عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 26-07-2009, 05:11 AM   #39
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

الفصل الثلاثون: ماضي الأقليات العربية والمسلمة في بولونيا: المرآة والوعي الذاتي ..

تقديم: توماس مارسينياك .. أستاذ في أكاديمية العلوم ـ بولندا
الصفحات 559ـ 568

يقول الباحث: أن الموضوع الذي بين يديه هو عرض تاريخ جماعة صغيرة من المسلمين، ويقسم الباحث تلك الجماعة الى ثلاث مجموعات:

الأولى: هي مجموعة التتار البولنديين، أو بالأحرى البولنديين المنحدرين من أصول تترية والذين يقطنون منذ عدة قرون فوق التراب البولندي.

والثانية: وهم العرب الذين قدموا من أجل الدراسة في القرن العشرين وارتبطوا بالزواج من بولنديات.

والثالثة: هم اللاجئون البوسنيون، وهم أحدث المجموعات وأقلها عدداً.

أولا: التتار البولنديون

يذكر الباحث أنه منذ ستة قرون دخل الإسلام الى بولندا في حالات قليلة، ثم زاد عددهم في القرن السابع عشر حيث هرب أكثر من 100 ألف من المسلمين التتار من ظلم قياصرة روسيا ولجئوا الى بولندا، وقد اندمج هؤلاء مع الشعب البولندي مع حفاظهم على ديانتهم (الإسلام)، وأصبح منهم نبلاء لا يقلون مكانة عن نبلاء بولندا.

وفي عام 1925 أسس ((الاتحاد الديني للمسلمينMuzulmanski Zwiaze Religiny)) الناطق باسم الطائفة المسلمة داخل التراب البولندي، وفي السنة نفسها عين المستشرق (يعقوب سينكفياك) مفتي الإسلام في بولندا. وانضمت الى هذا الاتحاد 19 جماعة و 17 مسجدا في فترة ما بين الحربين العالميتين، وكان المسلمون يعدون حوالي 7 آلاف شخص.

وقد يكون هذا الإحصاء بعيدا عن الدقة، فكيف يكون عددهم 600 ألف قبل عدة قرون ثم يتحولون الى هذا العدد المتواضع!

يظهر الباحث أن المسلمين كانوا عرضة للانتقادات وجعلهم أشبه بالجماعات النادرة التي تستهوي عمل الباحثين الاجتماعيين، فضاق هؤلاء السكان ذرعا بتطفل وملاحقة الآخرين لهم، فابتعدوا عن مظاهر إشهار طقوسهم [ هذا رأيي]. وما جعلني أميل الى هذا الاستنتاج، هو عبارة دونها أحد الباحثين على لسان أحد المسلمين البولنديين إذا قال (( سيدي إننا لم نعد نرغب في أن نكون من التتار. أنتم لا تفعلون شيئا سوى أن تشاهدونا، أما نحن فنريد العيش عيشاً عاديا، كسائر الناس))*1

ثانيا: الحياة الدينية اليوم

إثر الحروب تغيرت حدود بولندا، مما أجبر السكان الانتقال من مكان الى آخر، وهذا ما حدث مع مسلمي بولندا، فبعد أن كانوا يسكنون شرق البلاد، أصبحوا يسكنون شمال وغرب البلاد.

في عام 1984 زار مفتي لبنان (حسن خالد) بولندا للاتصال بالمسلمين فيها، ثم تكررت زياراته، وفي عام 1986 زار عدد من ممثلي رابطة المسلمين العالمية قادمين من السعودية، وكان لتلك الزيارة أهمية كبيرة، حيث تبعها زيارة للأمين العام لرابطة المسلمين العالمية (الشيخ عبد الله عمر النصاف) الى (فرصوفيا).

ثم تلا تلك الزيارات بناء مركز المسلمين للثقافة والتربية في مدينة (بياليستوك) عام 1990، ومسجد يحمل اسم (جمال الدين الأفغاني) في مدينة (غدانسك) وقاعات لتدريس العربية، ومسجد في (فرصوفيا) مع مكتبة ونادي وقاعة متعددة الاستخدامات.

وتوجد في بولندا منذ عام 1939 مجموعة من (المهديين) لها أتباع حوالي مائة. وقد أنشأت تلك المجموعة (جمعية اتحاد المسلمين) ولها 6 فروع في (فرصوفيا ورادوم وكيالس وغدانسك وكاليز وبودج) ويرأس الجماعة المهداوية الشيخ (محمد طه ذوق).

وينشط في (بياليستوك) اتحاد التتار البولنديين برئاسة (ستيفن مصطفى مورشارسكي) وتضم تلك الجماعة حوالي 500 شخص.

وفي بولندا جمعية لا تحظى بتأييد مسلمي بولندا، وتدعى (جمعية الأخوان المسلمين). وهي التي رفعت دعوى أمام العدالة في (فرصوفيا) ضد الكاتب الهندي (سلمان رشدي) صاحب كتاب (آيات شيطانية).

ثالثا: العرب في بولندا: مباحث سوسيولوجية

معظم العرب في بولندا هم من الأطباء ورجال العلم والطلاب، وقبل التعرف على هؤلاء، لم يكن البولنديون يعرفون شيئا عن العرب.

في حزيران/يونيو 1988 قام مجموعة من الباحثين البولنديين في طرح أسئلة على عينة مكونة من أكثر من ألف شخص، تتعلق بانطباعات أفراد تلك العينة عن طباع مجموعة من الأجناس (العرب، اليهود، الصينيون، السود)، وكان حوالي 61% من الإجابات حول العرب [ لا أعرف]. أما من أجاب بالمعرفة فكانت إجاباتهم (أن العرب كسولون وعدوانيون ولا يحترمون المرأة وعدم قدرتهم على التعايش مع غيرهم، وأنهم متعصبون دينيا وقساة وشرسون.

وأخذ الباحثون انطباعا أن البولنديين يشعرون بنفور عميق تجاه العرب سببه الخوف منهم.

وفي عام 1991، أجرى فريق من الباحثين برئاسة (جوزيف غورنيافيك) وعضوية (الباحث : صاحب البحث الذي بين أيدينا) دراسة على 8 مناطق في بولندا منها 5 تسكن فيها أقليات، وكان عدد المشمولين بالبحث 1235.

وكان السؤال عن الديانات: أي الديانات التي تحظى بقبول أقل لدى المشمولين بالبحث، فاحتل الإسلام المرتبة الثالثة بالكراهية بعد (اليهودية و المسيحية الأرثوذكسية).

أما عن السؤال عن العرقيات، فاحتل العرب المرتبة الثانية بعد اليهود وتلاهم السود ومن ثم (غجر التسيغان).

رابعا: المنشورات الإسلامية

يوجد في الوقت الحاضر (وقت كتابة البحث من الباحث)، ثلاث صحف إسلامية موجهة الى حلقات ضيقة من القراء، فواحدة تخاطب المسلمين التتريين، وواحدة تحاول شرح التعاليم الإسلامية، وتصدر باللغة البولندية وتلخيص بالإنجليزية والعربية، فتحاول شرح القرآن، ويرى الباحث أن مستوى تلك الصحيفة متواضع ويساهم في تشويه الإسلام أكثر من توضيح تعاليمه.

كما توجد مجلة شهرية اسمها (As-Sadaka الصداقة) تمولها الحكومة الليبية وتصدر منذ عام 1981، وهي تتحدث عن تضخيم دور ليبيا أكثر مما تتحدث عن مواضيع أخرى.

يختم الباحث بحثه، بأنه وبعد أن أطيح بالنظم الاشتراكية في شرق أوروبا، فإن صورة العربي والمسلم في بولندا ـ والتي كانت متواضعة ومرتبكة أصلا ـ قد زادت سوءا بعد تقوية علاقات النظام الجديد مع إسرائيل.





هوامش (من تهميش الباحث نفسه)
*1ـ Aldona Krajewska, "Zmierzech polksiezyca" Polityka 24/12/1988
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس