عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 29-12-2007, 02:26 AM   #9
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

المناهضة اليهودية للصهيونية

المؤلف: ياكوف م. رابكن
ترجمة : دعد قناب عائدة
دار النشر: مركز دراسات الوحدة العربية
حجم الكتاب 352 صفحة
أوجزه : فايز رشيد (كاتب فلسطيني)

اعتبر الكثير من النقاد هذا الكتاب بأنه واحد من أهم الكتب التي تتناول موضوعا رئيسيا جوهريا على الصعيد المعرفي وهو التناقض الحتمي القائم، تاريخيا وراهنا ، حاضرا، ومستقبلا، بين الصهيونية وتعبيرها المادي: إسرائيل، من جهة وبين اليهودية، من جهة أخرى، استنادا الى الدراسات التاريخية واللاهوتية.

أهمية الكتاب تنبع أيضا من أهمية إدراك الصراع العربي ـ الصهيوني، ليس من قبل المهتمين والباحثين والمثقفين العرب فحسب، وإنما أيضا من قبل المواطن العربي حيث كان.

عنوان الكتاب هو المناهضة اليهودية للصهيونية، للكاتب اليهودي الديانة (الروسي الأصل) والكندي الجنسية، الدكتور ياكوف رابكن، الذي يشغل الآن أستاذ التاريخ في جامعة مونتريال، وكان قد هاجر إليها عام 1973، إبان الحقبة السوفييتية.

المؤلف باحث مشهور على هذا الصعيد. ما كتبه من أبحاث قبل هجرته جعل أعداء الصهيونية من السوفييت يتوسمون به حليفا رغم اختلافه الأيديولوجي معهم، كما أثار حنق الصهاينة في كل مكان ..

من مقدمتيه للطبعتين : العبرية والفرنسية، لكتابه، مرورا بتمهيده، وصولا الى نهاية الفصل السابع يتناول المؤلف، موضوعه الرئيسي المعنون، ولكن من زوايا مختلفة، ارتباطا بالحقائق والأسانيد من خلال المراجع التاريخية والراهنة الكثيرة، ومن خلال تتبع التناقض الوجوبي بين اليهودية والصهيونية، ومسيرة دولة إسرائيل، والتداعيات المستقبلية لكل ذلك، ضمن سياق سردي، يحاول جاهدا الابتعاد عن تضمين وجهة نظره الشخصية فيما يتناوله من موضوعات ..
فالصهيونية ليست ديانة، بل حركة سياسية استمدت إلهامها من النزعة القومية الأوروبية في القرن التاسع عشر، وهي قصيرة العمر بالمعنى الإستراتيجي، وفقا لأحد الباحثين الإسرائيليين، لذا (فإنها تشكل خطرا على إسرائيل، أكبر من خطر العرب عليها).

الصهيونية في التاريخ

انطلقت الصهيونية في أوروبا، في خضم ارتفاع وتيرة وبروز القوميات الأوروبية، ووسط اتجاهات فكرية متعددة من بينها العلمانية، وأيضا، في أجواء بروز العداء للسامية.. فسعت لتحويل الهوية اليهودية الى ما وراء الحدود القومية، من خلال نشر لغة جديدة ونقل اليهود الى (بلدهم) الأصلي: فلسطين، وتشكيل دولتهم: إسرائيل. ورافق ذلك جدل واسع بين صفوف الحاخامات باعتبار هذا النهج مخالفا للتوراة وانقطاعا عن التاريخ ..

تمثلت التيارات اليهودية المعارضة للصهيونية من تيار الحريدية (الورع)، الحسيدية (الصوفية ـ معتنقوها، من ذوي البأس الشديد)، الهسكلة، (العمل على جعل الآخر ذكيا ـ تأويل يهودي ظهر في القرن التاسع عشر)، البراغماتية (العملية). شكلت هذه التيارات الأساس النظري للكثير من الحركات المعادية للصهيونية سابقا، والتي ما زالت موجودة حاليا بين يهود الشتات وفي إسرائيل (مثل جماعة ناطوري كارتا) ويقدر المؤلف أعداد هؤلاء المعارضين للصهيونية ببضع مئات من الألوف (ص 27) .

العودة الى أرض (إسرائيل) كمفهوم: في اليهودية وفي الصهيونية.

كان موضوع العودة الى أرض الميعاد شأنه شأن الحركة الصهيونية بإثارته للجدل بين اليهود.. فحاخامات ألمانيا اعتبروا المناداة للعودة لفلسطين مخالفا للتوراة والكتب الدينية، حيث (في نظرهم) أن النبي (أرميا) دعا اليهود الى الاندماج في البلدان التي يتواجدون بها (ص 126)

اعتمد نشاط الحركة الصهيونية على التبشير بالعودة لفلسطين تحت شعار دعائي ( شعب بلا أرض الى أرض بلا شعب!) .. فكان نشاطهم الإعلامي والسياسي يرتكز الى ثلاث مقومات : اليهود ليسوا جماعة دينية بل أمة والثانية استحالة اندماج اليهود في مجتمعاتهم التي يعيشون بها ليفضي الى المرتكز الثالث وهو وجوب ترحيلهم الى وطنهم الأصلي (أرض الميعاد) ..

مفهوم القوة

اللجوء الى القوة ليس غريبا في التوراة، وقد شكلت القوة جزءا من التاريخ اليهودي، لكنها القوة المقوننة والمحددة بشروط واضحة للاستعمال: انتصارها لله ولتعاليمه، وليس ممارستها من أجل انتصار البشر، عندما يحدث تهديد للتوراة ولطهارتها ولما تدعو إليه من قيم أخلاقية ..

حرصت الحركة الصهيونية على (علمنة) أسباب استعمال اليهود للقوة في تاريخهم، بتأويل النصوص التوراتية لفهم مقاومة يهوذا للرومان ولتجربة تاريخ (المكابيين) والقوة التي رافقت لسنوات مختلفة عيد (الهانوضة أو الحانوكاه أي عيد الأنوار أو عيد التدشين)..

استغلت الصهيونية المذابح التي تعرض لها اليهود في روسيا القيصرية وحوادث أخرى (كقضية دريفوس) وغيرها من أجل التعبئة العامة لقبول فكرة الصهيونية بين الأوساط اليهودية .. والانتقال من مفهوم الدفاع عن النفس الى الهجوم على الآخرين، فكانت فكرة تسليح المهاجرين الى فلسطين ووجوب دعمهم المستمر .. وهنا يذكر المؤلف توطن العداء بين العرب واليهود الذي رافق تلك الهجرات ..

التعاون، في إطار من التحديات الجديدة، بين اليهود والصهيونية

يعتبر قيام دولة إسرائيل حدثا مفصليا فيما يخص العلاقة بين المعارضين للصهيونية والصهيونية نفسها .. فقد ظهر ثلاثة تيارات جديدة من التيارات التي كانت تعارض قيام دولة لليهود، وكل تلك التيارات من اليهود الغربيين (الأشكناز) فتيار ظل يعتبر قيام دولة إسرائيل عملا غير شرعيا، حتى وإن قامت، لكنه أجاز قيام الشعائر الدينية بها مثل جماعة (ناطوري كارتا) .. وتيار ثاني ينادي بالتعاون مع الدولة دون المساس أو الاحتكاك بالعرب، هؤلاء مثلهم حزب (أغودات إسرائيل) الذي تحول فيما بعد الى حركة (شاس) ..

أما اليهود الشرقيين (السفارديم ) فقياداتهم تنادي بوجوب قيام دولتين على أرض فلسطين واحدة لليهود وأخرى للعرب.

نبوءات التدمير وإستراتيجية البقاء

(إسرائيل في خطر) هذا الشعار الذي حرصت الحركة الصهيونية على الترويج له باستمرار حتى تضمن تدفق المساعدات إليها .. وترافق تلك الصيحات تحذيرات بوجوب هجرة كل اليهود لفلسطين باعتبار أن بقاء اليهود بالشتات هو بمثابة المحرقة الماثلة .. والتحذير كذلك من الصيحات التي يطلقها يهود الشتات بوجوب التصالح مع العرب ..

ملاحظات :

1ـ يعترف المؤلف بضآلة الإنجازات التي تحققت على يد القوى المناهضة للصهيونية .. و يعترف كذلك بتغيير الكثير من مواقفهم، وإن كان يؤمن بالنهاية بانتصار تلك القوى على الصهيونية ..

2ـ مع إقرار المؤلف بالطابع الاستعماري للحركة الصهيونية لكنه لم يربط بينها وبين المشروع الإمبريالي الغربي

3ـ لم تكن نقطة اختيار فلسطين مربوطة توراتيا بإنشاء دولة الكيان الصهيوني والدلالة على ذلك الخيارات العديدة التي كانت مطروحة: أوغندا، موزامبيق الأرجنتين ، كندا، جنوب إفريقيا .. وهذا يدلل ما ذهبنا إليه في النقطة السابقة لترابط المشروعين الإمبريالي والصهيوني تجاه المنطقة العربية (سايكس بيكو ، بلفور الخ) ..

مع ذلك جاء الكتاب غنيا شاملا موسوعيا فلذلك كان عرضه بتلك الاستفاضة غير المعهودة سابقا ..
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس