عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 24-01-2009, 10:50 PM   #2
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

أتشعلق في قبة صدرك مفتونا وأمام الناس ( ج 1 ص 109 )
حنون كوحشة طفل رأى أمه الغائبة
تشعلق في ذيل ثوب الحزينة فانكمش الأرجوان ( ج 1 ص 149 )

تشعلق قلبي طيور الخيام ( ص 370 )

ويحدث في اللهجة العامية تحريف لحروف الفعل ، نحو ( شعوط ) في سياق الحنين والحب :

حين تمر تفاحة الحنين ،
تشعطنا بالنار ، تكوي شرايين الحارات ( ج 1 ص 243 )

.......

لا تقل لامرأة قبل الغروب
جربي كأس النبيذ
يشعط الروح ويشويها
على جمر الرموز الخائفة ( ص 486 )

فشَعْوَطَ الدَّواءُ الجُرْحَ والفُلْفُلُ الفَمَ إِذا أَحْرَقَه وأَوْجَعَه هَكَذا تَسْتَعْمِلُه العامَّة والأَصْلُ شَوَّطَه تَشْويط وشَوَّطَ القِدْرَ وشَيَّطَها إذْ أَغْلاها وشَوَّطَ الصَّقيعُ النَّبْتَ : أَحْرَقَه ( تاج العروس )

وقد يحدث تغير في البنية الصوتية للفعل فيتحول الصوت من ملمح الهمس إلى ملمح الجهر ، نحو التحول في الفعل ( د سّ ) ، فقد تحول صوت السين المهموس إلى صوت مجهور وهو الزاي في الفعل ( دز ) ، فقول الشاعر : دزيتلو مكتوب محول من دسست له مكتوبا في المقطع التالي :

ألا يا هلا يا هلا بحبيبي
حبيبي، حبيبي ، حبيبي
وضمته ، ضمته
لكنه صخرة راكدة
دزيتلومكتوب
طولْ، وما جاني
وضمته ، ضمته
لكنه جاءها جثة هامدة ( ج 1 ص 515 )
فالدَّسُّ : دَسُّكَ شَيْئاً تحتَ شَيْءٍ وهو : الإِخْفَاءُ و الدَّسُّ أَيضاً : دَفْنُ الشيْءِ تحتَ الشيْءِ وإِدْخَالُه ( تاج العروس )
لا يضيء بريق الحب في هذا المقطع من أيقونة لفظ ( حبيبي ) ودال الضم ( ضممته ) اللذين ترددا أربع مرات ، بل إن إشراقات الحب تتجلى في اللهجة الفلسطينية (دزيتلومكتوب ، طولْ، وما جاني ) فانسياب الألفاظ العامية في حنايا التراكيب الفصيحة يشير إلى أن المستوى النفسي للألفاظ لا يقل حرارة عن ألفاظ الحب ذاتها ، إذ إن المعجم الشعري يكاد يضيق إلى درجة لا يجد فيها الشاعر بديلا عن بعض الألفاظ العامية التي تختزل حرارة وجدانية لا تدانيها ألفاظ أخرى ، وتصبح ألفاظا أثيرة لا بديل لها في معاجم اللغة .
وأزعم أن انصهار العاطفة مع تفاصيل المقام يلغي الأعراف والشرائع اللغوية ، وتصبح اللغة شيفرة تستمد رموزها من حرارة العاطفة وحدها لا من بطون المعاجم ، وبخاصة إذا كان المقام أو السياق تراجيديا مفعما بظلال المشهد الشعبي الذي تجلى في المقطع بكل زفرات الحب المقتول . وهل تستطيع لغة - مهما كان بريق فصاحتها وبلاغتها - أن تنهض بالاستحقاقات الوجدانية في سياق عودة الغائب الحبيب جثة راكدة هامدة ؟؟!!! ، ولكن مقطعا من أغنية شعبية أو عبارة من عبق التراث قادرة على النهوض بالمستوى الوجداني لمشهد الحب القتيل ، لأن الثراء الوجداني الذي تنطوي عليه اللغة الشعبية التراثية يغني عن البدائل المناظرة المتاحة من المعجم الفصيح .
إن الاختيار اللهجي في هذا المقطع يخلق تناغما وتفاعلا بين زفرات الحب القتيل ودفء الأحضان الباكية من جهة ، وإيحاءات الأغنية الشعبية في الذاكرة الجماعية.
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس