عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 30-05-2008, 12:57 PM   #17
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

[FRAME="11 70"]بسم الله الرحمن الرحيم
يحكى أن..
يحكى أنه في بلد من بلاد المسلمين قامت إحدى الدور الثقافية التى لها وزنها بالإعلان عن منح لدراسة اللغة الإنجليزية خصت بها طلاب وطالبات كليات التربية قسم اللغات ..هذه المنح المميزة ذات تمويل أمريكي..واشترطت الجهة المعلنة عمل اختبار ومقابلة شخصية للطلاب المتقدمين لتتخير منهم العدد المناسب..كانت لجان المقابلات الشخصية مؤلفة من أساتذة أمريكيين أما أسئلتهم فقد انحصرت في موضوعات بعينها مثل: ما رأيك فى الوضع الراهن لأفغانستان؟؟ما رأيك فى دخول أمريكا العراق لترسيخ معنى الحرية والديموقراطية؟؟كلمنا عن طالبان؟؟مارأيك فى العمليات الانتحارية التى تقوم بها فرق الإرهاب(المقاومة)الإسلامية فى الدول موضوع الأسئلة؟؟
أما الامتحان التحريرى فقد أتى على نفس الشاكلة ولكن بطريقة (تكلم بإسهاب عن واحد من المواضيع المذكورة أعلاه موضحاً فيه رأيك ووجهة نظرك وسببه..؟؟)
دخل الطلاب الامتحانات وانقسموا إلىفرقتين..فرقة آثر ت الحصول على المنحة والإمساك بالعصا من منتصفها وأدلت بإجابات غير قاطعة حاولت فيها أن تماليء الدولة المانحة لتفوز بالمنح..وفرقة أخرى استفزتها الأسئلة وفهمت مابين السطور وأحست بالغرض من تلك المنح فردت بالإجابات التى رأتها مناسبة و لا تخالف ضميرها وفضلت أن تقول الحق وألا تأخذها فى الله لومة لائم..وانتهى الامتحان وكل فريق يعرف مافعل وينتظر نتيجته المتوقعة...ومر أسبوعان ثم أعلنت النتيجة ..لم يهتم كثيراً طلبة الفرقة الثانية فقد فهموا أن الرسوب لن يكون هو النتيجة الوحيدة لإجاباتهم بل قد يذهبوا إلى جوانتاناموا وأبى غريب فى منح من نوع خاص تعدها وزارة الدفاع الأمريكية..فلم يكلفوا أنفسهم عناء السؤال عن نتيجتهم..أما الفئة الأولى فقد تحرقت شوقاً لمعرفة نتائجها وهى تثق فى ذكائها الذى جعلها تحسن التصرف وتتعامل مع الموقف وفق مايقتضيه لتستفيد منه كما ينبغي..إن هذه الفئة لم تكن سيئة لكنها اعتقدت أن رأيها لن ينفع أحداً لأن الموضوع مجرد مقابلة شخصية من أجل منحة..بل على العكس قد تتضرر هي إن لم تحصل على المنح المطروحة والتى لن تكلفها إلا كلمات قليلة ترضى بها الممتحن..وكانت المفاجأة..فقد نجح كل من هاجم أمريكا والنظام العالمي الجديد وفاز بالمنح بينما رسب كل الذين استرضوها وخطبوا ودها..
بدأت المنح الدراسية فعالياتها واكتشف الطلاب الفائزون بها أنهالم تكن إلا شركاً الهدف الأساس منه عملية غسيل مخ منظمة ولقاءات وجلسات حوار مع رجالات تربية وثقافة أمريكيين عبر الدوائر التلفزيونية لتغيير توجهات هؤلاء الشباب الواعين وكسبها لصالح الكفة الأمريكية..والجدير بالذكر أن معظم من حضروا تلك الندوات لم يتغيروا بل بالعكس تناقشوا مع محاوريهم بمنتهى الموضوعية وأحرجوهم بالحجج التى لم يستطيعوا منها فكاكاً وفشل البرنامج فشلاً ذريعاً..
انتهت القصة نهاية سعيدة..بيد أن فحواها ذكرنى بأسطورة( إيريال) عروس البحر الكارتونية الديزنية(نسبة إلى ديزنى)بنت ملك البحار التى أحبت أميراً بشرياً وأنقذته من الموت غرقاً فى عاصفة بحرية ولم يتذكر هو شكلها لكن صوتها الرائع انطبع داخله ولما أن أحست ساحرة البحار الشريرة رغبة عروس البحر الجميلة فى الحصول على قلب هذا الأمير والحياة معه مابقى لها من عمر عقدت معها صفقة مفادها أن تمنحها ساقين وقدمين بدلاً من ذيلها مقابل أن تأخذ صوتها الرائع..وقبلت الأميرة الصفقة واستطاعت الخروج من البحر والحياة على الأرض كبشرية والوصول إلى الأمير الذى تحب لكنها لم تستطع أن تعرفه بشخصيتها الحقيقية لأنها بلا صوت..وهو عرفها في البدايةعن طريق صوتها الشجى وبالتالى لم يتعرف على حقيقتها لأنه لم ير منها إلا أنها فتاة جميلة خرساء..وكانت النتيجة أنهالم تجن من مشاعره أكثر من العطف والشفقة..
وتأملت الأسطورة وقصة المنح معاً ..فوجدت أنهما متطابقتان من ناحية التخطيط مختلفتان تطبيقاً..فقد كان أمل الساحرة الشريرة(أمريكا) شراء صوت الشباب الواعى الذين تعلم علم اليقين أنهم هم من سيمسكون بالزمام غداً إن شاء الله..ولما عقدت الاختبار لم تكن بحاجة لمن لديهم الاستعداد المسبق للبيع ..لكنها كانت تريد الآخرين الذين تعتقد أنهم الشوكة فى ظهرها..لقد حاولت إقناعهم بالبيع أو على الأقل بحضور المزاد بواسطة سماسرتها من بنى جلدتنا..كانت مقتنعة أن مجرد دخولهم تحت طائلتها الثقافية الفكرية قادر على إحداث تغيير حقيقي فى نفوسهم وقناعاتهم بيد أنها فشلت لكنها لم تيأس..إنها تعمل فى كل الاتجاهات بكل السياسات سواءاً كانت سياسة العصا والجزرة أو الغزو الفكرى والثقافى والانحلالى..أو فرض النظام العالمي الجديد واستخدام فخ العولمة..أو..أو...تشترى من يبيع وتبيع من تشترى..فمن وجهة نظرها لكل ثمنه الذى يرتضيه وإن لم يفعل فالنار والدمار أولى به..
لكن الذى يجب أن نتوقف عنده هو:لماذا تفعل أمريكا كل هذا إن كان العرب المسلمون قد انتهى زمانهم أو يئست منهم الحياة فألقت بهم فى سلة مهملاتها..وصاروا نهباً لكل قاطع طريق أو مجرم صفيق..؟؟لماذا تضيّع من وقتها وأموالها ماتضيّع إن كنّا نحن بضاعة مزجاة لاتنفع ولاتضر..وإن كان وجودنا فى حد ذاته عبئاً على الحضارات الأخرى التى قطعت أشواطاً طويلة فى التقدم والعلم والعلو؟
والإجابة تتلخص في أننا نشكل رعباً حقيقياً لأمريكا ومن يحالفها لأننا ذوو مرجعية ثابتة لم تتغير وأمتنا جبلت على أنها أمة محاربة مقاومة للضربات المتوالية التى قد تصيبها بالمرض حال ضعفها لكنها لا تميتها ولاتفنيها فعن ثوبان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أن الله أو أن ربي زوى لي الأرض مشارقها ومغاربها وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوى لي منها وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها وعشرون بعامة ولا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم حتى يكون بعضهم يسبي بعضا وبعضهم يهلك بعضا ولو اجتمع عليهم من بين أقطارها أو قال من بأقطارها إلا وإني أخاف على أمتي الأئمة المضلين وإذا وضع السيف في أمتي لم يرفع عنها إلى يوم القيامة ولا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين وحتى تعبد قبائل من أمتي الأوثان))مسند أحمد
لقد درس أعداؤنا ما منحنا إياه نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام من معلومات مستقبلية نبأه الله بها كمفاتيح نصرللأمة فآمنوا بها وغضضنا نحن عنها الطرف وبدلاً من أن تكون تلك المفاتيح بأيدينا نفتح بها أبواب النصر والأمل استخدمها عدونا لتحجيمنا وإغلاق الباب علينا وحبسنا فى قمقم الضعف والهزيمة..لأنه يعلم علم اليقين أن المارد خارج خارج لا محالة..وكل الذى يفعله هو سجنه أطول فترة ممكنة عله يستطيع أن يحقق أغراضه ويستفيد من هذا الوقت الممنوح له أقصى استفادة..ألم نر التفكك والانقسام على النفس من قبل أولياء أمورنا تارة أو من قبل فرق المقاومة للمحتلين أخرى بإيعاز وتمويل ومؤازرة من أعدائنا فى كل بلد يلوح فيه الحكم بـــ (لاإله إلا الله)....ألم نر ورغم ضعف المسلمين وبعدهم عن روح الإسلام الحقيقية ومنهجه القويم ومشاريع التبشير السياسي والفت فى عضد المسلمين أن أعداد من يدخلون للإسلام تزيد ولاتنقص وتدخل الدعوة بفضل الله لكل فج عميق لتصل إلى قلوب شاء الله لها أن تجتمع على موائد فضله وهدى رحمته..؟؟؟ألم نر أن كل مصيبة تدبر للإسلام يكون القصد منها تشويه صورته تدفع الناس لدراسته والبحث عن كنهه ودعوته فيرى كل من أراد الله له صفاء البصر والبصيرة الوجه الحقيقي للإسلام ويفهم كل من رزق عقلاً راشداً ويستطيع قراءة مابين السطور سبب هذا العداء الجامح الذى لم يرقب فى مؤمن إلاًّ ولاذمة ولم تأخذه بدولة الإسلام رأفة فى دين أو دساتير حقوق إنسان..فيشهد لنا لا علينا حتى وإن لم ينضم لحظيرة الإسلام..؟؟؟
إننى أرى المنح فى المحن والعطايا فى الرزايا..وإن المبشرات أكثر وأكبر من المثبطات والمحبطات..إن الله منجزنا وعده ولو كره الكافرون ..وإنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب وقد قال تعالى:
((أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ ))البقرة 214
ألا إن نصر الله قريب..ألا إن نصر الله قريب..ألا إن نصر الله قريب..
[/FRAME]
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس