عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 27-11-2021, 08:32 AM   #2
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,907
إفتراضي

ومن الحكم السائرة : ( ذو المروءة يكرم وإن كان معدما ، كالأسد يهاب وإن كان رابضا ، ومن لا مروءة له ، يهان وإن كان موسرا ، كالكلب يهان وإن طوق وحلي بالذهب ) ""
إذا المروءة هنا أقامها صالح مقام الإسلام فمنها تستقى الآداب وهو كلام لا يصلح أن يقال فكل شىء مأخوذ من كتاب الله وهذا اللفظ ليس فى القرآن
ثم حدثنا عن ما يزيل المروءة فقال :
خوارم المروءة :
"يقصد بالخوارم جمع خرم ، وقد جاء في المعجم : " انخرم الكتاب : نقص وذهب بعضه " ( 15 : 193 ) . وبذلك يكون المعنى المقصود من كلمة الخوارم تلك النقائص التي تفقد الشيء تمامه .
ولأن كثيرا من الناس قد اختل عندهم ميزان المروءة منذ أزمنة سابقة ، إلا أن الأمر زاد في هذا الزمان ، ولم يعد أكثرهم محافظا على كثير من آدابها الفاضلة وأخلاقها الكريمة ، وصفاتها الحميدة ؛ فإن هناك عددا من خوارم المروءة وقوادحها التي انتشرت بين الناس وأصبحت غير مستنكرة عندهم لكثرة من يمارسونها -ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم -حتى لقد صدق فينا قول الشاعر :
مررت على المروءة وهي تبكي
فقلت : علام تنتحب الفتاة ؟
فقالت : كيف لا أبكي وأهلي
جميعا دون خلق الله ماتوا
وفيما يلي ذكر لبعض خوارم المروءة التي تنتشر في مجتمعنا المعاصر سواء أكانت قولية أم فعلية ، ومنها :…
( 1 ) كثرة المزاح والمداعبة القولية والفعلية ولاسيما مع من لا يعرفهم الإنسان ؛ لما في ذلك من إسقاط هيبته ، والإقلال من مكانته ، و لأن كثرة المزاح مدعاة لحصول الخصام ، وإثارة الأحقاد في النفوس . قال الشاعر :
فإياك إياك المزاح فإنه يجري عليك الطفل والرجل النذلا
ويذهب ماء الوجه بعد بهائه ويورث بعد العز صاحبه ذلا
وهنا يجدر التنبه إلى أن هذا لا يعني أن يكون الإنسان عبوسا منقبضا ؛ فإن هذا مما يذم و يكره ، ولكن هدي الإسلام أن يكون الإنسان جادا في قوله وعمله وكل شأنه ، مع شيء من البشاشة وطلاقة الوجه لما روي عن أبي ذر أنه قال : قال لي النبي (ص): " لا تحقرن من المعروف شيئا ، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق " . ( مسلم ، الحديث رقم 6690 ، ص 1145 ) .
كما ورد عن عمر بن الخطاب أنه كتب إلى عماله :" امنعوا الناس المزاح ؛ فإنه يذهب بالمروءة ، ويوغر الصدور " ( 9 : 241 ) . وما ذلك إلا لما ينتج عن كثرة المزاح - في الغالب - من الاستخفاف وقلة الهيبة وذهاب الحشمة ."
وبعض الروايات المستشهد بها هنا لا تصح فمنع المزاح حرام لأن الضحك منه المباح ومنه المحرم ثم قال :
( 2 ) أن يأكل الإنسان طعاما أو يشرب شرابا وهو يمشي في الأسواق والطرقات ، فهذا فعل وطبع يتنافى مع كمال المروءة ، ولا يتفق ومكارم الأخلاق ومحاسن الصفات . ولذلك فقد ورد أثر عن ابن سيرين أنه قال : " ثلاثة ليست من المروءة : الأكل في الأسواق ، والإدهان عند العطار ، والنظر في مرآة الحجام " ( 12 : 233 ) . ويتبع لذلك عادة قضم ما يسمى ( الفصفص أو الحب وغيره من أنواع المكسرات المعروفة ) أمام الناس ، ولا سيما في أماكن التجمعات والشوارع والأسواق والميادين العامة والمجالس لما في ذلك من مخالفة للمروءة ، وعدم احترام للآخرين في هذه الأماكن ."
هذا الكلام مخالف للإسلام فالرسل(ص) كانوا يأكلون فى الأسواق فهل كانوا عديمى المروءة ؟
قطعا لا وفى هذا قال سبحانه:
"وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا أنهم ليأكلون الطعام ويمشون فى الأسواق"
ثم قال :
( 3 ) عدم احترام الصغار للكبار سواء أكان ذلك في المجالس أم في المناسبات ، وعدم توقير كبار السن و إنزالهم منازلهم ، حتى أصبحنا في وقتنا الحاضر نرى الصغار يسابقون الكبار في كل شئ ، وقد يعارضونهم في الكلام ؛ أو يسخرون منهم والعياذ بالله ، وهذا أمر محرم ؛ لأن الله تعالى وهو رب العالمين يكرم ويجل ذي الشيبة المسلم .فقد روي عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - أنه قال : قال رسول الله (ص): " إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم " ( أبو داود ، ج 4 ، الحديث رقم 4843 ، ص 261 ) .
وهنا تجدر الإشارة إلى أن على الآباء تربية أبنائهم على آداب المروءة وتعويدهم إياها منذ نعومة أظفارهم حتى لا تسبق إليهم الأخلاق والطباع السيئة فتحول بينهم وبين مكارم الأخلاق وجميل الطباع قال الشاعر :
إذا المرء أعيته المروءة ناشئا
فمطلبها كهلا عليه عسير
( 4 ) أن يعتاد الإنسان التبول واقفا لغير حاجة لاسيما في دورات المياه العامة ونحوها ؛ لأن الأولى أن يتبول الإنسان جالسا لما في ذلك من المنافع الصحية ، والاحتياط لعدم انتشار النجاسة أو التلوث بها أما إذا دعت الحاجة إلى ذلك من مرض ونحوه فلا بأس في ذلك إن شاء الله ."
قطعا ليس هذا من احكام الإسلام فالمسلم يتبول بالطريقة التى تريحه طالما لا يراه أحد ثم قال :
( 5 ) الإكثار من تناول الطعام والإقبال عليه بنهم شديد لاسيما عندما يكون الإنسان مدعوا إلى وليمة أو نحو ذلك ؛ لما في ذلك من منافاة للأدب ، ولما فيه من مخالفة لهدي الإسلام عند تناول الطعام " وقد ذكر ابن عبد البر عن علي بن أبي طالب أنه كان إذا دعي إلى طعام أكل شيئا قبل أن يأتيه ، ويقول : قبيح بالرجل أن يظهر نهمته في طعام غيره " ( 6 : 141 ) "
هذا الكلام من ضمن التقعر فالجائع يأكل كما يحب طالما كان ملتزم بأحكام الطعام وكذلك الكلام التالى عن التكرع من ضمن التقعر :
( 6 ) التجشؤ بصوت مرتفع أو ما يعرف بعادة " التكعر " ، ويقصد بذلك إخراج صوت مرتفع ومزعج من الفم في حضرة الناس ، وعادة ما يكون التجشؤ نتيجة للشبع وكثرة الأكل . وهنا تجدر الإشارة إلى أن من أسوأ العادات وأكثرها أذى في الصلاة أن يتجشأ آكل الثوم ، أو البصل ، أو الكراث في صف المصلين فيزعجهم ويقطع خشوعهم وتخرج من فمه رائحة كريهة يؤذي بها عباد الله من الملائكة والمصلين ؛ فعن ابن عمر قال : تجشأ رجل عند النبي (ص)فقال : " كف عنا جشاءك فإن أكثرهم شبعا في الدنيا أطولهم جوعا يوم القيامة " ( الترمذي ، ج 4 ، الحديث رقم 2478 ، ص 649 ) "
والروايات لا تصح فالتكرع ليس على هوى الإنسان وإنما هو ردة فعل من الجسم ليس على كثرة الطعام وإنما على مرض ما فى الغالب أو على امتلاء المعدة بالهاء الذى يعنى الجوع وليس الشبع وهو كثرة الأكل ثم قال :
( 7 ) أن يأتي الإنسان ببعض الأقوال أو الأفعال الهزلية التي تضحك منه الناس كأن يقلد شخصا في كلامه ، أو حركاته ، أو نحو ذلك لغرض السخرية منه وإضحاك الآخرين عليه .ويعظم أمر هذا السلوك الخاطئ عندما يكون المقلد مبتلى بذلك الشيء أو تلك الصفة . فعن بهز بن حكيم قال : حدثني أبي عن جدي قال : سمعت النبي (ص)يقول : " ويل للذي يحدث بالحديث ليضحك به القوم فيكذب ، ويل له ، ويل له " ( الترمذي ، ج 4 ، الحديث رقم 2315 ، ص 557 ) ."
سبق أن ذكر صالح هذا فى المزاح وهو تكرار لما قاله ثم قال :
( 8 ) ارتداء بعض الناس وبخاصة من هم في سن الشباب للملابس الغريبة الوافدة ، لما قد يكون فيها من التشبه بأهلها ، أو لأنها لا تليق بالإنسان المسلم العاقل المتزن لا سيما في المساجد ، والأسواق ، و المجالس ، والأماكن العامة ومن هذه الملابس القبعات ، و الأقمصة الملونة ، والملابس الشفافة ، والملابس غير الساترة ، والبنطلونات والسراويل القصيرة ، وغيرها من الملابس المضحكة المزرية التي وفدت إلينا من مجتمعات غير محافظة على القيم والأخلاق الإسلامية ، والتي قد تكثر عليها الرموز والشعارات والعبارات المخالفة لتعاليم ديننا الحنيف ، أو المخلة بالآداب ، والمنافية للأذواق السليمة "
الملابس طالما التزم فيها الإنسان مواصفات الزى من عدم التجسيم وعدم الشفافية وراحة الجسم فله أن يلبس ما شاء بغض النظر عن الألوان ثم قال :
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس