عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 29-10-2009, 06:05 PM   #437
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

آن لي أن أنحني لرغبة حلم
كثيراً ما عززت بقائه داخلي
التجسيد في تشبيه الحلم بإنسان كان بداية قوية للعملوهذه التشبيهات عمومًا
تزيد من حيوية النص وعمقه .
أنجبت له أحلامًا صغارًا
نفس الفكرة ، وهي التجسيد حينما يكون للحلم أبناء صغار ، إن التأكيد على هذا المعنى من خلال التجسيد وتشبيه الأفكار والأحلام بالأطفال الصغار يجعل القارئ يسبح في هذا العالم ويتعامل معه كأنه عالم حقيقي وهذا التعامل مع النص كأنه حقيقة يجعل من المصطلحات المستخدمة أداة لتشكيل عالم خاص بالمبدع يمكن من خلالها أن يثري النص .
جعلته نجوم ليل تسامرني
تنفسته إشراقة صباح
نلاحظ هنا أن الحلم امتدت دلالته ليكون مرة صديقًا أو محبوبًا عزيزًا ثم تارة يكون كأنه الزوج ثم يصبح نسيمًا يُتنفس ، هذا التكرار من خلال التدرجية في التناول يجعل من ارتباط الحياة بالحلم قضية محورية فكرية ، إذ لا يعدو الحلم –في رأي كاتبة النص- مجرد زائر ليلي وإنما هو محرك للحياة لا سيما وأنه له حضوره في إشراقة الصبح . فإذا كانت الأحلام تُبصَر ليلاً إلا أن تنفسها كإشراقة صباح يفيد مدى استغراقها الزمني.
حملته على أكتافي سنينًا بكل
مقام .. بكل زمان
إذا كان الحلم قد أنجِبَ له أبناء صغار فمن المنطقي أنه سيحمل على الكتف ،لهذا لم يكن لهذا السطر إضافة جديدة
كلما التفتُّ يمين رأيت المستقبل
يُمجد
كلما ألتفت يسار رأيت ابتسامة
أحباب
كلهما يريد احتضاني
كلهما يروا السعادة قد أكتمل
نسيجها داخلي ..
خاب الحلم ونوى الرحيل
أين ملجأ الأحلام الصغار ؟
وإلى أين تخطو أمهم الثكلى ؟
هذا الجزء اتسم بالسردية الزائدة والتي كان قد دل عليها ما قبلها وغلبت عليها التصورات الذهنية المغرقة في الذات .
النوافذ ستغلق والعتبات
لا تقبل شتات !! ..
جميل ها هنا تكامل بيئة التشبيه ومراعاة النظير حينما تغدو الأحلام منازل بل قلاعًا قد استعصت على الأحلام ،وحين تشبه الأحلام بالمشردين اللاجئين الباحثين عن مكان للعمل فإن هذا التعبير يضفي عليها مسحة إنسانية أكثر قوة وعمقًا ، وتظل فكرة الحلم متعددة الأشكال فمن شكل الإنسان إلى شكل المنازل إلى الإشراق وكأنه نقل لعالم الحقيقة إلى عالم تبحث الأحلام فيه عن مستقرها نحو النفس علها تغدو أشباه حقيقة يومًا ما .
هم من استفزز رغبته
هم من يريدونقتلي مرة أخرى
هم من يقولون للعصافير لا تغريد
الضمير هم للجماعة وهو يعبر عن آخرين كتعبير عن نظام استبدادي أو مجتمع
لا يؤمن بالحرية طريقًا له.وإخفاء المعنيّ بالخطاب جاء تعبيرًا عن خوف يكتنف المبدع نفسه ويعبر عن آهاته من واقع لا يستطيع فيه البوح كأنما هؤلاء ال(هُم) قد فتشوا عما في كتاباته فعرض بهم ولم يسمّ صراحة.
لاوقوف ببراءة على نوافذ مشرعة
لا تغازلي الصباح
عودي بالمساء ..
في هذا الجزء ينفصل صوت المبدعة عن المستمع ويحل محله صوت آخر وهو صوت الذين تدينهم المبدعة والذين يعززون وجود هذا الاستبداد بالنهي من خلال الأداة (لا) والتي تكررت على مرات متقاربة ، التعبير (لا وقوف ببراءة...) فيه إشارة كبيرة إلى هذا التجريم للوقوف على هذه النوافذ ودلالتها لا تخفى على القارئ تنسحب على الوطن\الحلم\المستقبل . وقد يظن المتلقي أن ذكر جملة عودي" بالمساء" زائدة على النص لأن المبدعة ذكرت قبلها تعبيرًا يوحي بالمعنى ذاته "لا تغازلي الصباح" إلا أن النهي جاء مرتين وفي المرة الثالثة جاء الأمر -في رأيي الشخصي-حاملاً معنى النهي كما أنه جاء لنفي أي احتمالية لوجود الصباح ، فلولا جملة(عودي بالمساء) ربما ظن القارئ أن المتحدَّّث عنهم منعوها من مغازلة الصباح لكنهم تركوا لها احتمالية العودة صفر اليدين فلا صباح ولا مساء وحينئذ تكون المبدعة في حالة تعادل بين الأمل والخوف . لكن تعبير"عودي بالمساء" فيه توكيد على هذه الاستبدادية التي تضيق بها المبدعة في ثنايا الأسطر .
أذكياء !! العصافير تخشى الظلام
ليس أمامها إلا الصباح
كما الأحلام تطمح لاستقرار أصحابها
والأزهار تبتهج بتفرع بتلاتها
يعاود صوت المبدعة الظهور مرة أخرى وكأنه إشارة إلى أن هذا الصوت الآخر كان مقتحمًا إياها حتى إنه لم يأت بين قوسين أو بلون مخالف كتشويش على صوتها الحقيقي والذي استعادته مرة أخرى ساخرة وهي تقرر حقيقة رغم تقريريتها واعتياديتها إلا أنها مؤثرة ،العصافير ليس أمامها إلا الصباح . وهي بذلك تعكس القاعدة التي وضعوها هم وتعود بالنفي إلى معنى الإيجاب وكأنها استردت منهم حقيقة طالما حاولوا إخفاءها ،وكان لتعبير الأحلام تطمح لاسقرار أصحابها أثر كبير في توهج النص ؛لأن الأحلام هي رؤية منام والمنام يكون في الليل ، ولكن عندما يكون الأمل منبثقًا من كلمة تحمل معنى الليل فإن ذلك يعني أن المبدعة تفلسف الحياة بطريقة يكون الليل -الذي يظهر فيه المنام- رديفًا للصباح لأنه يحمل الجانب المشرق من هذا المعنى .وحينئذ تنزاح دلالة الليل وتنعكس وهذا تعبير عن قوة الصباح الذي غيّر كل معاني الحياة بما فيها بعض المسلّمات مثل(الليل).


__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار





آخر تعديل بواسطة المشرقي الإسلامي ، 10-05-2011 الساعة 03:26 AM.
المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس