عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 17-03-2023, 08:13 AM   #4
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,991
إفتراضي

[4] ألا يدع طالب العلم فنا من العلوم محمودا، ولا نوعا من أنواعها، إلا وينظر فيه نظرا يطلع به على مقصده وغايته, ثم إن ساعده العمر، طلب التبحر فيه, وإلا اشتغل بالأهم منه واستوفاه, فإن العلوم متعاونة وبعضها يعزز بعضا.
[5] ألا يخوض المتعلم في فن من فنون العلم دفعة واحدة، بل يراعي الترتيب, ويبتدئ بالأهم, فإن العمر إذا كان لا يتسع لجميع العلوم غالبا فالحزم أن يأخذ من كل شيء أحسنه.
[6] أشرف العلوم العلم بالله عز وجل، وملائكته، وكتبه، ورسله, والعلم بالطريق الموصل إلى هذه العلوم. فإياك وأن ترغب إلا فيه، وأن تحرص إلا عليه.
[7] أن يكون قصد المتعلم في الحال تحلية باطنه وتجميله بالفضيلة، وفي المآل القرب من الله سبحانه و تعالى، قال تعالى: { ... يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير} ، وقال تعالى: {هم درجات عند الله والله بصير بما يعملون} .
هذه هي الصفات التي ينبغي أن يتمسك بها طالب العلم كي ينجح في دراسته وحياته, والحق أن المسلمين قد عرفوا الحياة حق المعرفة، وعنوا بالناحية الروحية عنايتهم بالناحية الجسمية، فأعطوا الروح غذاءه من العلم، والدين، والفضيلة, وأعطوا الجسم ما يحتاج إليه من غذاء صحي، ومسكن صحي، وهواء طلق, وحثوا الطالب على صيانة روحه، وجسمه، وعقله، وقراءة ما يفيده في الحياة وتخير الأصحاب من الفضلاء.
وإذا كانت هذه مسؤولية المتعلم في التربية، فإن للمجتمع أيضا مسؤوليته نحو التربية."
وتحدث عن مسئولية المجتمع فقال :
"[ز] مسؤولية المجتمع:
على الدولة أن تهيئ الظروف والأسباب التي تمكن الأفراد من تعليم أنفسهم وأبنائهم وبناتهم بلا تمييز في ضمان هذا الحق، فالكل يعيش في المجتمع ذكرا كان أم أنثى، وبصرف النظر عن اللون أو الأصل أو المستوى الاجتماعي، فالجميع لهم الحق في الاستفادة من تلك الخدمات الأساسية.
ومن واجب الدولة حماية جهاز التربية والتعليم من كل الضغوط، وتحرير العملية التعليمية التربوية من كل القيود سوى قيد الأمانة العلمية والقيود الخلقية التي تمليها العقيدة والقيم التي تؤمن بها الأمة.
ومن ثم فإن على الدولة أن تدعم الجهود التي تقوم بها الأسرة، والمدرسة، والمسجد، والمعلمين، والمتعلمين، في المجالات التربوية كافة، منعا للسموم المنتشرة والتأثيرات الضارة التي تبثها وسائل الإعلام, وذلك لأن التربية غرس لا يأتي ثماره إلا إذا دعمته كل المؤسسات التربوية والوسائل الإعلامية المؤثرة مثل: التلفاز, الإذاعة, الصحف, المجلات, المطبوعات, وأجهزة التسجيل. وذلك لأن المجتمعات العقدية في كل مكان وزمان توجه وسائل إعلامها وتوظفها بصورة تنسجم مع مؤسساتها التربوية الأخرى بطريقة مقصودة، حتى تحقق أهدافها الاستراتيجية، وهو ما يعرف تربويا بـ (التربية المقصودة)، وهذا ما نراه في كثير من المجتمعات، وخاصة المجتمع الشيوعي في الاتحاد السوفيتي سابقا، فقد وجه إعلامه وكل مؤسساته التربوية لخلق مجتمع شيوعي، والدولة الشيوعية تراقب هذا التوجه وتدعمه في كل مراحله وعلى طول خطوات الطريق باعتباره استراتيجية دولة .
ولما كان المجتمع الإسلامي مجتمعا عقائديا، فيه رقابة تتمشى مع طبيعة الإنسان وكرامته، وهي الرقابة الذاتية، وهي رقابة لإعلاء كلمة الله، لا لحماية حزب من الأحزاب أو آراء فرد من الأفراد. وإذا كانت الرقابة في المجتمعات الشيوعية يتولى أمرها الحزب الشيوعي والدولة الشيوعية، فإن الرقابة في المجتمع الإسلامي يتولى أمرها المؤمنون جميعا من منطلق ديني، وذلك كما جاء في القرآن الكريم قال تعالى: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يامرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم} .
وجاء في الحديث الشريف: (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان) .
كما قال رسول الله -: (الدين النصيحة، قلنا: لمن؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم) .
فمبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يقتضي أن يلتزم به الكل، ويظلوا مسؤولين عنه حتى تؤديه السلطة الحاكمة أو يؤديه بعضهم, فالمسلمون في ضوء هذا المبدأ ملزمون بحماية الأخلاق، ونشر الفضيلة، ومحاربة الرذيلة، وحماية المجتمع من الأفكار الفاسدة. ولذلك فإننا لا نتوقع في المجتمع الإسلامي الصحيح أن تأتي وسائل الإعلام بشيء يعارض هذا المبدأ.
ولكن كثيرا من الناس في المجتمعات الإسلامية المعاصرة لجهلهم ولضعف إيمانهم لا يلتزمون بمبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولذلك نجد في وسائل الإعلام كثيرا مما يتعارض مع الإسلام، ونتيجة لذلك فالتربية التي تغرسها الأسرة الصالحة والمدرسة المسؤولة، يفسدها ما تقدمه وسائل الإعلام المختلفة وخاصة التلفاز ، في حين أن من واجب وسائل الإعلام ـ وخاصة التلفاز الذي يجذب السمع والبصر والفؤاد ـ أن يعمل على تصفية التراث الاجتماعي الثقافي الخلقي، وتنقيته وغربلته من الشوائب مثل العقائد المنحرفة والعادات البالية . حتى يصفو الجو للعوامل الحية الكامنة في تربيتنا الاجتماعية الإسلامية، فنحن لسنا في حاجة إلى وضع منهج جديد في تربيتنا الاجتماعية، بقدر ما نحتاج إلى ترجمة ما عندنا من منهج إلى عالم الواقع, فيمكن لوسائل إعلامنا أن تقرب الإسلام إلينا وتجعله متحركا في عقولنا وسلوكنا الفردي والجماعي.
ووسائل الإعلام في مقدورها أن تقوم بهذا الدور الحيوي الهام فتهيئ الأجواء عن طريق البرامج الثقافية والتربوية نتنسم منها: النظام, والنظافة، وتقدير شعور الآخرين، والإخلاص في العقيدة والعمل، والتعاون على البر والتقوى، وفعل الخيرات، والإخاء الصادق، وصلة الرحم، وبر الوالدين، وجميع مظاهر التربية الإسلامية في شتى مجالات الحياة ومناشطها، تلك هي مسؤولية المجتمع التربوية.
فعلى أفراد المجتمع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, وعلى الدولة دعم الأسرة، والمدرسة، والمسجد، في مجاهداتهم لتربية الناشئين تربية إسلامية صحيحة، وذلك بأن تهيئ الدولة الظروف المناسبة لضمان بناء الشخصية المسلمة القوية، ولا يأتي ذلك إلا إذا وجهت الدولة وسائل الإعلام بها الوجهة الصحيحة"
ولا شك أن المجتمع المسلم مسئول ككل عن تربية أطفاله فالمؤسسات الإعلامية والمؤسسات الرياضية وغيرها كلها تشترك فى التربية من خلال دخول الأطفال لها أو من خلال ما تبث لهم
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس