عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 27-12-2021, 08:33 AM   #1
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,982
إفتراضي نقد كتاب الخوف والرجاء

نقد كتاب الخوف والرجاء
معد الكتاب أو جامعه عبد الله بن سليمان العتيق وهو يدور حول الخوف والرجاء وفى مقدمته قال العتيق:
"أما بعد فإن الناظر في سير الصالحين والباعث لهم على إكثار العبادات، وملازمة الطاعات يرى أن سبب ذلك كله هو الخوف من الله تعالى، والرجاء لما عنده، والمحبة له سبحانه
لذلك اعتبر الخوف والرجاء والمحبة أجنحة المقربين يطيرون بها إلى كل مقام عال، والخوف هو تاج المقربين ونبراس الفالحين، وسراج السالكين فهو من أجل منازل الطريق وأنفعها، وهو فرض على كل أحد
ولمكانته عند الصالحين كانت هذه الورقات النافعات الكاشفات عن أحوال السلف المكرمين"

وقد استهل الكتاب بتقسيم الخوف إلى أنواع أولها الخوف من العقاب وقد أكثر النقل فيه دون داعى كما فى باقى الكتاب فالمفروض أن يشرحه من خلال كتاب الله وليس بحكاية أقوال بشر فقال :
"أقسام الخوف
الخوف من الله تعالى له صور وأشكال:
الصورة الأولى: الخوف من العقوبة: عوتب الحسن في شدة حزنه وخوفه، فقال: ما يؤمنني أن يكون الله تعالى قد اطلع علي في بعض ما يكره فمقتني، فقال: اذهب فلا غفرت لك، فأنا أعمل في غير معتمل
وهذا طاووس يفرش له الفراش فيضطجع ويتقلى كما تتقلى الحبة في المقلى ثم يثب فيدرجه ويستقبل القبلة حتى الصباح، ويقول: "طير ذكر جهنم نوم الخائفين" وصح أن زرارة بن أوفى قرأ في صلاة الفجر {فإذا نقر في الناقور} فخر ميتا

وقال مالك بن دينار: لو استطعت لم أنم مخافة أن ينزل العذاب يا أيها الناس النار النار
كان سفيان الثوري ينادي في ليلة: النار النار، شغلني ذكر النار عن النوم والشبهات، وقرئ في مجلس يحيى بن سعيد القطان سورة الدخان فصعق يحيى وغشي عليه
وقال عبد الرحمن بن مهدي: مات سفيان الثوري عندي فلما اشتد به جعل يبكي فقال له رجل: يا أبا عبد الله أراك كثير الذنوب؟
فرفع شيئا من الأرض، فقال: والله لذنوبي أهون عندي من ذا، إني أخاف أن أسلب الإيمان قبل أن أموت
هذا هو خوف الصالحين يخافون من سلب الإيمان عند الموت، ويخشون سبق الكتاب عليهم في كونهم عاملين بعمل أهل النار

وهذا الضحاك بن مزاحم: كان إذا أمسى بكى فيقال له، فيقول: لا أدري ما صعد اليوم من عملي
والخوف من العقوبة هو الخوف الذي يصح به الإيمان، وهو الخوف الواجب على كل مسلم أن يأتي به، ولا يعذر بتركه والقدر الواجب من الخوف هو ما كان فيه أمران:

الأول: أن يكون باعثا على فعل الواجبات
الثاني: أن يكون مانعا من فعل المحرمات
وأما الخوف الذي يكون معه تخلف أحد هذين الأمرين فليس محمودا"
وأما الصورة الثانية فهى الخوف من مكر الله وهو تكرار لنفس النوع السابق فمكر الله هو عقابه وفيه قال:
"الصورة الثانية: الخوف من مكر الله تعالى:
وهذا الذي أذهب الأنس من نفوس الصالحين وهو الذي جلب لهم الحزن الدائم الطويل يخشى أحدهم أن يعمل بالليل طاعات لله تعالى ثم يدركه في صباحه قدر الله فيكون في عكس حاله في مسائه"
والناتج عنه كما يقول العتيق الحزن الطويل المستمر هو مخالفة لقوله تعالى:
" لا تحزن"
فالمطلوب ليس الهم وهو الحزن وإنما المطلوب الحياة السعيدة أى المطمئنة كما قال تعالى:
" ألا بذكر الله تطمئن القلوب"
ثم ذكر لنا حكايات كثيرة فى الأمر أكثرها لا يدل على الإيمان وإنما على مخالفة أمر الله بالطمأنينة وعدم الحزن فقال:
"لما احتضر عمرو بن قيس الملائي بكى، فقال له أصحابه: علام تبكي, فوالله لقد كنت غضيض العيش أيام حياتك؟ فقال: والله ما أبكي على الدنيا، وإنما أبكى خوفا أن أحرم خير الآخرة
قرئ على يحيى البكاء {ولو ترى إذ وقفوا على ربهم} فصاح صيحة مكث منها مريضا أربعة أشهر يعاد من أطراف البصرة
وجزع محمد بن المنكدر عند موته، فقيل له: لم تجزع؟ قال أخشى آية من كتاب الله {وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون} فأنا أخشى أن يبدو لي من الله ما لم أكن احتسب
وقيل لسليمان التيمي: أنت أنت، ومن مثلك؟!قال: لا تقولوا هكذا، لا أدري ما يبدو لي من ربي عز وجل هل في الأرض مائة يتخوفون ما تتخوف؟
ذكر الدجال في مجلس فيه أبو الدرداء، فقال نوف البكالي: لغير الدجال أخوف مني من الدجال فقال أبو الدرداء: وما هو؟ قال: أخاف أن أسلب إيماني وأنا لا أشعرفقال أبو الدرداء: ثكلتك أمك يا ابن الكندية وهل في الأرض مائة يتخوفون ما تتخوف

وقال أحمد بن أبي الحواري: كنت أسمع وكيعا يبتدئ قبل أن يحدث فيقول: ما هنالك إلا عفوه، ولا نعيش إلا في ستره، ولو كشف الغطاء لكشف عن أمر عظيم "
وقسم الرجل الخوف من مكر الله إلى نوعين فقال :
"هذه جمل من أحوالهم، رحمهم الله، في الخوف من المكر بهم ولو نظرنا إلى ذلك المكر المخوف منه نوعان:
الأول: الانقلاب من الإسلام إلى الكفر
الثاني: الانقلاب من السنة إلى البدعة، ومن الطاعة إلى المعصية"
وهو تقسيم خاطىء فالبدعة هى الكفر وهى المعصية وهى الكفر ولا يوجد هذا التقسيم فى كتاب الله وإنما هو تقسيم بشرى بلا دليل وعاد العتيق لذكر الحكايات والأقوال فقال:
"لما احتضر سفيان الثوري جعل يبكي، فقيل له: يا أيا عبد الله، عليك بالرجاء فإن عفو الله أعظم من ذنوبك فقال: أو على ذنوبي أبكي؟ لو علمت أني أموت على التوحيد لم أبال بأن ألقى الله بأمثال الجبال من الخطايا"
وبعد ذلك تحدث عن أحوال الخائفين فقال :
"أحوالهم في الخوف وما يجري لهم:
لقد غلب الخوف على قلوب الصالحين فطرد أنسها، وجلب حزنها فما كان منهم إذ ذاك إلا تنوع صور خوفهم من الله تعالى:
1 - الموت من خشية الله:
قلوب الصالحين تغلبها الرقة واللين، وتعظيم الله تعالى في قلوبهم كبير جدا، هذا علي بن الفضيل قال عنه إبراهيم بن بشار: الآية التي مات فيها علي بن الفضيل في الأنعام: {ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا } مع هذا الموضوع مات، وكنت فيمن صلى عليه رحمه الله
وقال نهر بن حكيم: أمنا زرارة بن أوفى، قاضي البصرة في مسجد بني قشير فقرأ المدثر فلما انتهى إلى هذه الآية {فإذا نقر في الناقور} خر ميتا
رددها يا صالح:قام مناد ينادي في مجلس صالح المرى، فقال: ليقم الباكون والمشتاقون إلى الجنة فقام أبو جهث فقال: اقرأ يا صالح: {وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا (أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا}فقال أبو جهث: رددها يا صالح، فما فرغ من الآية حتى مات

قد نتساءل في سبب موت هؤلاء الصالحين؟
هذا أحد الذين شهدوا مثل هذه المناظر والأحوال يبين لنا ذلك يقول أبو طارق: شهدت ثلاثة رجال أو نحوهم ماتوا في مجلس الذكر يمشون بأرجلهم صحاحا إلى المجالس، وأجوافهم والله قرحة، فإذا سمعوا الموعظة انصدعت قلوبهم فماتوا
2 - العمى من كثرة البكاء:
بكاء الصالحين إما أن يكون من رغبة فيما عند الله تعالى، وإما أن يكون رهبة من وعيده وعذابه ولشدة الثانية على أنفسهم أصبحوا كثيري البكاء مما قد سبب لعيون بعضهم العمى
قال عبد الرحمن بن مالك بن مغول: بكى أسيد الضبي حتى عمي
وكان إذا عوتب على البكاء بكى، ثم قال: الآن حين لا أهدأ؟ وكيف أهدأ وأنا أموت غدا

بكى العلاء بن زياد حتى غشي بصره وبكى أبوه حتى عمي
وما أعجب حال العالم الحافظ أبي عيسى الترمذي يقول عنه عمر بن علك: مات البخاري فلم يخلف بخراسان مثل أبي عيسى في العلم والحفظ والورع والزهد وانظر إلى هذا الأمر عنه:قال: بكى حتى عمي، وبقي ضريرا سنين

3 - الغشي الذي يصيبهم بسبب الخوف:
قال خالد بن خداش: قرئ على عبد الله بن وهب كتاب أهوال يوم القيامة (تأليفه) فخر مغشيا عليهقال: فلم يتكلم بكلمة حتى مات بعد أيام رحمه الله تعالى وقال أيضا: كنت أقعد إلى وسيم البلخي وكان أعمى، وكان يحدث ويقول: أوه! للقبر وظلمته وللحد وضيقه، كيف أصنع؟!ثم يغمى عليه
هذا ضيغم بن مالك قالت له أمه: تراني أراك غدا في القيامة؟ فصرخ ثم صرخ ثم سقط وقد غشي عليه وكان يزيد الرقاشي يبكي ويقول لأصحابه: أبكوا قبل الداهية الكبرى، ابكوا اليوم قبل أن تبكوا غدا ابكوا اليوم قبل أن لا يغني البكاء، ابكوا على التفريط أيام الدنيا
ثم يبكي حتى يرفع صريعا من مجلسه
وقال عنبسة بن الخواص: كان عتبة بن أبان يزورني فبات عندي ليلة فبكى من السحر بكاء شديدا فلما أصبح، قلت له: قد فزعت قلبي الليلة ببكائك فمم ذاك يا أخي؟قال: يا عنبسة إني والله ذكرت يوم العرض على الله عز وجل ثم مال ليسقط فاحتضنته فجعلت انظر إلى عينيه تتقلبان، قد اشتدت حمرتهما ثم اربد وجعل يخور (أي: يضعف فناديته: عتبة، عتبة فأجابني بصوت خفي: قطع ذكر يوم العرض على الله أوصال المحبين له ثم مال، وجعل يحشرج البكاء ويردده، حشرجة الموت ويقول: أتراك مولاي تعذب محبيك وأنت الحي الكريم قال: فلم يزل يرددها حتى والله أبكاني

هذه نتف من أخبارهم في الخوف من الله تعالى"
وما ذكره الرجل ليس أحوالا وإنما هى نتائج الخوف وهى نتائج لا تدل على إيمان غالبا وإنما تدل على جهل فالله يطلب من المسلم أن يكون هادئا مطمئنا كما قال :
"الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله"
وما حكاه وهو غالبا لم يحدث كلام من يمكنون للأعداء فى ديارهم من خلال الاغماء وكثرة البكاء فالمطلوب هو طاعة الله وليس البكاء والاغماء فهذا غالبا فعل المنافقين والكفار كما قال تعالى " فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك نظر المغشى عليه من الموت تدور أعينهم كالذى يغشى عليه من الموت"
ثم عرف الرجاء فقال :
"الرجاء

رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس