الموضوع: عجب عجايب
عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 16-01-2010, 01:10 AM   #4
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
أخي العزيز عاشق الحرف :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أشكرك للغاية على هذه القصيدة والتي أشعر أنها نظمك الخالص ، والقصيدة على بعض الإطالة إلا أنها حققت معنى ضروريًا في الشعر الذي يُقال عنه النبطي أو بالعامية المصرية(الزجل) وهو السهولة في التعبيرات والمباشرة المناسبة لمستوى المتلقي .لا يعد غياب الصور عنصرًا سلبيًا في هذه القصيدة ، لأن الصورة لا تُبتغى في ذاتها وإنما هي وسيلة لتوصيل الفكرة ، أما إذا كانت الفكرة لا تحتاج إلى هذه الصور فيكون وضعها (وضع الصور البلاغية) تحميلاً زائدًا على الفكرة .
النابغة الذبياني كانت له أبيات سهلة للغاية مثل :
المرء يأمل أن يعيش
وطول عيش قد يضره
تفنى بشاشته ويأتي
بعد حلو العيش مرّه
وتخونه الأيام حتى
لا يرى شيئًا يسره
كم شامت بي إن هلكت
وقائل لله دره!!
من هنا كانت قصيدتك جميلة ، ميزها سهولة المصطلحات من ناحية وإمكانية وصولها للمتلقي بغض النظر عن جنسيته رغم أنها خليجية سعودية ،وبعد ذلك هناك ما ميز العمل وهو التدرج من الخطاب الشعبي المتعلق بالجيرة والعشرة انتهاء بالعولم والتي هي شكل أكثر تعقيدًا وتشابكًا في العلاقات الاجتماعية والإنسانية.
والنص اتسم كذلك بخصيصة أخرى وهي وجود رؤية أو موقف فكري هو المحرك لكتابة هذه الأبيات وهو التعجب ، هذا التعجب أكدت عليه من خلال الجزئية :
ياناس الزمن هو الزمن
والعالم هو الي تعولم
والتي تجعل من الزمن -عكس الدارج الشائع عند الناس-عنصرًا ثابتًا ويصير الإنسان هو المتغير فيه .
كذلك -للمرة الثالثة أو الرابعة - مما ميز النص هذا الاستخدام للمجاز والصورة والذي أتى متسقًا مع الإطار العام للقصيدة وذلك في :
من حقك يا عجب تتعجب
حتى عشك صار مهدد
والياء المكسورة بالألف تتمدد
لقد كانت مناجاة العجب وأنسنته حتى يصيرهو نفسه مفتقدًا لخصائصه التي تصير حكرًا على البشر نقطة قوة تضاف إلى العمل الجميل .وتبادل الأدوار بين البشر والكائنات الأخرى من شأنها أن تصنع رؤية أعمق للظواهر المحيطة بالبشر والعالم أجمع.
بل العجب يغدو بعد ذلك متضائلاً كالطير الصغير ،ليكون الإنسان هو تلك الأعجوبة التي حيرت
كل الكون .ونرى اللعب على وتر البعد عن المباشرة من خلال النداء في :الياء المكسورة بالأف تتمدد ،كان هذا تعبيرًا عن إشراك الحروف هي الأخرى في المأساة وكأن الشاعر من شدة إرهاقه صار لا يطيق النداء من كثرة ما نادى أو أرهقه الكلام .
وكانت النهاية أخلي العجب مني يتعجب جميلة أتت محصلة أو نتيجة لتعجب العجب ،كأن الشاعريعد أن يأتي هو نفسه بعجائب ليغدو العالم كله عجائب ، بينما العجائب هي الشيء المنطقي الوحيد وذلك في تناص مع قول الشاعر :
على أنها الأيام صرن عجائبًا
حتى صار ليس فيهن عجائب
عمل مميز بحق ، وأشكرك على ما أبدعته قريحتك ، وأرجو لك التوفيق دائمًا وأبدًا .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس