عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 21-11-2021, 07:58 AM   #3
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,907
إفتراضي نقد كتاب حتى لا تغرق في الديون

بسبب الديون التي عليهم ، فهذا القائل – بهذا المفهوم الخاطئ – لاشك أنه سخيف العقل ، وأنه ضال في كلامه ولكن الذي يظهر أنه كالإنسان المريض يحب أن يمرض جميع الناس فهو مريض بالدين ويريد أن يستدين جميع الناس حتى يتسلى بهم ))
فحري بالعاقل ألا يلتفت لهؤلاء من قريب ولا من بعيد "
التقسيط هو نوع من انواع الربا ولكن بعض علماء السلطة أحلوه ومن ثم على الناس ألا يتعاملوا به إلا عند الاضطرار لأنه يجعلهم يدفعون أضعاف الثمن الأصلى
ثم قال :
"الوصية التاسعة : اللهم إني أعوذ بك من ضلع الدين :
كان رسول الله (ص) يكثر من الدعاء ويطلب السلامة من ضلع الدين فعن أنس رضي الله عنه عن النبي (ص)في دعاء ذكره : (( اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز الكسل والجبن والبخل وضلع الدين وغلبة الرجال )) قال القرطبي : قال العلماء: (( ضلع الدين هو الذي لا يجد دائنه من حيث يؤديه ))
وكم من الناس من هو كذلك وما أكثر من لا يجد أموالا تتناسب مع ضخامة الدين عليه وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله (ص)كان يدعو في الصلاة ويقول : (( اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم )) – أي الدين – فقال رجل : يا رسول الله ما أكثر ما تستعيذ من المغرم !! قال (ص): (( إن الرجل إذا غرم كذب ، ووعد فأخلف ))
وعلى هذا ، فحري بمن أصيب ببلاء الديون أن يعتصم بالله ويدعوه بهذه الأدعية المأثورة ، وقال المهلب : (( يستفاد من هذا الحديث سد الذارئع ، لأنه (ص)استعاذ من الدين لأنه في الغالب ذريعة إلى الكذب في الحديث والخلف في الوعد مع مالصاحب الدين عليه من المقال )) "
الاستعاذة القولية لا تفيد فالمطلوب هو الاستعاذة العملية بطاعة أحكام الله ثم قال :
"الوصية العاشرة : أكرم الضيف دون إسراف :
* كما أن الشرع أمرنا بإكرام الضيف والحفاوة به أمرنا كذلك بعدم الإسراف والتبذير قال الله تبارك تعالى : { والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما}
وقال تعالى : { ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين}
وقال تعالى : { ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا}
وقال تعالى : { ولا تبذر تبذيرا}
ولا عجب أن كثيرا من الناس يعلمون هذه الآيات وقد يرددونها ، ولكن نزولا عند العادات والتقاليد تجدهم يكلفون أنفسهم مالا يطيقون في أمور هي من الإسراف بمكان ، وحاصل ذلك الغرق في الديون
* حدثت أن رجلا انتقل وزوجته إلى مدينة بعيدة عن أهله وعشيرته ، وكان ذلك من أجل وظيفة متواضعة تغنيه عن السؤال فلما استقر به المقام ، برزت له مشكلة لا حل لها بادي الرأي وخلاصتها أن أهل قريته كلما جاءوا إلى هذه المدينة توجهوا إليه – وهو بالطبع – مطالب عند ذلك بذبح الذبيحة والذبيحتين إكراما لهم وحفاوة بقدومهم يقول هذا الرجل : (( فأصبحت أقبض الراتب من هنا فأنفقه على استضافة هذا وذاك )) ومرت به الشهور وهو على هذه الحال ، فما كان منه إلا أن قدم استقالته من تلكم الوظيفة ورجع إلى قريته هروبا من الإحراج الذي يؤدي به إلى الغرق في الديون غدا أو بعد غد "
وهو نفس الكلام وهو عدم الانفاق بالقوامة كما سبق القول وكذلك فى الوصية التالية:
"الوصية الحادية عشرة : لا تكلف نفسك مالا تطيق :
يتردد في المجالس أن رجلا استدان ليقضي شهر رمضان في جوار بيت الله الحرام وآخر استدان الآلاف من الريالات ليصل أرحامه في منطقة بعيدة وليحضر زواج ابنتهم وهؤلاء وأمثالهم في الحقيقة يكلفون أنفسهم مالا يطيقون ومن ثم يغرقون في الديون من حيث لا يشعرون ، ولو أنهم رفقوا بأنفسهم ما حصلت لهم المشقة هذه ، وقد أمرنا الله ورسوله- صلى الله عليه وسلم- بما نطيق وما عداه يسقط بالعذر بعدم الاستطاعة قال تعالى : {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها}
وقال (ص): (( عليكم بما تطيقون ))
وقال (ص): (( سددوا وقاربوا ))
وقد جعل الشرع الفرائض على عظم مكانتها مقيدة بالقدرة ، وخذ مثلا لذلك ركنا من أركان الإسلام وهو الحج يقول الله تعالى : { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } وعدد من العلماء يفتون بسقوط الحج عن الفقير المستدين حتى ينقضي دينه فكيف بعد ذلك بالنوافل والمستحبات ؟!"
والوصية التالية وهى أخذ الزكاة للمديون واجبة فهذا حق قرره الله له لا يجب أن يستحى من اخذه فلا فضل لدافع للزكاة عليه وفى هذا قال عبد العالى:
"الوصية الثانية عشرة : الدين أحق بالحرج :
يتحرج البعض من أخذ الزكاة المشروعة ، بينما لا يتحرجون من أخذ الأموال دينا في ذمتهم ، مع أنهم من يستحقون الزكاة – وهذا خطأ – فالدين أحق بالحرج ، والزكاة حق للفقراء على الأغنياء ، أوجبه الله ورسوله (ص)رحمة ورفقا من هؤلاء بأولئك وأحسب أن من أقرب الصور لذلك ما يفعله بعض الشباب من الغرق في الديون من أجل الزواج مع أنهم في وضع يستحقون به الزكاة كما أفتى بذلك كثير من أهل العلم
يقول الشيخ محمد العثيمين: (( إن الإنسان إذا بلغ به الحد إلى الحاجة الملحة للزواج وليس عنده شيء وليس له أب ينفق عليه ويزوجه فإن له أن يأخذ من الزكاة ، ويجوز للغني أن يعطيه جميع زكاته حتى يتزوج بها ))"
وطالب الرجل من يفكر فى إقامة مشروع ألا يستدين فيدرس الأمر جيدا قبل عمله بالاستدانة فقال :
"الوصية الثالثة عشرة : دراسة الجدوى قبل الوقوع بالبلوى :
لمجرد أن فلانا من الناس نجح في مشروع تجاري تجد آخرين يجمعون الأموال من هنا وهناك ثم يتسابقون للقيام بنفس المشروع ، وغالبا ما تكون عاقبتهم الخسارة ومن ثم غرقهم في الديون ولا شك أن التوفيق بيد الله إلا أن عدم دراستهم للجدوى الاقتصادية سبب من أسباب فشلهم فينبغي النظر إلى حاجة الناس وعدد المنافسين في السوق ومناسبة الموقع ومجموع التكاليف الشهرية وهكذا أما أن يستقرض المرء ويتورط فهذا مما لا يفعله عاقل ولا يقول به من الأكياس قائل "
وقطعا السبب فى هذا العك المشروعاتى هو أن الدولة لا تقسم الوظائف ولا المرتبات بالعدل فالمفروض أن تنظم نفسها اقتصاديا تماما بحيث يكون لكل واحد وظيفة محددة وراتب عادل
وتحدث عن وجوب اهتمام المديون بسداد دينه فقال :
"الوصية الرابعة عشرة : ليكن تسديد الديون همك الأول :
إن مما يساعد على تقليل الديون بل القضاء عليها ، التخطيط لسدادها والجدولة الشهرية لذلك ، والقاعدة في هذا أن (( سدد الديون بالتقسيط ولا تستقلل المدفوع )) ، وفي ذلك فوائد منها ؛ ستحافظ على ما يتوفر بين يديك من مال لسداد الديون ، ثم إنك – إن شاء الله – ستنتهي من الديون في أقرب فرصة ، ويذهب عنك همها وغمها ومتى كان سداد الديون همك الأول استغنيت عن الكماليات والترف الزائف أو أقللت منه وفي كل خير
وقد جاء عن أبي هريرة أنه قال : قال رسول الله(ص)(( لو كان لي مثل أحد ذهبا ما يسرني أن لا يمر علي ثلاث وعندي منه شيء إلا شيء أرصده لدين ))
ويجب أن تشارك الزوجة زوجها في الضراء كما أنها تشاركه في السراء ، ولذا فإنه ينبغي على الزوج أن يخبرها بوضعه المالي وظروفه العصبية ، والزوجة العاقلة ستدرك أن عليها أن تقوم بترشيد المصروفات وتقليل الإنفاق والبذخ مراعاة لظروف زوجها ، ولو استدعى الأمر إبلاغ الأبناء الكبار بذلك فلا بأس لتجتمع الأسرة جميعا في الخروج من هذا الحرج العظيم
أخيرا ، الوصايا والنصائح في هذا الباب كثيرة فأكتفي بما ذكرت حتى لا يطول بنا المقام"
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس