عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 12-08-2011, 12:11 PM   #134
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

المفعولُ فيه


وهو المُسَمَّى ظَرْفاً


المفعولُ فيه (ويُسمّى ظرفاً): هو اسمٌ يَنتصبُ على تقدير (في)، يُذكرُ لبيانِ زمان الفعل أو مكانهِ.


(أما إذا لم يكن على تقدير (في) فلا يكون ظرفاً، بل يكون كسائر الأسماء، على حسب ما يطلبه العامل. فيكون مبتدأ وخبراً، نحو: (يومنا يومٌ سعيد)، وفاعلاً، نحو: (جاء يومُ الجمعة)، ومفعولاً به، نحو: (لا تضيع أيامَ شبابك). ويكون غير ذلك، وسيأتي بيانه.


والظرف، في الأصل، ما كان وعاء لشيء. وتسمى الأواني ظروفاً، لأنها أوعية لما يجعل فيها. وسميت الأزمنة والأمكنة (ظروفاً). لأنّ الأفعال تحصل فيها، فصارت كالأوعية لها).


وهو قسمانِ: ظرفُ زمانٍ، وظرفُ مكان.


فظرفُ الزمان: ما يَدْلُّ على وقتٍ وقعَ فيه الحدثُ نحو: (سافرتُ ليلاً).


وظرفُ المكان: ما يدلُّ على مكانٍ وقعَ فيه الحدثُ، نحو: (وقفتُ تحتَ عَلَمِ العلم).

والظرفُ، سواءٌ أكانَ زمانياً أم مكانياً، إما مُبهَمٌ أو محدودٌ (ويقال للمحدود: المُؤقَتُ والمختصُّ أيضاً)، وإما مُتصرّفٌ أو غيرُ مُتصرفٍ.

وفي هذا الباب ثمانيةُ مباحثَ:


1- الظَّرفُ المُبْهَمُ والظَّرفُ الْمَحْدُود


المُبهَمُ من ظروفِ الزمانِ: ما دلَّ على قَدْرٍ من الزمان غير مُعيَّنٍ، نحو: (أبدٍ وأمدٍ وحينٍ ووقتٍ وزمانٍ).


والمحدودُ منها (أو المُؤقَّتُ أو المختصُّ): ما دلَّ على وقتٍ مُقدَّرٍ مُعَيَّنٍ محدودٍ، نحو: (ساعةٍ ويومٍ وليلةٍ وأُسبوعٍ وشهرٍ وسنةٍ وعامٍ).


ومنه أسماءُ الشهور والفُصولِ وأيام الأسبوع وما أُضيفَ من الظروف المُبهَمةِ إلى ما يزيلُ إبهامَهُ وشُيوعَهُ: كزمانِ الرَّبيعِ ووقتِ الصيف.


والمُبهمُ من ظروف المكان: ما دلَّ على مكانٍ غيرِ مُعيَّنٍ (أي: ليس له صورةٌ تدرَكُ بالحسِّ الظاهر، ولا حُدودٌ لصورةٍ) كالجهاتِ الستَّ، وهيَ: ((أمامٌ (ومثلُها قُدَّامٌ) ووراءٌ (ومثلها خَلفٌ) ويَمينٌ، ويَسار (ومثلُها شمال) وفَوق وتحت))، وكأسماءِ المقادير المكانيّة: كمِيلٍ وفَرسخٍ وبَريدٍ وقَصبةٍ وكيلومترٍ، ونحوها، وكجانبٍ ومكانٍ وناحيةٍ، ونحوِها.


ومن المُبهَمِ ما يكونُ مُبهمَ المكانِ والمسافةِ معاً: كالجهاتِ الستْ، وجانبٍ وجهةٍ وناحيةٍ. ومنه ما يكونُ مُبهمَ المكانِ مُعينَ المسافةِ: كأسماءِ المقادير، فهي شبيهةٌ بالمُبهم من جهةِ أنها ليست أشياءَ مُعيَّنةً في الواقع، ومحدودةٌ من حيثُ أنها مُعيّنةُ المقدار.


(فمكان الجهات الست غير معين لعدم لزومها بقعة بخصوصها، لأنها أمور اعتبارية أي: باعتبار الكائن في المكان، فقد يكون خلفك أماماً لغيرك؛ وقد تتحول فينعكس الأمر. وهكذا مقدارها، أي مسافتها ليس له أمد معلوم. فخلفك مثلاً اسم لما وراء ظهرك الى ما لا نهاية. أما أسماءُ المقادير فهي، وان كانت معلومة المسافة والمقدار. لا تلزم بقعة بعينها، فإبهامها من جهة أنها لا تختص بمكان معين).

والمختص منها (أو المحدودُ): ما دلَّ على مكانٍ معيَّنٍ، أي: له صورة محدودةٌ، محصورةٌ: كدارٍ ومدرسةٍ ومكتبٍ ومسجدٍ وبلدٍ. ومنهُ أسماءُ البلادِ والقُرَى والجبال والأنهارِ والبحار.

2- الظَّرْفُ المُتَصرِّفُ والظَّرفُ غَيْرُ المُتَصَرِّفِ


الظّرفُ المتصرفُ: ما يُستعملُ ظرفاً وغيرَ ظرفٍ. فهو يُفارق الظرفيّة إلى حالةٍ لا تُشبهُها: كأن يُستعملَ مبتدأ أو خبراً أو فاعلاً أو مفعولاً به، أو نحوَ ذلك، نحو: (شهرٍ ويومٍ وسنةٍ وليل)، ونحوها. فمِثالُها ظرفاً: (سرتُ يوماً أو شهراً أو سنةً أو ليلاً). ومثالُها غيرَ ظرف: (السنةُ اثنا عَشرَ شهراً. والشهرُ ثلاثون يوماً والليلُ طويل. وسرَّني يومُ قدومِكَ. وانتظرتُ ساعةَ لقائك. ويومُ الجمعة يومٌ مُباركٌ).


والظرفُ غيرُ المُتصرفِ نوعانِ:


النّوعُ الأولُ: ما يُلازمُ النصبَ على الظرفيّةِ أبدا، فلا يُستعمَلُ إلا ظرفاً منصوباً، نحو: (قَط وعوْضُ وبَينا وبينما وإذا وأَيَّانَ وأنّى وذا صَباحٍ وذاتَ ليلةِ). ومنه ما رُكِّبَ من الظروف: كصباحَ مساءَ وليلَ ليلَ.


النوع الثاني: ما يَلزَمُ النصبَ على الظرفيّة أو الجرِّ بمن أو إلى أو حتى أو مُذ أو مُنذُ، نحو: (قَبل وبَعدَ وفوق وتحت ولدَى وَلدُنْ وعندَ ومتى وأينَ وهُنا وثَمَّ وحيث والآن).


((وتُجرّ (قبل وبعد) بمن، من حروف الجر. وتُجر (فوق وتحت) بمن والى. وتجر (لدى ولدن وعند) بمن. وتجر (متى) بالى وحتى. وتجر (أين وهنا وثم وحيث) بمن والى. وقد تجر (حيث) بفي أيضاً. وتجر (الآن) بمن والى ومذ ومنذ. وسيأتي شرح ذلك).


3- نَصْبُ الظَّرْفِ


يُنصَبُ الظّرفُ الزَّماني مُطلقاً، سواءٌ أكانَ مُبهَماً أم محدوداً، أي: (مُختصاً)، نحو: (سرتُ حيناً، وسافرتُ ليلةً)، على شرط أن يَتضمنَ معنى (في).

(فان لم يتضمن معناها، نحو: (جاءَ يومُ الخميس. ويومُ الجمعة يومٌ مبارك. واحترم ليلةَ القدر)، وجب أن تكون على حسب العوامل).

ولا يُنصَبُ من ظروف المكان إلا شيئانِ:

أ- ما كان منها مُبهَماً، أو شِبهَهُ، مُتَضمّناً معنى (في)، فالأول نحو: (وقفتُ أمامَ المِنبر)، والثاني نحو: (سرتُ فرسخاً).


(فإن لم يتضمن معناها نحو: (الميل ثلث الفرسخ، والكيلومترُ ألفُ متر). وجب أن يكون على حسب العوامل).


ب- ما كان منها مُشتقّاً، سواءٌ أكان مُبهماً أَم محدوداً، على شرطِ أن يُنصَب بفعلهِ المُشتقّ منهُ، نحو: (جلستُ مجلسَ أَهل الفضل. وذهبتُ مذهبَ ذَوِي العقلِ).


فإن كان من غيرِ ما اشتُقَّ منهُ عاملُهُ وجبَ جَرُّهُ نحو: (أَقمتُ في مجلسك. وسرتُ في مذهبكَ).


وأَمّا قولُهم: (هو مني مَقعَدَ القابلةِ. وفلانٌ مَزجَرَ الكلبِ. وهذا الأمرُ مُناطَ الثُّرَيّا)، فسماعِيٌّ لا يقاس عليه.


(والتقدير: (مستقرَّ مقعد القابلة ومزجرَ الكلب ومناطَ الثريا). فمقعد ومزجر ومناط: منصوبات بمستقر، وهن غير مشتقات منه، فكان نصبهنّ بعامل من غير مادّة اشتقاقهنَّ شاذّاً).


وما كان من ظروف المكان محدوداً، غيرَ مُشتقٍ، لم يجُز نصبُه، بل يجب جَرُّهُ بِفِي، نحو: (جلستُ في الدارِ. وأَقمتُ في البلد. وصلَّيتُ في المسجد). إلاَّ إذا وقعَ بعدَ (دخلَ ونَزَلَ وسكنَ) أَو ما يُشتقُّ منها، فيجوزُ نصبُهُ، نحو: (دخلتُ المدينةَ. ونزَلتُ البلَدَ. وسكنتُ الشامَ).


(وبعض النحاة ينصب مثل هذا على الظرفية والمحققون ينصبونه على التوسع، في الكلام بإسقاط الخافض، لا على الظرفية، فهو منتصب انتصاب المفعول به على السعة، بإجراء الفعل اللازم مُجرى المتعدي. وذلك لانّ ما يجوز نصبه من الظروف غيرُ المشتقة يُنصب بكل فعل، ومثل هذا

لا ينصب إلا بعوامل خاصة، فلا يقال: (نمت الدارَ، ولا صليتُ المسجدَ، ولا أقمتُ البلدَ) كما يقال: (نمت عندك. وصليت أمام المنبر. وأقمتُ يمينَ الصف)).
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس