عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 21-09-2022, 07:44 AM   #3
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,962
إفتراضي

وعاد لكلامه السابق عن أن الكتاب يشمل كل الأقوام التى نزل عليها كتاب وليس الكتب الاثنين أو الثلاث فقال:
"وفي ما نحن فيه اذا فرض ان الدليل المخصص اعني آية الجزية مجمل من حيث المفهوم فيحتمل فيه ارادة خصوص اهل الكتب الثلاثة أو الكتب المشرعة كما يحتمل شموله لهم ولغيرهم فدلالة هذا الدليل على حكم غير اهل الكتب الثلاثة غير معلوم في حين ان دلالة العام اي عمومات الكفار عليهم ثابتة بلا ريب فيحكم عليهم بمقتضاه."
وتحدث فى المقتضى العملى على ان المورد مجرى استصحاب عدم كون الصابئة ممن اوتي الكتاب فقال:
"مقتضى الاصل العملي
واما الاصل العملي فربما يبدو ان المورد مجرى استصحاب عدم كون الصابئة ممن اوتي الكتاب ويمكن تقريره على وجهين
الأول ان يكون المراد بالعدم المستصحب هو العدم المفروض في ما قبل وجود الصابئة فيكون هذا الاستصحاب من جزئيات استصحاب عدم الخصوصية المفروض في ظرف عدم موضوعها المعروف لدى الاصوليين باستصحاب العدم الازلي ففي ما نحن فيه يصدق ان هؤلاء قبل وجودهم لم يكونوا ممن اوتي الكتاب فيستصحب هذا العدم.
فالحاصل ان جريان استصحاب عدم الكتابية في ما نحن فيه لا يستقيم بوجه. فالظاهر ان المورد مجرى اصالة الاحتياط من جهة لزوم ذلك في باب النفوس والاموال والاعراض والله العاصم.
هذا كله في الامور الراجعة إلى كبريات المسألة."
وقد انتهى فى الفقرة السابقة إلى رد جريان استصحاب عدم الكتابية في ما نحن فيه
وطرح الرجل مسألة هل يمكن الاستدلال على كون الصابئة أهل كتاب وأجاب فقال :
"واما المحور الثاني اعني النقاط الصغروية التي لا بد من البحث عنها
فالنقطة الأولى منها انه هل هناك ما يمكن الاستشهاد به على ان الصابئة اهل كتاب؟
والجواب على ذلك انه ربما يمكن الاستدلال على انهم اهل كتاب بوجوه
منها ما يستفاد من الآيات الكريمة القرآنية التي ذكر فيها اسم الصابئين وهي ثلاث آيات الآية الأولى قوله تعالى في سورة المائدة (ان الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) .
وقريب منها الآية الثانية وهي قوله تعالى في سورة البقرة (ان الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم اجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) .
ويستفاد من الآيتين اولا ان عقائدهم مشتملة على الايمان بالله واليوم الآخر؛ والا لم يكن وجه لذكر ذلك عنهم.
وثانيا ان من آمن منهم بالله واليوم الآخر وقرن ذلك بالعمل الصالح فهو من اهل النجاة وهذا لا يكون الا في صورة صحة هذا الدين وكونه نازلا من قبل الله تعالى.
وثالثا ان الاديان الثلاثة مستقلة بعضها عن بعض على ما هو الظاهر المتبادر من تعدادها مردفا ومقترنا بعضها مع بعض. وما ربما احتمل في بعض الكلمات من ان ذكر الصابئين من باب ذكر الخاص بعد العام يبعده بل ينفيه ذكرهم بعد اليهود في آية وبعد النصارى في الآية الأخرى."
ومجمل كلام الخامئنى فى الفقرة السابقة أنهم أهل كتاب وفق آيات القرآن وناقش قول أحد أساتذته فى المسألة مظهرا تناقضه فى أمر الصابئة فقال :
"ومما ذكرنا يعرف وجه المناقشة في ما ذكره بعض اعاظم اساتذتنا في تفسيره فانه بعد نقل كلام طويل عن البيروني في تاريخ الصابئة وبعض ما ينسب اليهم من العقائد قال وما نسبه إلى بعض من تفسير الصابئة بالمذهب الممتزج من المجوسية واليهودية مع اشياء من الحرانية هو الاوفق بما في الآية؛ فان ظاهر السياق ان التعداد لاهل الملة انتهى. فظهور الآية بان الصابئين اهل ملة وهذا ما اعترف به يعارض ما توهمه من ان مذهبهم مزيج من المذاهب الثلاثة؛ اذ ظاهر الآية كونهم اهل ملة غير الملل الأخرى المذكورة فيها لا انها ملتقط بشري من سائر الاديان مضافا إلى ان ما نسبه البيروني اليهم لا يعترف به المنتمون إلى هذا المذهب ظاهرا.
ثم ان ما ذكرناه من ايمانهم بالله واليوم الآخر وان دينهم صحيح ونازل من الله تعالى عبارة أخرى عن كونهم من «أهل الكتاب» بناء على ان هذا العنوان اعم من ان يكون الكتاب نازلا على نبي هذه الجماعة ابتداء وبخصوصه وان يكون نازلا على نبي آخر يتبعه ويروج دينه النبي الذي ينتمون اليه. واما بناء على ان عنوان أهل الكتاب خاص بامة نبي نزل عليه كتاب بالخصوص ولا يشمل امة من كان بدوره تابعا لنبي آخر فالآيتان بما ذكر من مفادهما ليس فيهما دلالة واضحة على كون الصابئة من أهل الكتاب وان ما تدلان على كونهم ذوي شريعة الهية ولو مع عدم صدق عنوان أهل الكتاب عليهم. ولعل من استفاد من الآيتين ان الصابئين من أهل الكتاب كبعض اعلام هذا العصر في جهاد منهاجه لم يفهم من عنوان أهل الكتاب الا الاعم وهو الاظهر.
واما الآية الثالثة فهي قوله تعالى في سورة الحج (ان الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين اشركوا ان الله يفصل بينهم يوم القيامة ان الله على كل شي ء شهيد) .
والظاهر من التصنيف الثلاثي فيها ان كل صنف يلي موصولا على حدة ذو طبيعة وحكم مباين للصنفين الآخرين
والحاصل ان هذه الآية لها ظهور تام في ان الصابئين في عداد اليهود والنصارى والمجوس من جهة كونهم اهل دين وكتاب سماوي وان كلا من الفرق الاربعة مستقل في نفسه؛ بمعنى عدم كونه داخلا وجزء من فرقة أخرى.
والمتحصل مما ذكرنا ان الاستدلال بالآيات الثلاثة على ان الصابئة في عداد أهل الكتاب مما لا بأس به بل لا غبار عليه.
الوجه الثاني مما يمكن الاستدلال به لذلك المضامين المنقولة عن كتبهم التي يعتبرونها سماوية وينسبونها إلى انبياء الله المعروفين لدينا كما نقل عن ما يسمى «كنزا ربا» ومعناه على ما يقال الكنز الكبير فانها مشتملة على عقائد لا تعهد الا من الاديان الحقيقية الالهية كعقيدة التوحيد والمعاد وتسمية الحق المتعال بالاسماء الحسنى والصفات العليا ونسبة كل شي ء اليه والى ارادته وما إلى ذلك وهم يدعون ان الكتاب المشتمل على ذلك هو كتاب يحيى (ص) الذي يعتبرونه آخر انبياء الله تعالى أو كتاب شيث وصحف آدم أو كتاب ادريس (ص) بحسب اختلاف ما ينقل عنهم.
فبناء على ما رجحناه سابقا من تصديق اصحاب الملل والنحل في ما يبدونه من عقائدهم وكون ذلك حجة على غيرهم بحسب البناء العقلائي غير المردوع عنه شرعا لا يبقى مجال لانكار صحة هذا الدين في اصله وانه منسوب إلى احد انبياء الله (ص).
ثم انه لما كان اصل نزول كتاب على يحيى وآدم مسلما نطق به القرآن الكريم كما سنذكره فنسبة كتاب الصابئين إلى احدهما اما ان تكون صادقة أو خاطئة فعلى الأول يكون هؤلاء اهل كتاب بلا ريب وعلى الثاني يكون ممن بيدهم شبهة كتاب كالمجوس على ما بيناه في معنى هذا العنوان فكونهم ممن يقر على دينهم كاليهود والنصارى والمجوس امر لا محيص من الالتزام به.
واما نزول الكتاب على يحيى فهو وان كان الظاهر من قوله تعالى (يا يحيى خذ الكتاب بقوة ... ) لكن لو نوقش في دلالته بان المراد بالكتاب فيه هو التوراة بدلالة لام العهد فلا يدل على كون يحيى صاحب كتاب آخر حتى يحتمل كونه هو الذي بيد الصابئة وليس هذا الذي يدعونه كتاب يحيى هو التوراة حتى يحكم بكونهم من اهل التوراة فلا شي ء هناك يصحح لهم عنوان «أهل الكتاب» أو اهل شبهة كتاب لقلنا في الجواب اولا يكفي في اثبات الكتاب ليحيى آيات سورة الانعام حيث يقول تعالى بعد ذكر عدة من الانبياء منهم زكريا ويحيى وعيسى والياس واسماعيل واليسع ويونس ولوط وغيرهم وذكر اجتبائهم وهدايتهم من عند الله تعالى
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس