضع من طوبى وحاضنهم إبراهيم عليه السلام وروى الخلال بإسناده عن عبيد بن عمير : إن في الجنة شجرة لها ضروع كضروع البقر، يغذى به ولدان أهل الجنة، حتى إنهم يستنون كاستنان البكارة"
هنا الرضاعة للأطفال فى الجنة من شجرة وهو ما يناقض وجود مراضع أى نسوة ترضع كما حكى فى الروايات التالية:
"وبعض الأطفال له مرضع في الجنة، مثل إبراهيم ابن رسول الله (ص)؛ فإنه لما مات قبل أن يفطم قال النبي (ص): إن له مرضعا في الجنة تكمل رضاعه فيها وفي رواية: " ظئرا" وفي رواية: إن له مرضعين يكملان رضاعه في الجنة، وكان النبي (ص) قد حضره وهو يكيد بنفسه، فدمعت عيناه (ص) وقال: تدمع العين ويحزن القلب، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، والله يا إبراهيم إنا بك لمحزونون وفي رواية: ولولا أنه أمر حق، ووعد صدق، وأنها سبيل مأتية، وأن آخرنا سيلحق بأولنا لحزنا عليك حزنا هو أشد من هذا"
وحكى ابن رجب الرواية التالية:
"وروى ابن أبي الدنيا في كتاب العزاء، من حديث زرارة بن أوفى، أن النبي (ص) عزى رجلا على ابنه فقال الرجل: يا رسول الله ، أنا شيخ كبير وكان ابني قد أجزا عنا فقال: أيسرك، قد نشر لك، أو يتلقاك من أبواب الجنة بالكأس؟ قال: من لي بذاك يا رسول الله؟ قال: الله لك بهن ولكل مسلم مات له ولد في الإسلام"
هنا الأطفال لا يخرجون من الجنة وإنما يستقبلون ألاباء والأمهات على الأبواب وهو ما يناقض خروجهم منها فى الروايات التالية:
"وبإسناده عن عبيد بن عمير قال: إذا كان يوم القيامة خرج ولدان المسلمين من الجنة بأيديهم الشراب، فيقول الناس: اسقونا اسقونا فيقولون: أبوينا أبوينا حتى السقط محبنطيا بباب الجنة يقول: لا أدخل حتى يدخل أبواي وفي المعنى حديث مرفوع من رواية ابن عمر لكن إسناده لا يصح وهو باطل، قاله أبو حاتم الرازي وفي المعنى رؤيا إبراهيم الحربي المشهورة حتى صار يتمنى موت ابنه ومات قبل البلوغ ، وروى البيهقي بإسناده عن ابن شوذب ، أن رجلا كان له ابن لم يبلغ الحلم، فأرسل إلى قومه: إن لي إليكم حاجة: إني أريد أن أدعو على ابني هذا أن يقبضه الله، وتؤمنون فسألوه عن ذلك، فأخبرهم أنه رأى في نومه كأن الناس جمعوا إلى القيامة، فأصاب الناس عطش شديد، فإذا الوالدان قد خرجوا من الجنة معهم الأباريق، فأبصرت ابن أخ لي فقلت: يا فلان اسقني فقال: يا عم إنا لا نسقي إلا آباءنا قال فأحببت أن يجعل الله ولدي هذا فرطا لي فدعا فأمنوا فلم يلبث الغلام إلا يسيرا حتى مات "
الخطأ هنا هو خروج من دخل الجنة منها وهو ما يناقض أن من يدخلها لا يخرج منها أبدا كما قال تعالى" إن المتقين فى جنات وعيون ادخلوها بسلام آمنين ونزعنا ما فى صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين لا يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين"
وحكى الروايات التالية:
"وفي أكثر الأحاديث ذكر الثلاثة والاثنين وفي بعضها وأظن لو قلنا وواحدا لقال: وواحدا خرجه أحمد من حديث جابر وقد جاء ذكر الواحد في حديث، خرج الترمذي وغيره من حديث ابن مسعود مرفوعا: من قدم ثلاثة لم يبلغوا الحنث كانوا له حصنا حصينا فقال أبو ذر: قدمت اثنين فقال: واثنين فقال أبي بن كعب: قدمت واحدا قال: وواحدا، ولكن إنما ذاك عند الصدمة الأولى وفي الترمذي عن ابن عباس، عن النبي (ص): من كان له فرطان من أمتي أدخله الله بهما الجنة فقالت عائشة: ومن كان له فرط من أمتك قال : ومن كان له فرط من أمتي يا موفقة قالت: فمن لم يكن له فرط من أمتك؟ قال: فأنا فرط أمتي، لن يصابوا بمثلي ويشهد له قوله (ص) في آخر خطبة خطبها: (إني فرطكم على الحوض) ، يشير إلى أنه يتقدمهم ويسبقهم إلى الحوض، وينتظرهم عنده
وفي حديث مرسل خرجه ابن أبي الدنيا: من مات ولم يقدم فرطا لم يدخل الجنة إلا تصريدا فقيل: يا رسول الله، وما الفرط؟ قال: الولد وولد الولد والأخ يؤاخيه في الله عز وجل فمن لم يكن له فرط، فأنا له فرط
وفي حديث عبد الرحمن بن سمرة، في ذكر المنام الطويل عن النبي (ص): ورأيت رجلا من أمتي خف ميزانه، فجاءته أفراطه الصغار فثقلوا ميزانه"

الخطأ كون النبى فرطا وسلفا لأمته بمعنى أنه ينفعها بشىء وكون الطفل فرط أبيه أو أمه أى نافع لهم فى القيامة و هو ما يناقض أن كل فرد فى الأمة ما ينفعه هو سعيه الصالح مصداق لقوله تعالى "وأن ليس للإنسان إلا ما سعى"
ثم روى الرواية التالية:
"وعن داود بن أبي هند قال: رأيت في المنام كأن القيامة قد قامت، وكأن الناس يدعون للحساب فقدمت إلى الميزان، فوضعت حسناتي في كفة وسيئاتي في كفة، فرجحت السيئات على الحسنات، فبينا أنا كذلك مغموم، إذ أتيت بشيء كالمنديل أو كالخرقة البيضاء، فوضعت في حسناتي (فرجحت على السيئات) فقيل لي: تدري ما هذا؟ قلت: لا قال: سقط كان لك قلت: إنه قد كانت لي صبية ابنة لي فقيل لي: تيك ليست لك؛ لأنك كنت تتمنى موتها وفي هذا إشارة إلى أن الميزان إنما يثقل بما يثقل على النفوس: من المصائب ويشق، فأما ما لا يثقل عليها ولا يشق لمن يتمنى موته من أولاده فلا يثقل به الميزان"
والخطأ وجود ما يسمى الميزان صاحب الكفتين ويخالف هذا أن الحكم لا يصدر بالوزن هنا وإنما يصدر للإنسان بمجرد تسلمه لكتابه فمن يتسلم ياليمنى يدخل الجنة ومن يتسلم بالشمال يدخل النار وفى هذا قال تعالى بسورة الحاقة "فأما من أوتى كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه إنى ظننت أنى ملاق حسابيه فهو فى عيشة راضية فى جنة عالية قطوفها دانية كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم فى الأيام الخالية وأما من أوتى كتابه ولم أدر ما حسابيه يا ليتها كانت القاضية "

"قال ابن أسلم : مات ابن لداود عليه السلام فحزن عليه حزنا شديدا فأوحى الله (إليه) : ماذا كنت مفتديه؟ قال: بطلاع الأرض ذهبا قال: فأوحى الله إليه: إن لك عندي من الأجر بحساب ذلك وفي رواية قال: يا داود ما كان يعدل هذا الولد عندك؟ قال: كان يعدل عندي ملء الأرض ذهبا قال: فلك يوم القيامة عندي ملء الأرض ثوابا "

الخطأ ان الله يعطى داود(ص) يوم القيامة ملء الأرض ثوابا وهو تخريف فالثواب ليس شىء يملء المكان وإنما هو عدد الحسنات التى يأخذها كما قال تعالى "من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها " وأكثر الثواب 1400 حسنة كما قال تعالى "مثل الذين ينفقون أموالهم فى سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل فى كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء "ومن ثم لا يوجد ثواب كما فى الرواية ثم روى الرجل رواية يتمنى فيها الرجل موت أخيه قبله كما سبق أن روى رواية يتمنى فيها الرجل موت ابنه ليكون سببا لدخوله الجنة فقال:
"وفي مراسيل الحسن، أن النبي (ص) سمع رجلا يقول: لأن أموت قبل أخي أحب إلى فقال: لأن يكون لك أحب إليك من أن تكون له
قال الحسن: علموا أن ما لهم من أهاليهم (إلا) ما قدموا أمامهم وكذا قال عمر بن عبد العزيز وغيره ويشهد له حديث: الرقوب من لم يقدم ولدا"

وهذا الكلام هو كلام من لا يفهم أن الله قدر المقادير وأن التمنى لن يغير المقادير كمواعيد الموت ومن ثم فهو أمر محرم
وبعد ذلك هذا كتب ابن رجب الحنبلى فقرة للتسرية امن فقدوا أولادهم فى الدنيا فقال :
"سبحان من لا يحصي العباد نعمه وربما كانت نعمه فيما يسوء أكثر من نعمه فيما يسر كما قيل:
إذا مس بالسراء عم سرورها وإن مس بالضراء أعقبها الأجر
وما فيهما إلا له فيه نعمة تضيق بها الأوهام والبر والبحر
لما كان للمؤمن داران: دار يرتحل منها، ودار ينتقل إليها ويقيم بها أمره أن ينقل من دار ارتحاله إلى دار إقامته؛ ليعمرها من بعض ما أعطاه في دار ترحاله وربما أخذ منه كرها ما يعمر به دار إقامته، ويكمل له به عمارتها وإصلاحها، ويقدم له إليها ما يحب من أهل ومال وولد، يسبقونه إليها؛ ليقدم على ما يحب من مال وأهل وولد، وإن كان المؤمن لا يشعر بذلك فما فرق إلا ليجمع، ولا أخذ إلا ليرد، ولا سلب إلا زيادة يقتضيها السياق ليهب، ولا استرد العواري إلا ليردها تمليكا ثابتا لا استرجاع فيه بعد ذلك
سبحان من أنعم على عباده بما خولهم من المال والولد، ثم استرجع بعض ذلك منهم كرها، وعوضهم الصلاة والرحمة والهدى وذلك أفضل مما أخذ كما قيل:
عطيته إذا أعطى سرورا وإن أخذ الذي أعطى أثابا
فأي النعمتين أجل قدرا وأحمد في عواقبها مآبا
أرحمته التي جاءت بكره أم الأخرى التي جلبت ثوابا
بل الأخرى وإن نزلت بضر أجل لفقد من صبر احتسابا"
هنا الموعظة مفيدة ولكن المقارنة بين ثواب ولادة الولد والتى سماها الرحمة وبين ثواب الصبر على موت الولد ليست صحيحة فكل عمل غير جهادى يتساوى فى الأجر بغيره كما قال تعالى "من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها"
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس