عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 04-12-2007, 12:42 AM   #4
الفارس
عضو شرف
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2005
الإقامة: مصـر
المشاركات: 6,964
إفتراضي

التحول

هناك حدثان أثرا كثير في شخصية فاروق ونتج عنهما تحولات نوعية في سلوكه, الحدث الأول كان عام 1942 حين فرض الإنجليز عليه وزارة النحاس بالقوة بعد محاصرتهم للقصر وتخييره بين التنازل عن العرش أو قبول الوزارة الوفدية, وهنا نصحه أحمد حسنين بالخضوع وقبول الأمر الواقع ولكن فاروق شعر بالانكسار, وفي لغة التحليل النفسي نقول أن فاروق تم خصاؤه نفسيا ثلاث مرات في حياته: المرة الأولى في طفولته المبكرة بواسطة أبيه القاسي الشديد وبمعاونة مربيته مسز تايلور, والمرة الثانية بواسطة الإنجليز, والمرة الثالثة بواسطة الضباط الأحرار.

وفي المرات الثلاث لم يكن فاروق يقاوم هذا الخصاء النفسي بشكل مباشر وإنما يتحول به إلى النهم في الطعام أو الاستغراق في القمار والشراب والعلاقات النسائية. وحين فعل معه الإنجليز ذلك شعر بإحباط شديد منهم (يذكره بإحباطه من والده ومربيته).

والحدث الثاني الذي أدى إلى نقلة كبيرة في حياة الملك فاروق عام 1946 حين مات الأب البديل له أحمد حسنين في حادث سقوط طائرة, فقد كان أحمد حسنين أبا ومرشدا ووهنا انكشف فاروق وأصبح يتصرف بتخبط نظرا لتضارب آراء مستشاريه وعدم قدرته على ضبط الإيقاع بين الوفد والإنجليز والقصر.

بعد هذين الحدثين أصيب فاروق بإحباط ويأس شديدين واستيقظ لديه حرمانه القديم وراح يمارس تعويضا في الانغماس في السهر والقمار والجنس والإسراف في الطعام حتى بدا بدينا مرهقا في سنواته التالية. وقد أدى هذا السلوك إلى اضطراب علاقته بزوجته فريدة فخانته مع ضابط إنجليزي وكان هذا حدثا ثالثا يضاف إلى الحدثين السابقين اللذين أثرا في حياة فاروق وأدى إلى تحولات هائلة في سلوكه.

العلاقة بالأم

كانت علاقة فاروق بأمه علاقة ملتبسة مليئة بالمتناقضات, وقد سبب له هذا الأمر آلاما كثيرة ووضعه في ظروف غاية في الصعوبة. وكما قلنا فإن أبوه الملك فؤاد أبعده عن أمه طوال فترة طفولته ولم تكن تراه إلا في أوقات قليلة, وعهد به إلى المربية الإنجليزية القاسية, وكانت الأم غارقة في مأساتها الشخصية مع زوجها العجوز الذي اغتصب شبابها وحرمها ابنها ونظر إليها باحتقار على أنها مصرية الانتماء وفدية الهوى. وحين تحررت الأم الملكة نازلي بعد موت زوجها القاسي فؤاد راحت تبحث عن حقها في الحياة والاستمتاع, فتعددت علاقاتها في اتجاهات مختلفة وانفلت عيارها وشاعت أخبار غرامياتها مما كان يسبب حرجا شديدا لفاروق, ومع هذا كان حبه لها كأم يكبل يديه عن محاسبتها أو عقابها, وقد أحدث هذا بداخله شرخا كبيرا, ومما عمق هذا الشرخ وجود علاقة بين أمه ومرشده أحمد حسنين, فهو من ناحية يحب أحمد حسنين كمرشد ومستشار وكبديل للأب المفقود ولكنه في نفس الوقت يشعر أنه يخونه مع أمه, لدرجة أنه تمنى أن يتزوج أحمد حسنين من أمه لكي يخرج من هذا الصراع المؤلم, ولكن هذا لم يحدث وبقيت الشروخ والتصدعات في نفس فاروق تجاه أمه وتجاه رائده ومرشده أحمد حسنين.

وقد اضطر فاروق أن يعقد مجلس البلاط في 15 مايو 1950 والذي تقرر فيه الحجر على الملكة الأم وتجريدها من لقبها, وبعد هذا الحدث (وأحداث أخرى) اشتد اضطراب فاروق وأصبح أكثر تهورا في قيادته لسيارته, وأصيب بحالة من البلادة الانفعالية وفقدان المشاعر وعدم الالتزام بالقيم والمعايير الاجتماعية والعنف غير المبرر واللامبالاة والاندفاع وسرعة الغضب, والتخبط في القرارات, وكأنه بداخله قوة تدفعه إلى تدمير نفسه والقضاء على ملكه الذي ورطه فيه أبوه وجلب عليه كل هذا الشقاء وحرمه من كل شيء حتى من وجود أم طبيعية يركن إليها ويرتمي في أحضانها وقت الأزمات.

يتبع ،،،
__________________
فارس وحيد جوه الدروع الحديد
رفرف عليه عصفور وقال له نشيد

منين .. منين.. و لفين لفين يا جدع
قال من بعيد و لسه رايح بعيد
عجبي !!
جاهين
الفارس غير متصل   الرد مع إقتباس