عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 21-09-2006, 01:34 PM   #12
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

التشويش الحاصل في أنماط الحياة مصدر خطير لتدمير الشباب :

إذا نمت أطراف الجسم ( اليدين والرجلين ) بما يتناسب مع نمو الإنسان العقلي والمناسب للزيادة في العمر .. فإن ذلك يخضع للصفة الطبيعية ، ولكن لنتصور أن أحدا قد نمت رجله اليسرى (مثلا) ليصبح طولها أربعة أمتار ، فإن ذلك النمو سيكون عبارة عن تشوه خطير ، سيعيق السير والقدرة على أداء صاحب تلك الظاهرة القيام بمهامه الطبيعية ..

إن المثال السابق ، يشبه لحد كبير ما حصل على النمو في نزعة الاستهلاك والبذخ والترف ، في حين توقفت القدرة على الزيادة في الدخل ( راتب أو مردود) .. فلم يعد بإمكان المواطن ليوفق بين النزعة الاستهلاكية الصاعدة وثبات دخله .. فيضطر للاستدانة أو بيع مدخراته أو عقاراته التي ورثها ..

هذه الظاهرة استشرت في عصر الفوضى الذي ساد العالم منذ ثلاثة عقود ، حيث نمت مداخيل أناس لا يعملون ولكنهم يكسبون بطرق غريبة ، الأموال الكثيرة ، فكونوا نمطا للقياس على الحياة تأثرت به طبقات الشعب ، ولم تستطع تجاهله .. كما لم تستطع مجاراته ..


إن هذه الظاهرة ، جعلت الناس يحتقرون أي مهنة أو متجر أو ورشة صغيرة ، تدر عليهم ربحا يتلاءم مع العمل الذي يقومون به ، لكنها لا تتلاءم مع تطوير قدرتهم الشرائية ، لتلبي حاجات الزوجة والبيت و نمط الحياة المرتبطة بعصر الفوضى .. فتكون النتيجة هي الانتقال من مهنة الى مهنة ، وبيع مستلزمات المهنة السابقة بخسارة ، وتحمل تكاليف التغيير بالمهنة الجديدة ، مما يستوجب الاستدانة أو بيع مزيد من المدخرات و العقارات الموروثة (في بعض الحالات ) .

إن تلك الظاهرة لها مخاطر شديدة على الصعيدين الفردي والجماعي (الوطني)

1 ـ فعلى صعيد الخبرات ، إن هذا النمط من التغيير المستمر سيؤثر في :

أ ـ عدم تراكم الخبرات عند الأفراد ، بسبب التنقل من مكان لمكان ومن عمل لعمل ، وهذا يجعل الأفراد في مرحلة تدرب طيلة حياتهم و يبعدهم عن كونهم محترفين يطوروا من مهنهم ، ويسجلوا براءات الاختراع في تلك المهن .

ب ـ عدم تنامي فكرة المشرعين ، لسن القوانين ( موضوع علاقات الإنتاج ) ، وذلك لغياب المحترفين الذين يدافعون عن مهنهم ، ويضعون لها المقترحات النافعة التي يتبناها النواب ( المشرعون ) .

ج ـ عدم تشكيل كيانات مهنية ، تعرف البلاد بتلك الكيانات ( نقابات جمعيات مهنية حقيقية لا شكلية ) .. تسهل وصف اقتصاد البلاد بصفات واضحة ومفهومة لمن هم خارج البلاد ..

2 ـ على الصعيد المالي والمادي :

أ ـ هدر أموال الأفراد في تجارب فاشلة ، ستجعلهم في النهاية يترددون في البحث عن مشروع ناجح ، لكثرة تجاربهم الفاشلة .

ب ـ استنزاف أموال الأسر والأفراد ، وتعريض الأجيال القادمة للانحدار في مستويات حياتهم الاقتصادية والتعليمية والاجتماعية .. وزيادة حجم المهمشين في المجتمعات .

ج ـ استنزاف موارد البلاد من مياه ، استغلت في مشاريع لم تدرس جيدا ، أو مواد خام وظفت بطريقة خاطئة ، سواء تلك المنتجة محليا أو المستوردة .

إن التشدد الحكومي في السيطرة على توجيه تلك المشاريع ، يشبه لحد كبير إجبار الأطفال الرضع على أخذ جرعات اللقاح ضد الشلل .. فشلل الأفراد يؤثر على المجتمع ، كما أن فشل الأفراد في مشاريعهم يؤثر على المجتمع ، وحتى يكون تدخل الحكومات نافعا و مفيدا يستوجب ما يلي :

1 ـ تأسيس مناهج تربوية في المدارس ، تتناول تلك المسألة بيد مختصين ، وتربطها بالتدريبات العملية بالتنسيق مع المنشئات العامة والخاصة .. ليتدرب التلميذ منذ الصغر ، على تقييم الأداء العملي مع الإداري .

2 ـ تأسيس مكاتب حكومية وخاصة ، لتقديم المشورات ودراسة الجدوى الاقتصادية ، و عدم إعطاء ترخيص لأي مشروع إلا بإرفاق دراسة جدوى اقتصادية حقيقية ، وتحميل جهة إعطاء الدراسة ، مسئولية أو جزء من مسئولية فشل تلك المشاريع .

3 ـ الابتعاد عن ثقافة الاستهلاك ، والتباهي بمظاهر الترف ، وإلزام التلاميذ في المدارس والجامعات بزي موحد .. وتشجيع الأعمال الثقافية التي تدعو للابتعاد عن ثقافة الاستهلاك ..

4 ـ اشتراط التقدم للانتخابات البرلمانية ( التشريعية ) هي مقدرة النائب على التعامل مع القوانين وآليات سنها ، لتخدم في النهاية الحالة الاقتصادية التي تتفرع عنها ظواهر الفشل ..

5 ـ التخفيف من إقبال الدولة على البذخ في تزويد موظفيها المعادلين لمن هم في مثل وضعهم بالقطاع الخاص ، بأشكال الرفاه من ( سيارات ومكاتب فخمة ) .. مما يجعل هذا النموذج نموذجا يحتذى به في القطاع الخاص .

إن إزالة التشويش من رؤوس الشباب حول أهمية المواظبة في أعمالهم ، وعدم احتقارها ، سيشجع على تخفيف استيراد العمالة الوافدة ، كما سيقلل من هدر الأموال والزمن في تلك المشاريع ..
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس