عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 11-05-2020, 08:06 AM   #1
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,946
إفتراضي نقد كتاب بذل المجهود في تحرير أسئلة تغير النقود

نقد كتاب بذل المجهود في تحرير أسئلة تغير النقود
مؤلف الكتاب هو شمس الدين محمد بن عبد الله بن أحمد، الخطيب العمري التمرتاشي الغزي الحنفي (المتوفى: 1004 هـ)
وسبب تأليف الكتاب أو الرسالة كما قال المؤلف:
"فيقول الفقير إلى مولاه، محمد بن عبد الله، إنه لما كثر الاستفتاء عن مسألة كثيرة الوقوع في زماننا، وهي أن التجار بالديار الشامية وقع منهم معاملات شرعية ومعاوضات مرضية بالشواهي والشرفيات ،حيث كانت رائجة بشيء معين ثم كسد بعضها، وتغير سعر بعضها بالنقص بموجب أمر الإمام الأعظم والخاقان الأفخم ، واختلف فتوى علماء العصر في ذلك فمنهم من أخذ بقول الإمام وأفتى بوجوب مثل المقبوض ومنهم من أفتى بقول أبي يوسف ، وأفتى برد قيمته يوم القبض من الذهب، لما فيه من الرفق والنفع، إذ سيما في الأموال الموقوفة ببيت المقدس وغيرها، وتصريحهم بوجوب الإفتاء بما فيه النفع لجهة الوقف
أردت تحرير المذهب في هذه الرسالة ليكون عونا للقضاة والحكام، على الوقوف على حكم شرعي مبين الأحكام، وها أنا أشرع في المقصود، مستمدا من الملك المعبود فأقول"
كما هى العادة سبب المشكلة هو الحاكم اللص وحاشيته الذى أصدره أوامره بالتلاعب بالعملة والتلاعب بالعملة هو ديدن الحكام فى كل العصور عندما يريدون سرقة مدخرات الناس ففى عصرنا يسمى هذا التلاعب تعويم العملة حيث يجمع الحاكم وحاشيته اكبر قدر ممكن من العملات الأجنبية ثم يصدروا الأمر بأن العملة التى كانت تساوى خمسة أصبحت تساوى عشرة أو خمسة عشر وعند ذلك تنقص مدخرات الناس على الفور النصف أو الثلاثة أرباع ومن ثم ترتفع الأسعار
وفى العصور القديمة كان الحاكم يصدر عملة جديدة ينقص فيها مقدار المعدن الثمين جزء أو أكثر ولا يجيز التعامل بالعملة القديمة التى يضطر من معه شىء منها إلى بيعها بأقل من سعرها الحقيقى بدلا من خسارتها كلها وبالقطع من يشترى هم حاشية الحاكم التى لا تظهر فى الصورة لأنهم رجال المخابرات أو رجال الشرطة السرية ومن ثم يتم سحب العملة القديمة ويتم صهر المعدن الثمين وتحويله لعملات جديدة ويصب الفارق فى الوزن بين العملتين فى جيب الحاكم وحاشيته
الغريب فى التمرتاشى هو والفقهاء عندما تحدثوا فى الكساد العام للنقود أنهم أبطلوا البيوع بالنقود الكاسدة أو المغشوشة وقى هذا قال ناقلا من بطون الكتب:
"اعلم أنه إذا اشترى بالدراهم التي غلب غشها، أو بالفلوس وكان كل منهما نافقا حتى جاز البيع لقيام الاصطلاح على الثمنية، ولعدم الحاجة إلى الإشارة لالتحاقها بالثمن، ولم يسلمها المشتري للبائع، ثم كسدت بطل البيع والانقطاع عن أيدي الناس كالكساد ، وحكم الدراهم كذلك، فإن اشترى بالدراهم ثم كسدت أو انقطعت بطل البيع، ويجب على المشتري رد المبيع إن كان قائما ومثله إن كان هالكا وكان مثليا، وإلا فقيمته وإن لم يكن مقبوضا فلا حكم لهذا البيع أصلا، وهذا عند الإمام الأعظم وقالا لا يبطل البيع لأن المتعذر إنما هو التسليم بعد الكساد، وذلك لا يوجب الفساد لاحتمال الزوال بالرواج، كما لو اشترى شيئا بالرطب ثم انقطع وإذا لم يبطل وتعذر تسليمه وجبت قيمته، لكن عند أبي يوسف يوم البيع وعند محمد يوم الكساد ، وهو آخر ما يتعامل الناس بها وفي الذخيرة : والفتوى على قول أبي يوسف وفي المحيط والتتمة أنه قال: هذا كتاب جمع فيه الصدر الشهيد حسام الدين ما وقع إليه من الحوادث والواقعات وضم إليه ما في الكتب من المشكلات واختار في كل مسألة فيها روايات مختلفة وأقاويل متباينة ما هو أشبه بالأصول غير أنه لم يرتب المسائل ثم إن العبد الراجي محمود بن أحمد ابن عبد العزيز زاد على كل جنس ما يجانسه وذيل على كل نوع ما يضاهيه كشف الظنون 1/ 298، وانظر الفوائد البهية ص 337
والحقائق : بقول محمد يفتى رفقا بالناس ولأبي حنيفة أن الثمنية بالاصطلاح ، فتبطل لزوال الموجب، فيبقى البيع بلا ثمن، والعقد إنما تناول عينها بصفة الثمنية، وقد انعدمت بخلاف انقطاع الرطب، فإنه يعود غالبا في العام القابل بخلاف النحاس، فإنه بالكساد رجع إلى أصله وكان الغالب عدم العود والكساد لغة كما في المصباح من كسد الشيء يكسد من باب قتل، لم ينفق لقلة الرغبات فهو كاسد وكسيد يتعدى بالهمزة فيقال أكسده الله وكسدت السوق فهي كاسد بغير هاء في الصحاح وبالهاء في التهذيب ، ويقال: أصل الكساد الفساد "
وبالقطع هنا الفقهاء يحملون الناس فوق طاقتهم وبدلا من حساب الحاكم على تركه شيوع الغش فى النقود وعلى قيامه بتكسيد النقود جعلوا البيوع تبطل ومدخرات الناس تضيع وهو كلام من لا يبغى الحق والعدل فالنقود تصدر عن دار سك النقود التابعة للحاكم والشرطة فى هذا المجتمعات التى لا تحكم بحكم الله تتبع الحاكم فإن غشت النقود فهو وهم من يجب معاقبتهم إما على غشهم النقود وإما على إهمالهم فى أعمالهم وإما لأنهم جعلوا أصحاب الأموال يهربون من دولتهم بسبب تلاعبهم بالعملة
ثم تحدث عن الكساد الجزئي للنقود فقال :
"وعند الفقهاء أن تترك المعاملة بها في جميع البلاد ، فإن كانت تروج في بعض البلاد ، لا يبطل لكنه تعيب إذا لم يرج في بلدهم فيتخير البائع إن شاء أخذه وإن شاء أخذ قيمته "
وهنا يجيز الرجل التعامل بالنقود المغشوشة أو الكاسدة عند رضا الناس فى منطقة ما بالتعامل بها
ثم تحدث عن انقطاع النقود فقال:
"وحد الانقطاع أن لا يوجد في السوق، وإن كان يوجد في يد الصيارفة وفي البيوت ، هكذا في الهداية والانقطاع كالكساد كما في كثير من الكتب لكن قال في المضمرات : فإن انقطع ذلك فعليه من الذهب والفضة قيمته في آخر يوم انقطع، هو المختار ثم قال في الذخيرة: الانقطاع أن لا يوجد في السوق، وإن كان يوجد في يد الصيارفة وفي البيوت، وقيل إذا كان يوجد في أيدي الصيارفة فليس بمنقطع والأول أصح هذا إذا كسدت أو انقطعت "
وانقطاع النقود الذى يعنى وجودها فى يد الصيارفة فقط وهو ما تفعله المصارف حاليا بأمر الحاكم والحكومة بتجميع أكبر قدر ممكن من العملات الأجنبية بحيث تشح فى ايدى الناس من أجل أن يقوم الحاكم إما بتعويم العملة أو تغييرها حتى تفقد العملة السابقة جزء كبير من قيمتها وبالتالى يفقد معظم الناس نصف أو أكثر من نصف قيمة مدخراتهم ومن ثم فقد شرع الله فى كتابه التعامل بالذهب والفضة فى صورة دينار ودرهم ثابتى الوزن بحيث لا يقدر أى حاكم على سرقة أموال الناس من خلال تغيير العملة أو تعويمها
ثم تحدث عن غلاء النقود ورخصها فقال:
"أما إذا غلت قيمتها أو ازدادت، فالبيع على حاله، ولا يتخير المشتري، ويطالب بالنقد بذلك العيار الذي كان وقت البيع، كذا في فتح القدير وفي البزازية معزيا إلى المنتقى : غلت الفلوس أو رخصت فعند الإمام الأول والثاني أولا ليس عليه غيرها وقال الثاني ثانيا : عليه قيمتها من الدراهم يوم البيع والقبض، وعليه الفتوى وهكذا في الذخيرة والخلاصة بالعزو إلى المنتقى وقد نقله شيخنا في بحره وأقره الفتوى على قول أبي يوسف في لزوم القيمة فحيث صرح بأن الفتوى عليه في كثير من المعتبرات ،


رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس