الموضوع: كُنْ في غدي
عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 09-10-2010, 05:26 PM   #8
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

يستمر النداء للمرة الثالثة كن في غدي ولكن هذه المرة الموقف تغير ،والعلاج
-فيما يبدو- قد حقق الشفاء وأطلت الفرحة ،ليطلب راقص التانجو المحبة لتشاركه
رقصة الفرحة، لا لمجرد أن تكمل معه النصف الثاني من الدائرة.هنا كان رائعًا
تعدد حالات النداء كن في غدي ، فتارة للفرحة وتارة للخوف وتارة للترقب ويمكن
للقارئ أن يلاحظ أثر هذا الكلام في المحبوبة من خلال الانتقالة الأخيرة في (كن
في غدي ) والموحية بأن ثمة ما طرأ وجد ليصنع هذه الفرحة بداخله وإن كنت أرى
وهذا اليوم هو الشاعر نفسه فيما بعد ، فهو الذي يرقب الأمس وينظر للغد الآتي
بعين ملؤها حب الحياة ، وإن كنت مستغربًا التعبير(يرقب أمسه) هل هو ينظر إليه خوف
أن تنسحب أحزانه على الأيام التالية ، وبصراحة يقولها الشاعر مد اليدين ، بعد أن تدرج
في المقطع السابق ، (احضن حروفي، ثم ارتمى كفي بكفك ) والكف جزء من اليد حتى
تأتي النهاية مد اليدين صريحة لمعانقة الجرح الممدد في دمه وهل يكون ذلك إسقاطًا على
الشاعر نفسه بأنه استحال قطعة من الجراح ؟ربما ، وتطل الصورة الجميلة من خلال
الضياء الذي يهدد الحلم المغيب في ظلام النفس ،لترتوي عينا الحلم من هذا السنا .
وما أجمل تعبير مجرى سناه ، حيث يكون الضوء كنهر متدفق بقوة يجرف الأحزان
ويتخذ طريقه سريعًا إلى عيني الحلم . رائع هذا التجسيد والذي يكون الحلم فيه إنسانًا
ذا عينين تبحثان عن طريق نهر الضياء .وتأتي النهاية أخيرًا عبقرية حينما تتوضأ القصيدة
وهي الفكرة ،الحلم ، الأمنية ويعاد انبعاثها مرة أخرى متطهرة من أدران الخوف الكئيب
لتستعد إلى الصلاة وهي انطلاقها إلى عالم الفرحة والبهجة ، والأمل ، تكامل البيئة التشبيهية
كان فاعلاً وأتى ختامًا قويًا بالصلاة ، ليكون ختام القصيدة على هذه الدرجة من الانسجام كما
تكون حركة الاستعداد وما حولها من مؤثرات صورية خبيئة في ذهن القارئ هي المشهد الأخير
الذي انتهت به القصيدة . فقط أحب الإشارة إلى أن الصلاة هي علاقة بين العبد وربه ،ومهما
بلغت الحياة من الطهر والسمو إلا أن ذلك لا يجعلنا بأي حال من الأحوال محقين حينما نشبهها
بالصلاة ؛لأن ذلك انتقاص من قدرها ، بل وفيه نوع من عدم تعظيم الله سبحانه كما يجب بحيث
تصير الشعائر المؤداة إليه مادة تنسحب -ولو على سبيل المجاز- إلى غيره،وتعدد الآلهات المصلى لها.
أحسنت أخي العزيز ودام قلمك الرائع ، وأرجو فقط الانتباه إلى مثل هذه الجوانب المتعلقة بمقدساتنا
نحن المسلمين ، هداك الله ورعاك وسدد على الدرب خطاك وجمعنا على الخير وإياك .
دمت مبدعًا وفقك الله .

كُنْ في غَدي
فالْيَوْمُ يَرْقُبُ أَمْسَهُ
خَوْفا
وَيِنْظُرُ للْغَدِ الْآتي
بعَيْنِ مِلْؤها
حُبُّ الْحياةْ
مُدَّ الْيّديْنِ وَعانِقِ الْجُرْحَ الْمُمَدَّدَ
في دمي
وَدَعِ الضِّياء يُهَدْهِدَ الْحُلْمَ الْمُغَيَّبَ
في ظَلامِ النَّفْسِ حتَّى تَرْتَوي
عَيْناهُ مِنْ مَجْرى سناهْ
لا تَجْعَلِ الْخَوْفَ الَّلعينَ
يُطَوِّقُ الْحَرْفَ الْجَميلَ
على الشِّفاهْ
فلَقَدْ تَوضَّأتِ الْقَصيدِةُ
رَغْبَةً ...
مِنْ طُهْرِ عَيْنَيْكَ الَّتي
دفعتْ حروفي للصلاةْ
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس