عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 19-01-2019, 10:27 AM   #1
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,909
إفتراضي تفسير سورة الفرقان

سورة الفرقان
سميت لذكر الفرقان بقوله "تبارك الذى نزل الفرقان على عبده ".
"بسم الله الرحمن الرحيم تبارك الذى نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا "المعنى بحكم الرب النافع المفيد دام الذى أوحى القضاء إلى مملوكه ليصبح للناس مخبرا ،يبين الله الرحمن الرحيم أى الرب النافع المفيد أن اسمه وهو حكمه هو أن الذى أنزل الفرقان على عبده قد تبارك والمراد أن الذى أوحى الوحى الفاصل بين الحق والباطل فى كل القضايا وهو الكتاب مصداق لقوله بسورة الزمر "الله نزل أحسن الكتاب كتابا "على مملوكه محمد(ص)قد دام أى بقى والمراد أن الله دائم أى مستمر الوجود أى هو الباقى وسبب إنزال الوحى على محمد(ص)هو أن يكون للعالمين نذيرا أى أن يصبح للناس مبلغا للوحى والخطاب وما بعده للناس .
"الذى له ملك السموات والأرض ولم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك فى الملك وخلق كل شىء فقدره تقديرا "المعنى الذى له حكم السموات والأرض ولم يصطفى ابنا ولم يكن له مقاسم فى الحكم وأنشأ كل مخلوق فعدله تعديلا ،يبين الله للناس أن الله هو الذى له ملك أى حكم أى "ميراث السموات والأرض "كما قال بسورة الحديد وهو لم يتخذ ولدا أى لم يلد ابنا مصداق لقوله بسورة الإخلاص "لم يلد "ولم يكن له شريك فى الملك والمراد ولم يكن لله مقاسم أى مكافىء فى حكم الكون مصداق لقوله بسورة الإخلاص "ولم يكن له كفوا أحد " وهو الذى خلق كل شىء فقدره تقديرا والمراد الذى أنشأ كل مخلوق فأحسن خلقه إحسانا مصداق لقوله بسورة السجدة "الذى أحسن كل شىء خلقه "وهذا يعنى أنه أتقن المخلوق إتقانا .
"واتخذوا من دونه آلهة لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ولا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا "المعنى وعبدوا من غيره أرباب لا يصنعون أمرا وهم يصنعون ولا يقدرون لأنفسهم أذى ولا خيرا ولا يفعلون هلاكا ولا خلقا ولا بعثا ،يبين الله أن الكفار اتخذوا من دونه آلهة أى جعلوا لهم من سواه أولياء أى شفعاء مصداق لقوله بسورة الزمر "والذين اتخذوا من دونه أولياء "وأم اتخذوا من دون الله شفعاء "وهم لا يخلقون شيئا والمراد لا يبدعون مخلوقا أى لا يقدرون على إبداع مخلوق وهم يخلقون أى يبدعون والمراد أن الله يخلقهم وهم لا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا والمراد وهم لا يقدرون لأنفسهم على أذى ولا خيرا وهذا يعنى أنهم لا يحدثون لأنفسهم شرا أو خيرا وأيضا لا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا والمراد لا يقدرون على هلاك الخلق وعلى إحياء أى خلق الخلق وهو نشورهم أى بعثهم مرة أخرى وهذا يعنى أن ليس معهم قدرة من قدرات الإله الحق ومن ثم فهم ليسوا آلهة والخطاب للنبى(ص) وما بعده وما بعده .
"وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم أخرون فقد جاءوا ظلما وزورا "المعنى وقال الذين كذبوا إن هذا إلا كذب اختلقه وساعده عليه ناس أخرون فقد أتوا باطلا أى كذبا ،يبين الله أن الذين كفروا أى كذبوا حكم الله قالوا إن هذا إلا إفك افتراه والمراد إن القرآن إلا كذب اختلقه أى تقوله محمد (ص)على الله وأعانه عليه قوم آخرون والمراد وساعده على اختلاقه ناس آخرون وهذا يعنى أن القرآن فى رأى الكفار ليس سوى مؤلف ألفه الرسول (ص)بمشاركة بعض الناس ويبين الله لنا أن هؤلاء الكفار جاءوا ظلما أى زورا والمراد لقد قالوا كذبا أى باطلا .
" وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهى تملى عليه بكرة وأصيلا "المعنى وقالوا تخاريف السابقين سجلها فهى تلقى عليه نهارا وليلا ،يبين الله أن الكفار قالوا أيضا عن القرآن أساطير الأولين أى تخاريف وهى أكاذيب السابقين دونها فى الصحف فهى تملى عليه بكرة وأصيلا والمراد فهى تلقى على مسمعه نهارا وليلا وهذا يعنى أنهم يتهمون النبى (ص)بكتابة القرآن وهو أمى لم يكن يقرأ ويكتب والخطاب للنبى(ص) .
"قل أنزله الذى يعلم السر فى السموات والأرض إنه كان غفورا رحيما "المعنى قل أوحاه الذى يعرف الخفى فى السموات والأرض إنه كان عفوا رحيما "المعنى قل أوحاه الذى يعرف الخفى فى السموات والأرض إنه كان عفوا نافعا ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول لهم أنزل الوحى الذى يعلم السر والمراد أوحى القرآن الذى يعرف "غيب السموات والأرض "كما قال بسورة الحجرات وهو الخفى فى الكون إنه كان غفورا رحيما أى نافعا مفيدا لمن يطيع حكمه والخطاب للنبى(ص) .
"وقالوا مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشى فى الأسواق لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا أو يلقى إليه كنز أو تكون له جنة يأكل منها وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا "المعنى وقالوا مال هذا النبى (ص)يطعم الأكل ويسير فى المتاجر لولا أرسل معه ملاك فيصبح معه مبلغا أى يعطى له مال أو تصبح له حديقة يرزق منها وقال الكافرون إن تطيعون سوى ذكرا مخادعا ،يبين الله أن الكفار تساءلوا مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشى فى الأسواق والمراد لماذا هذا المبعوث يتناول الأكل ويسير فى المتاجر ؟والغرض من السؤال هو إخبار ضعاف الناس أن هذا الرسول (ص)ليس رسولا بدليل أكله للطعام مثلهم ومتاجرته فى الأسواق مثلهم فالرسول فى رأيهم لا يأكل ولا يتاجر فى السوق وقالوا لولا أنزل إليه ملك أى لولا "جاء معه ملك "كما قال بسورة هود والمراد هلا أتى معه ملاك فيكون معه نذيرا والمراد فيصبح معه مبلغا للوحى وهذا يدلنا على تناسى القوم أن الله أخبرهم أنهم لا يرون ملاكا قبل القيامة وقالوا أو يلقى إليه كنز أى "لولا أنزل إليه كنز "كما قال بسورة هود والمراد هلا أعطى له مال وفير كان مخفيا أو تكون له جنة يأكل منها والمراد أو تصبح ملكه حديقة يرزق منها وهذا يعنى أنهم يطلبون معجزات وهم يعلمون أن الله أخبرهم أنه لن ينزل لهم معجزات وقال الظالمون وهم الكافرون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا والمراد إن تطيعون إلا ذكرا مخادعا وهذا يعنى اتهام الكفار للرسول (ص)بممارسة السحر وهو الخداع لجذب الناس لدعوته والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا "المعنى فكر كيف قالوا لك الأقوال فعوقبوا فلا يدخلون جنة ،يطلب الله من نبيه (ص)أن ينظر والمراد أن يعلم كيف ضربوا له الأمثال والمراد كيف قالوا له الأكاذيب وهى حجج الباطل فضلوا أى فعذبوا فلا يستطيعون سبيلا والمراد فلا يهتدون طريقا مصداق لقوله بسورة النساء "ولا يهتدون سبيلا "وهذا يعنى أنهم لا يدخلون الجنة .
"تبارك الذى إن شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات تجرى من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا "المعنى دام الذى إن أراد أعطى له أفضل من ذلك حدائق تسير من أسفلها العيون ويعطى لك بيوتا ،يبين الله لنبيه (ص)أن الذى إن شاء أى أراد فعل التالى جعل له خيرا من ذلك أى أعطى له أفضل مما يقول الكفار من الكنز والحديقة وهو جنات تجرى من تحتها الأنهار والمراد حدائق تسير من أسفل أرضها العيون ذات الأشربة اللذيذة وفسر هذا بأنه يجعل له قصورا أى مساكنا طيبة ،قد تبارك أى دام أى بقى وهو يعنى أن الله هو الحى الباقى .
"بل كذبوا بالساعة وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا دعوا هنا لك ثبورا لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا "المعنى لقد كفروا بالقيامة وجهزنا لمن كفر بالقيامة نارا إذا شهدتهم من موضع قصى علموا لها غضبا وألما وإذا وضعوا فيها موضعا صغيرا مقيدين قالوا عند ذلك عذابا لا تقولوا الآن عذابا واحدا وقولوا عذابا مستمرا،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار قد كذبوا بالساعة أى كفروا بالقيامة وقد اعتد الله لمن كذب بالساعة سعيرا والمراد وقد جهز لمن كفر بالقيامة عذابا أليما مصداق لقوله بسورة الإسراء "أعتدنا لهم عذابا أليما "والنار إذا رأتهم من مكان بعيد أى إذا شاهدتهم من موقع بعيد سمعوا لها تغيظا أى زفيرا والمراد علموا لها غضبا أى صوتا دالا على الغضب الشديد وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين والمراد وإذا وضعوا فى النار فى مكان صغير وهم مقيدين فى السلاسل وهى الأصفاد مصداق لقوله بسورة إبراهيم "وترى المجرمين يومئذ مقرنين فى الأصفاد "وعند ذلك دعوا هنالك ثبورا أى قالوا فى ذلك المكان ويلا لنا فيقال لهم لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا والمراد لا تقولوا الآن عذابا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا والمراد وقولوا عذابا مستمرا وهذا يعنى إخبارهم أن العذاب ليس مرة واحدة وإنما عذاب أبدى مستمر والخطاب وما بعده للنبى(ص).
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس