عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 01-12-2008, 02:34 AM   #1
الوافـــــي
عضو شرف
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 30,397
إرسال رسالة عبر MSN إلى الوافـــــي
إفتراضي نموذج «القاعدة» في مومباي والدين والسياسة ..!!


نموذج «القاعدة» في مومباي والدين والسياسة


مقالة للأستاذ / ياسر الزعاترة

سواء جرى اعتقال بعضهم ، أم قتلوا جميعاً ، فإن هوية منفذي هجمات مومباي تبدو واضحة ، بصرف النظر عن المسمى الذي اختاروه لأنفسهم ، أو البيان الذي سيصدره رفاق لهم بعد ذلك: لا يستبعد أن يشفع بشريط فيديو وفق النمط المعروف.

إنهم شبان مسلمون ، الأرجح أنهم يتوزعون على أكثر من جنسية ، يستلهمون نموذج القاعدة الذي يعلن مطاردة الأمريكان والبريطانيين واليهود (تذكرون الجبهة العالمية لقتال اليهود والصليبيين التي أنشأها أسامة بن لادن مع عدد من الجماعات عام 98).

نقول يستلهمون ، لأننا ندرك أن الكثير مما نسب إلى القاعدة خلال السنوات الماضية ، إنما كان يستلهم النموذج ، ولا صلة له مباشرة بقيادة التنظيم ، لا سيما تلك العمليات التي نفذها شبان آسيويون ، أكان في بريطانيا ، أم في بالي بأندونيسيا ، أم حتى في تركيا.

بحسب أحد النزلاء ، ما إن دخل المنفذون فندق تاج محل حتى طلبوا جميع حملة الجوازات الأمريكية والبريطانية. وجاء استهدافهم للمعبد اليهودي ليشير بدوره إلى طبيعة الرؤية التي يتحركون على أساسها. أما قتلهم لآخرين في الطريق إلى الأهداف المطلوبة ، وعلى رأسها الفندقان الكبيران والمعبد اليهودي والمقهى الذي يرتاده الأجانب ، فهو ذو صلة بطبيعة تفكير هذه المجموعات من جهة (فتاوى التترس وما شابه) ، كما قد يعود لكون بعضهم ، وربما أكثرهم من الهنود والباكستانيين الذين يرون في الهند عدواً أيضاً ، ليس بسبب احتلالها لكشمير وتهميشها للمسلمين فحسب ، وإنما من زاوية علاقتها بالولايات المتحدة وبريطانيا والدولة العبرية. وفي هذا السياق يرى الخبير الهندي في القضايا الأمنية (أميت شاندا) أن الهجمات "رد على العلاقات التي طورتها الهند مع بريطانيا والولايات المتحدة وإسرائيل" ، بدليل اختيار المهاجمين لمواطني هذه الدول على وجه التحديد.

ما سلف كله لا صلة له البتة بتبرير الهجمات ، فهي مدانة ومرفوضة من كل وجه ، ويكفي ما يترتب عليها من تأثير سلبي على صورة الإسلام والمسلمين ، فضلاً عن وقوعها في بلد متعدد الأعراق يؤوي أقلية مسلمة يتجاوز تعدادها 150 مليوناً من البشر ستتأثر سلباً بسببها.

قتل الأبرياء غير المحاربين ليس من الإسلام في شيء ، بصرف النظر عن نتائجه ، فكيف حين يتعلق الأمر بصورة دين عظيم سيتعرض للتشويه: هو الذي ينبغي أن تنشر تعاليمه في سائر الدنيا ، لا سيما في بلد مثل الهند فيه أديان ومذاهب لا تمت إلى العقل بأدنى صلة.

ما ذكرناه آنفاً هو للتأكيد على البعد السياسي للهجمات ، ولو كان هدف المهاجمين هو زيادة عدد القتلى فقط ، لتصرفوا بطريقة مختلفة ، هم الذين يملكون هذه القدرة والإمكانات ، وهو بعد ليس هامشياً بحال ، كما أن الحديث عنه ليس تبريراً لما جرى ويجري كما رددنا مراراً في سياق متابعتنا لموجة "العنف الإسلامي" منذ التسعينات ، وحتى هجمات الحادي عشر من أيلول وما تلاها.

العنف ليس قضية فكرية. صحيح أنه يتوسل الأفكار في كثير من الأحيان ، لكن السياسة تبقى الأصل ، وفي العقود الماضية شهد العالم عنفاً يسارياً ويهودياً وكاثوليكياً ويمينياً مسيحياً وقومياً عنصرياً وسوى ذلك. والذين فككوا المعضلة الايرلندية لم يدينوا المذهب الكاثوليكي ولم يطالبوا بإعادة النظر في مناهجه ، بل عالجوا البعد السياسي للقضية.

تبقى نقطة بالغة الأهمية نحب أن نشير إليها هنا ، ألا وهي المتعلقة بالعمليات الاستشهادية أو الانتحارية ، فقد ربط "العنف الإسلامي" منذ النصف الثاني من التسعينات ، بما في ذلك الفلسطيني منه بذلك اللون من العمليات ، ما دفع البعض إلى المطالبة بتحريمها بعد تجريمها ، وهو ما رددنا عليه مراراً بالقول إن العنف الأعمى والمرفوض يظل كذلك بصرف النظر عن طريقة التنفيذ ، كما أن المقاومة المشروعة تظل مشروعة ، بصرف النظر عن وسائلها ، أكانت استشهادية أم غير ذلك ما دامت الطريقة مدروسة وتقدر بقدرها وفق ميزان القوى والأرباح والخسائر.

هذه هجمات مومباي تتم برشاشات وقنابل ، وليس بسيارات مفخخة وأحزمة ناسفة ، فهل يتغير الموقف منها بالنسبة لأولئك؟،

__________________



للتواصل ( alwafi248@hotmail.com )
{ موضوعات أدرجها الوافـــــي}


الوافـــــي غير متصل   الرد مع إقتباس