عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 24-09-2022, 08:23 AM   #2
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,949
إفتراضي

عند عمر بن الخطاب _رضى الله تعالى عنه_ بشهادة فقال له: لست أعرفك ولا يضرك أن لا أعرفك، ائت بمن يعرفك.
فقال رجل من القوم: انا اعرفه.
قال: فبأى شيء تعرفه؟
قال: بالأمانة والعدل.
قال: فهو جارك الأدنى الذي تعرف ليله ونهاره ومدخله ومخرجه؟
قال: لا.
قال: فمعاملك بالدنيار والدرهم الذين بهما يستدل على الورع؟
قال: لا.
قال: فرفيقك في السفر الذي يستدل به على مكارم الأخلاق؟
قال: لا.
قال: لست تعرفه!
ثم قال للرجل: ائت بمن يعرفك
فلو كان المسلمون عند عمر _رضي الله عنه_على العدالة مطلقا بحسب ظاهرهم؛ لقبل الرجل، ولم يتوقف في قبوله حتى يأتي بمن يعرفه ويعدله، ولما تحقق من الرجل الذي ادعى معرفته به!
6) وعن على بن أبي طالب _رضي الله عنه_أنه قال: ((ما حدثني أحد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الا استحلفته))
قال الخطيب البغدادي:
((ومعلوم أنه كان يحدثه المسلمون ويستحلفهم مع ظهور اسلامهم، وأنه لم يكن يستحلف فاسقا ويقبل خبره، بل لعله ما كان يقبل خبر كثير ممن يستحلفهم مع ظهور اسلامهم، وبذلهم له اليمين، وكذلك غيره من الصحابة روى عنهم أنهم ردوا أخبارا رويت لهم، ورواتها ظاهرهم الإسلام، فلم يطعن عليهم في ذلك الفعل ولا خولفوا فيه، فدل على أنه مذهب لجميعهم، إذ لو كان فيهم من يذهب إلى خلافه لوجب بمستقر العادة نقل قوله إلينا، ويدل على ذلك أيضا إجماع الأمة على أنه لا يكفي في حالة الشهود على ما يقتضى الحقوق إظهار الإسلام دون تأمل أحوال الشهود واختبارها، وهذا يوجب اختبار حال المخبر عن الرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحال الشهود لجميع الحقوق، بل قد قال كثير من الناس: إنه يجب الاستظهار في البحث عن عدالة المخبر بأكثر مما يجب في عدالة الشاهد، فثبت بما ذكرناه أن العدالة شيء زائد على ظهور الإسلام يحصل بتتبع الأفعال واختبار الأحوال، والله اعلم)) "
وكل هذا الكلام قائم على غير أساس فلا يوجد نص واحد يقول بعدم عدالة المسلمين وإنما النص الموجود يقول العكس وهو عدالتهم في قوله تعالى :
" ذوى عدل منكم"
أن الرجل لكى يدافع عن مقولة الجرح والتعديل اتهم المسلمون كلهم بالضلال الذى سماه الجهالة بحالهم حتى النبى الخاتم (ص) نفسه وكلامهم يتعارض حتى مع الروايات التى يثبتونها مثل رواية ان المسلم لا يكذب
وتحدث عن أن إعلان الإسلام ليس كافى في عدالة المسلم فقال :
"ثانياـ ومما يؤكد أن إظهار الإسلام لا يكف في الحكم بالعدالة عدة أمور، وهي كما يلي:
"الأول: أن الفاسق مردود الشهادة والرواية بنص القرآن ولعلمنا بأن دليل قبول خبر الواحد قبول الصحابة إياه وإجماعهم ولم ينقل ذلك عنهم إلا في العدل , والفاسق لو قبلت روايته لقبل بدليل الإجماع أو بالقياس على العدل المجمع عليه , ولا إجماع في الفاسق ولا هو في معنى العدل في حصول الثقة بقوله , فصار الفسق مانعا من الرواية كالصبا والكفر وكالرق في الشهادة , ومجهول الحال في هذه الخصال لا يقبل قوله فكذلك مجهول الحال في الفسق لأنه إن كان فاسقا فهو مردود الرواية وإن كان عدلا فغير مقبول أيضا للجهل به , كما لو شككنا في صباه ورقه وكفره , ولا فرق.
الثاني: أن المفتي المجهول الذي لا يدرى أنه بلغ رتبة الاجتهاد أم لا , لا يجوز للعامي قبول قوله , وكذلك إذا لم يدر أنه عالم أم لا , بل سلموا أنه لو لم تعرف عدالته وفسقه فلا يقبل , وأي فرق بين حكاية المفتي عن نفسه اجتهاده وبين حكايته خبرا عن غيره.
الثالث: أن شهادة الفرع لا تسمع ما لم يعين الفرع شاهد الأصل , وهو مجهول عند القاضي فلم يجب تعيينه وتعريفه إن كان قول المجهول مقبولا. وهذا رد على من قبل شهادة المجهول , ولا جواب عنه.
فإن قيل: يلزمه ذكر شاهد الأصل , فلعل القاضي يعرفه بفسق فيرد شهادته. قلنا: إذا كان حد العدالة هو الإسلام من غير ظهور فسق فقد تحقق ذلك فلم يجب التتبع حتى يظهر الفسق.
ثم يبطل ما ذكره بالخبر المرسل , فإنهم لم يوجبوا ذكر الشيخ ولعل المروي له يعرف فسقه.
الرابع: أن مستندنا في خبر الواحد عمل الصحابة وهم قد ردوا خبر المجهول , فرد عمر رضي الله عنه خبر فاطمة بنت قيس وقال: كيف نقبل قول امرأة لا ندري صدقت أم كذبت؟،ورد علي خبر الأشجعي في المفوضة وكان يحلف الراوي , وإنما يحلف من عرف من ظاهره العدالة دون الفسق.
ومن رد قول المجهول منهم كان لا ينكر عليه غيره فكانوا بين راد وساكت , وبمثله ظهر إجماعهم في قبول العدل إذ كانوا بين قابل وساكت غير منكر ولا معترض.
الخامس: ما ظهر من حال رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلبه العدالة والعفاف وصدق التقوى ممن كان ينفذه للأعمال وأداء الرسالة , وإنما طلب الأشد [الأتقى] لأنه كان قد كلفهم أن لا يقبلوا إلا قول العدل " "
وهذا الكلام يجرنا إلى مصائب عظمى وهى إنكار كل كتب الأحاديث لأن كل من ألفها كان آباءهم وأجدادهم كفارا خصوصا الستة الكبار عند السنة والأربعة الكبار عند الشيعة فكيف نأتمن أولاد الأعداء على ديننا
وهو يجرنا إلى اتهام النبى(ص) نفسه بأنه لا يكفى في اثبات إسلامه أنه أعلنه وهو في الأربعين من عمره بعد ان قضى أربعين سنة ضالا وكذلك ألأمر في المؤمنون به في عصره وهم الصحابة فمعظمهم كانوا كفارا ثم أسلموا وهم كبار
وتحدث عن الشبه في الموضوع فقال :
"ثالثا ـ شبه واعتراضات وهي أربع:
"الأولى: أنه صلى الله عليه وسلم قبل شهادة الأعرابي وحده على رؤية الهلال ولم يعرف منه إلا الإسلام.
قلنا: وكونه أعرابيا لا يمنع كونه معلوم العدالة عنده صلى الله عليه وسلم إما بالوحي وإما بالخبرة وإما بتزكية من عرف حاله، فمن يسلم لكم أنه كان مجهولا عنده.
الثانية: أن الصحابة قبلوا قول العبيد والنسوان والأعراب لأنهم لم يعرفوهم بالفسق وعرفوهم بالإسلام.
قلنا: إنما قبلوا قول أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواج أصحابه وكانت عدالتهن وعدالة مواليهم مشهورة عندهم، وحيث جهلوا ردوا كرد قول الأشجعي وقول فاطمة بنت قيس.
الثالثة: قولهم: لو أسلم كافر وشهد في الحال أو روى، فإن قلتم لا نقبل شهادته فهو بعيد، وإن قبلتم فلا مستند للقبول إلا إسلامه وعدم معرفة الفسق منه، فإذا انقضت مدة ولم نعرف منه فسقا لطول مدة إسلامه لم نوجب رده.
قلنا: لا نسلم قبول روايته فقد يسلم الكذوب ويبقى على طبعه، فما لم نطلع على خوف في قلبه وازع عن الكذب لا نقبل شهادته، والتقوى في القلب وأصله الخوف وإنما تدل عليه أفعاله في مصادره وموارده فإن سلمنا قبول روايته فذلك لطرق إسلامه وقرب عهده بالدين، وشتان بين من هو في طراوته وبدايته وبين من قسا قلبه بطول الإلف.
فإن قيل: إذا رجعت العدالة إلى هيئة باطنة في النفس وأصلها الخوف، وذلك لا يشاهد بل يستدل عليه بما ليس بقاطع، بل هو مغلب على الظن، فأصل ذلك الخوف هو الإيمان، فذلك يدل على الخوف دلالة - ظاهرة فلنكتف به.
قلنا: لا يدل عليه، فإن المشاهدة والتجربة دلت على أن عدد فساق المؤمنين أكثر من عدد عدولهم، فكيف نشكك نفوسنا فيما عرفناه يقينا؟
ثم هلا اكتفي بذلك في شهادة العقوبات وشهادة الأصل وحال المفتي في العدالة وسائر ما سلموه.
الرابعة: قولهم: يقبل قول المسلم المجهول في كون اللحم لحم ذكي، وكون الماء في الحمام طاهرا وكون الجارية المبيعة رقيقة غير متزوجة ولا معتدة حتى يحل الوطء بقوله، وقول المجهول في كونه متطهرا للصلاة عن الحدث والجنابة إذا أم الناس، وكذلك قول من يخبر عن نجاسة الماء وطهارته بناء على ظاهر الإسلام، وكذلك قول من يخبر الأعمى عن القبلة.
قلنا: أما قول العاقد فمقبول لا لكونه مجهولا لكنه مع ظهور الفسق، وذلك رخصة لكثرة الفساق ولمسيس حاجتهم إلى المعاملات، وكذلك جواز الاقتداء بالبر والفاجر فلا يشترط الستر، أما الخبر عن القبلة وعن طهارة الماء فما لم يحصل سكون النفس بقول المخبر فلا يجب قبوله، والمجهول لا تسكن النفس إليه بل سكون النفس إلى قول فاسق جرب باجتناب الكذب أغلب منه إلى قول المجهول وما يخص العبد بينه وبين الله تعالى فلا يبعد أن يرد إلى سكون نفسه.
فأما الرواية والشهادة فأمرهما أرفع وخطرهما عام، فلا يقاسان على غيرهما، وهذه صور ظنية اجتهادية، أما رد خبر الفاسق والمجهول فقريب من القطع " "
وكل هذا الكلام يرده أن الله طالب المسلم أن يقبل قول من اعلن إسلامه فلا يقتله فقال :
"يا أيها الذين أمنوا إذا ضربتم فى سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا"
فمجرد القول معناه قبوله وأما التبين فيكون بعد قبول القول وليس قبله
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس