عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 27-10-2007, 08:13 PM   #1
nihad
عضوة شرف
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2006
المشاركات: 2,083
إفتراضي رائعة الاصمعي"صوت صفير البلبل

[FRAME="11 70"]كان الخليفة المنصور من شدة حرصه على أموال المسلمين يتحايل على الشعراء الذين يأتون في طلب العطايا لكي لا يأخذوا شيئا دون أن يغضبوا. فاهتدى إلى حيلة فكان يشترط على الشاعر الذي يريد الجائزة أن تكون من قوله و شعره لم يقله أحد قبله فإذا كانت كذلك أعطاه وزن ما كتبت عليه ذهبا. و كان هو يحفظ القصيدة من أول سماع و أتى بغلام يحفظ من سماعين و جارية تحفظ من ثلاث مرات و جعلهم خلف الستار. فكان الشاعر إذا جاء قال له الخليفة قل ما عندك فيحفظ القصيدة حتى إذا انتهى قال له الخليفة هذه منقولة و أنا أحفظها ثم يعيدها عليه فيحفظها الغلام ثم يأتي به فيعيدها فتحفظها الجارية ثم تعيدها عليهم فيصبح حفاظ القصيدة ثلاثة فلا يعطي للشاعر شيئا. فاشتكى الشعراء ما يلاقون من الأمير فسمعهم الأصمعي فعلم أنها
حيلة من الخليفة فقرر الذهاب إليه, فنظم قصيدة صعبة الحفظ وأتى الأمير متنكرا في زي أعرابي. فلما دخل عليه قال من أنت؟ قال أعرابي من أعراب الموصل, فقال قل ما عندك فقال
صَـوْتُ صَفِيْـرِ البُلْبُــلِ...هَـيَّـجَ قَلْبِـيَ الثَمِــلِ

الـمَاءُ وَالـزَّهْـرُ مَعَــاً...مَـعَ زَهـرِ لَحْظِ الـمُقَلِ

وَأَنْـتَ يَـاسَيِّــدَ لِـي...وَسَيِّـدِي وَمَـوْلَـى لِـي

فَكَـمْ فَكَـمْ تَـيَّمَنِــي...غُـزَيِّـلٌ عَـقَيْقَــلـي

قَطَّفْـتُ مِـنْ وَجْنَتِــهِ...مِـنْ لَثْـمِ وَرْدِ الخَجَـلِ

فَقَـالَ بَـسْ بَسْـبَسْتَنِـي...فَلَـمْ يَجّـدُ بـالقُبَــلِ

فَـقَـــالَ لاَ لاَ لاَ لاَ لاَ...وَقَــدْ غَـدَا مُهَــرْولِ

وَالـخُودُ مَالَـتْ طَـرَبَـاً...مِـنْ فِعْـلِ هَـذَا الرَّجُـلِ

فَوَلْـوَلَـتْ وَوَلْـوَلَــتُ...وَلي وَلي يَـاوَيْـلَ لِــي

فَقُـلْـتُ لا تُـوَلْـوِلِـي...وَبَـيِّنِـي اللُـؤْلُـؤَلَـي

لَمَّـا رَأَتْـهُ أَشْـمَـطَـا...يُـرِيـدُ غَيْـرَ القُبَــلِ

وَبَـعْـدَهُ لاَيَـكْـتَفِـي...إلاَّ بِطِيْـبِ الوَصْلَ لِــي

قَالَـتْ لَهُ حِيْـنَ كَـذَا...انْهَـضْ وَجِدْ بِالنَّـقَـلِ

وَفِـتْيَـةٍ سَـقَـوْنَنِـي...قَهْـوَةً كَالعَـسَلَ لِــي

شَـمَمْتُـهَا بِـأَنْـفِـي...أَزْكَـى مِـنَ القَرَنْفُــلِ

فِي وَسْـطِ بُسْتَانٍ حُلِـي...بالزَّهْـرِ وَالسُـرُورُ لِـي

وَالعُـودُ دَنْ دَنْـدَنَ لِـي...وَالطَّبْـلُ طَبْ طَبَّلَ لِـي

وَالسَّقْفُ قَدْ سَقْسَـقَ لِـي...وَالرَّقْـصُ قَدْ طَبْطَبَ لِـي

شَوَى شَوَى وَشَـاهِـشُ...عَـلَـى وَرَقْ سِفَرجَـلِ

وَغَـرَّدَ القِمْـرِ يَصِيـحُ...مِـنْ مَلَـلٍ فِـي مَلَـلِ

فَلَـوْ تَـرَانِـي رَاكِـباً...عَلَـى حِمَـارٍ أَهْــزَلِ

يَـمْشِـي عَلَـى ثَلاثَـةٍ...كَـمَشْيَـةِ العَـرَنْجِـلِ

وَالـنَّـاسُ تَرْجِمْ جَمَلِـي...فِي السُـوقِ بالـقُلْقُلَـلِ

وَالكُـلُّ كَعْكَعْ كَعِكَـعْ...خَلْفِـي وَمِنْ حُوَيْلَـلِـي

لكِـنْ مَشَيـتُ هَـارِبا...مِـنْ خَشْيَـةِ العَقَنْقِـلِي

إِلَـى لِقَــاءِ مَلِــكٍ...مُـعَظَّــمٍ مُـبَجَّــلِ

يَـأْمُـرُلِـي بِـخَلْعَـةٍ...حَمْـرَاءْ كَالـدَّمْ دَمَلِـي

أَجُـرُّ فِيـهَا مَـاشِـيـاً...مُـبَغْــدِدَاً لـلذِّيَّــلِ

أَنَـا الأَدِيْـبُ الأَلْمَعِـي...مِنْ حَـيِّ أَرْضِ المُوْصِـلِ

نَظِمْـتُ قِطعاً زُخْرِفَـتْ...يَعْجِـزُ عَنْهَا الأَدْبُ لِـي

أَقُـوْلُ فِـي مَطْلَعِـهَـا...صَـوْتُ صَفيـرِ البُلْبُـلِ


تتخيلون كيف يمكن لإنسان أن يحفظها من أول سماع أو حتى العاشر. فأمر بالغلام و الجارية لعلهما يحفظانها لكن لا أمل. فقال هات ما كتبت عليه, فقال نقشتها على لوح رخام وهو فوق الجمل لا أستطيع حمله فأرسل معي من يحمله فاصفر وجه الخليفة . فلما وزنه أخذ كل ما عنده. فعلم الخليفة أن هناك مكيدة فقال له أمط اللثام فلما رآه قال الأصمعي؟ ويحك أعد المال فقال قد قطعت أرزاق الشعراء بحدة ذاكرتك أيها الملك. ثم أعاد المال وأمر له الخليفة بعطاه.
[/FRAME]
__________________


آخر تعديل بواسطة السيد عبد الرازق ، 27-10-2007 الساعة 10:43 PM.
nihad غير متصل   الرد مع إقتباس