عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 03-05-2008, 02:38 AM   #16
المصابر
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2006
الإقامة: أرض الله
المشاركات: 5,633
إرسال رسالة عبر ICQ إلى المصابر إرسال رسالة عبر MSN إلى المصابر إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى المصابر
إفتراضي

[FRAME="11 70"]
ان الحظر الذي تريده الولايات المتحدة لا بد وان يؤدي إلى:

أ ـ ان يؤدي في نتائجه إلى تزعم الولايات المتحدة للموقف، كما حدث في حظر عام 1973م حيث تزعمت الولايات المتحدة الدول الصناعية الكبرى في جبهة مضادة للدول المصدرة للنفط، هذه الزعامة قد وفرت للولايات المتحدة طوق نجاة من المستنقع الفيتنامي الذي سقطت فيه.

كانت دول اوربا الغربية واليابان، خاضعة للنفوذ الامريكي خضوعاً عسكرياً وسياسياً واقتصادياً تاماً منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية. فالولايات المتحدة هي التي حررت اوربا الغربية من الاحتلال العسكري النازي، وهي التي احتلت اليابان بعد أن هزمتها عسكرياً. ثم انها هي التي ساعدت اوربا على النهوض والانتعاش عن طريق مشروع مارشال، كما أنها ساعدت اليابان عن طريق ربط اقتصاديات البلدين. ومع مرور السنين، استطاعت اوربا الغربية واليابان إلى حد ما أن تتخلص من الوصاية الأمريكية، وذلك عن طريق نجاح السوق الاوربية المشتركة، وعن طريق المعجزة الاقتصادية اليابانية، وعن طريق التغييرات السياسية التي ادت إلى التقارب الامريكي السوفيتي، والتقارب الأمريكي الصيني، ذلك التقارب الذي افقد حلف الاطلنطي والحلف الامريكي الياباني كثيراً من اهميتهما. ولكن تطبيق سلاح البترول ضد دول اوربا واليابان، كان من آثاره احداث انقلاب شامل في الاوضاع الدولية، أتاح للولايات المتحدة الأمريكية فرصة جديدة للعمل على استرداد ما فقدته من سيطرة، وعلى اعادة الدول الاوربية واليابان إلى الحظيرة الأمريكية، ومصدر كل ذلك هو رفع سعر البترول إلى درجة اثرت تأثيراً كبيراً على مسيرة الانتاج في هذه البلاد، وهذا بدوره قلل في القدرة الاوربية واليابانية على التحرر من الوصاية الأمريكية[16].

ب ـ أن يعود بالنفع المادي للولايات المتحدة، كما حدث في حظر عام 1973م، ففي عشية حرب أكتوبر 1973م كانت الدول الاوربية واليابان قد وصلت إلى درجة اصبحت فيها تنافس في منتجاتها الصناعية المنتجات الأمريكية وهذا يعني امرين: الأمر الأول يعني خروج هذه الدول من الهيمنة الأمريكية نهائياً، والامر الثاني يعني تدهور الاقتصاد الامريكي الذي يعتمد بالاساس على التجارة الخارجية.

في الواقع كان الحظر النفطي عام 1973م، الذي سبب في زيادة الاسعار، قد حقق للولايات المتحدة دخلاً كبيراً من خلال الشركات الأمريكية الكبرى التي تقوم بانتاج وتسويق النفط، فاكثر من نصف عائدات النفط هو من حصة هذه الشركات، اما حصة الدول المنتجة للنفط والتي زادت أيضاً فانها اتجهت إلى ثلاثة اتجاهات كلها تصب في النهاية في خدمة الولايات المتحدة، فقسم من هذه العائدات كان يخزّن في بنوك الولايات المتحدة ومن ثم يستخدم في تحسين الاقتصاد الامريكي، والقسم الثاني يتحول إلى الخزينة الأمريكية عن طريق بيع اسلحة قد خرجت من الخدمة إلى انظمة المنطقة، والقسم الثالث يستخدم لتوريد السلع الاستهلاكية من الولايات المتحدة لدول المنطقة مما ينشط سوق العمل والتجارة داخل الولايات المتحدة.

يقول الدكتور فؤاد مرسي: فلقد افترضت الرأسمالية العالمية ان البلاد العربية لا تستطيع ان تستوعب العوائد النفطية، ومن ثم اعدت الاجهزة والآليات والادوات لتدوير أو اعادة تدوير الفوائض العربية في السوق المالية العالمية، وبذلك تستعيد بسهولة نادرة اغلب الاموال التي نتجت عن النفط العربي. وبفضل النظام النقدي الدولي القائم على عملات رئيسية كالدولار والاسترليني والفرنك والين، وبفضل النظام المصرفي العالمي واسواق النقد والمال في اوربا وامريكا، تعاد الاموال العربية إلى العالم الرأسمالي، حيث تمثل طاقة اضافية لتنمية الاقتصاد الرأسمالي العالمي وحمايته من المزيد من الاضطرابات في اوضاع ازمته الاقتصادية المستديمة[17].

ج ـ ان لا يؤثر الحظر على الامدادات النفطية للولايات المتحدة كما حدث في حظر عام 1973م. فرغم الحملة الانتقادية التي شنها الاعلام الأمريكي على موضوع الحظر النفطي إلاّ انه في حقيقة الأمر لم يؤد هذا الحظر إلى نقص في الامدادات، فالولايات المتحدة تعتمد على نسبة ضئيلة من نفط المنطقة كما أن هذه النسبة في الواقع لم تتوقف وهذا ما اعترف به اليماني وزير نفط النظام السعودي رفع الحظر حيث يقول: ان حكومته تعلم أن الشركات النفطية ستتحايل على الحظر النفطي، ومع ذلك لجأت إليه كمجرد تحرك سياسي[18].

ويقول روبرت ليسي: ان الحظر عام 1973م لم يحقق هدفاً واحداً من اهدافه المعلنة. فوقف اطلاق النار الذي فرضته الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي معاً بعد يومين من ذلك على اسرائيل، وسوريا ومصر كان سيفرض على أي حال... كما أن حجب الـ (500/ 638) برميل نفط التي كانت المملكة العربية السعودية تبيعها يومياً لامريكا خلال العشرة اشهر ونصف الشهر الاولى من سنة 1973م لم يقترب ابداً في حد ذاته من تعريض قوة الولايات المتحدة للحظر أو تغيير سياستها، وذلك لأن تلك الكمية لم تمثل إلاّ اقل من 4 في المائة من استهلاك أمريكا اليومي البالغ 7 مليون برميل[19].

د ـ ان يؤدي الحظر إلى ايجاد ذريعة في تنفيذ احد مرتكزات سياستها والتي قد لا يؤيديها الرأي العام الامريكي والغربي بصورة عامة. ولهذا نجد أن حظر النفط عام 1973م قد ساعد الولايات المتحدة على تسويق احدى ثوابت سياستها وهو التواجد المباشر عن طريق تعبئة الرأي العام الامريكي والغربي لهذا الغرض. ففي يناير 1974م اعلن وزير الدفاع الامريكي (جيمس شليز نجر) أن صبر الجمهور الامريكي له حدود وأنه قد يمارس ضغطاً قوياً على واشنطن للانتقام من الدول العربية إذا لم توقف الحظر النفطي[20]. وفي يناير 1975م اكد كيسنجر لمجلة (بيزنس ويك) عن الامكانية الحقيقية للتدخل العسكري ضد الدول المنتجة للنفط[21].

5ـ نظرية فيصل باستخدام النفط في السياسة:

لقد عرف عن فيصل انه يحاول دائماً تسويق نظريته المعروفة في عدم زج النفط في السياسة من قبل دول منظمة اوبك وخاصة دول الخليج بحكم ضعف انظمة هذه الدول اتجاه النظام السعودي. ونظرية فيصل هذه لم تأت من بنات افكاره أو من ابداعاته السياسية وانما هي سياسة الولايات المتحدة في موضوع النفط.

والواقع ان موضوع الحظر وكما اشرنا سابقاً يشكل خطراً على الولايات المتحدة في حالة توفر الشروط التي اشرنا إليها سابقاً، اما في حالة عدم توفر تلك الشروط فالحظر مسموح به بل مطلوب، لذلك نجد أن تأكيدات النظام السعودي على عدم زج النفط في السياسة تتبع الموقف الامريكي من هذه القضية، فقبل حرب أكتوبر بسنة وبالتحديد في نوفمبر 1973م أعلن اليماني وزير نفط النظام السعودي قائلاً: نحن لا نؤمن باستخدام النفط كسلاح سياسي بأهداف عدائية. نحن نؤمن بأن افضل طريق للعرب. هو استخدام مصادرهم النفطية للتعاون الاصيل مع الغرب، وخصوصاً الولايات المتحدة. فبهذا السبيل ستقام علاقات اقتصادية وثيقة ستنعكس في نهاية المطاف على علاقاتنا السياسية[22].

اذن ما الذي دعا النظام السعودي ان ينظم إلى الحظر النفطي بعد سنة من تصريحات وزير النفط هذه، الواقع أن السبب اصبح واضحاً لأن الحظر في هذا الوقت كان يخدم المصالح الأمريكية.

الخلاصة:

على ضوء العرض الذي قدمناه فقد اصبح السبب واضحاً في اتخاذ النظام السعودي قرار حظر النفط عام 1973م وعدم اتخاذه لهذا القرار عام 2002م رغم اعلان الولايات المتحدة وقوفها لجانب الكيان الصهيوني في جرائمه التي يرتكبها في الاراضي المحتلة. ويمكن اعادة ترتيب مظان موقف النظام السعودي من الحظر النفطي بصورة مختصرة وكما يلي:

1ـ من خلال تركيبة بني سعود السياسية والسايكلوجية، واسباب وجود نظامهم لا يمكنهم اتخاذ قرار مخالف للسياسة الأمريكية بأي حال من الاحوال.

2ـ كانت الولايات المتحدة هي التي هيئت الظروف لقيام حرب أكتوبر 1973م، بالاتفاق مع السادات الذي كان يجري اتصالاته مع النظام السعودي باعتباره مركز الثقل في حماية المصالح الأمريكية في المنطقة، وقد كان الحظر النفطي احد الجوانب التي بحث بها في الامور المتعلقة بالحرب.

3ـ كانت الولايات المتحدة راغبة بالحظر، لايقاف المنافسة الاوربية واليابان لمنتجاتها عن طريق زيادة تكلفة انتاج البضائع في هذه الدول. في الوقت الذي لا تواجه الولايات المتحدة اية مشكلة نفطية نظراً لكبر احتياطها النفطي وسيطرة شركاتها على النفط انتاجاً وتسويقاً. كما ان الولايات المتحدة ارادت من خلال الرعب الذي يحدثه حظر النفط جعل الدول الاوربية واليابان تتجه إليها، وهي التي اصبح مركزها مهزوزاً نتيجة لهزيمتها في فيتنام.

4ـ لم يكن الحظر الذي حدث عام 1973م مؤثراً على سير العمليات العسكرية فالحظر حدث في 20 أكتوبر 1973م والحرب بدأت يوم 6 أكتوبر وانتهت يوم 21 أكتوبر 1973م.

5ـ لم تتوفر الشروط الملائمة لكي يصبح الحظر مفيداً لمصالح الولايات المتحدة الآن، أي في عام 2002م بل على العكس فان الحظر يضر بالمصالح الأمريكية في هذا الوقت، لذلك نجد أن النظام السعودي والانظمة الاخرى لا تفكر في اتخاذ حظر نفطي ضد الولايات المتحدة، رغم الجرائم البشعة التي يرتكبها الآن الكيان الصهيوني بمساندة الولايات المتحدة، ورغم الضغط الشعبي المطالب باستخدام النفط كسلاح، بل يصرح مسؤولو الانظمة بأن بقاء تدفق النفط هو في خدمة القضية الفلسطينية.


--------------------------------------------------------------------------------

[1] ـ المملكة ـ روبرت ليسي ـ ص 239.

[2] ـ نفس المصدر السابق ـ ص 299.

[3] ـ نفس المصدر ـ ص 215.

[4] ـ العلاقات السعودية ـ الأمريكية ـ بنسون لي جريسون ـ ص 14.

[5] ـ المملكة ـ روبرت ليسي ـ ص 223.

[6] ـ صفحات من تاريخ الجزيرة العربية الحديث ـ د. محمد عوض الخطيب ـ ص 280.

[7] ـ نفس المصدر السابق.

[8] ـ المملكة ـ روبرت ليسي ـ ص 313.

[9] ـ السعودية والغرب ـ أ. ي. بالكوفليف ـ ص 148.

[10] ـ د. حسين عبد الله ـ مجلة المستقبل العربي ـ العدد 14 ابريل 1980م ـ ص 67.

[11] ـ

[12] ـ روبرت ليسي ـ المملكة ـ ص 318.

[13] ـ حكاية صفقة كامب ديفيد ـ افيغيني بريماكوف ـ ص 66.

[14] ـ نفس المصدر السابق ـ ص 68.

[15] ـ نفس المصدر السابق.

[16] ـ محمد حسنين هيكل ـ حرب الخليج ـ ص 79.

[17] ـ د. بطرس غالي ـ مجلة السياسة الدولية ـ العدد 41 يوليو 1975 ـ ص 8.

[18] ـ المستقبل العربي ـ العدد 14 ابريل 1980م ـ ص 50.

[19] ـ العلاقات السعودية ـ الأمريكية ـ بنسون لي جريسون ـ ص 118.

[20] ـ روبرت ليسي ـ المملكة ـ ص 321.

[21] ـ العلاقات السعودية ـ الأمريكية ـ بنسون لي جريسون ـ ص 118.

[22] ـ الخليج العربي في خطط الغرب ـ ف. ف ماشين ـ ص 51[/FRAME]
__________________

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ (42) ابراهيم
كفر من لم يكفّر الكافر والمشرك
أعيرونا مدافعكم اليوم لا مدامعكم .تحذير البرية من ضلالات الفرقة الجامية والمدخلية
المصابر غير متصل   الرد مع إقتباس