عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 26-06-2022, 07:39 AM   #2
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,960
إفتراضي

ويدل على ذلك أن الله قد ذكر أن العذاب المهين قد أعد لهم إعدادا، والعذاب إنما أعد إعدادا للكافرين، لأن جهنم إنما خلقت لهم موئلا لا يستطيعون عنها حولا وما هم منها بمخرجين؛ قال تعالى {واتقوا النار التي أعدت للكافرين}. أما أهل المعاصي من المؤمنين فيمكن أن لا يدخلوها إذا غفر الله لهم، وإن دخلوها فإنهم يخرجون منها بعد حين بتوحيدهم وإسلامهم."
وبعد أن ذكر الرجل أقوال بعضهم في الجريمة خرج بنا عن الموضوع إلى سب النبى(ص) فقال :
"وقال تعالى {لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون}.
أي: حذر أن تحبط أعمالكم، أو خشية أن تحبط، أو لئلا تحبط أعمالكم ووجه الدلالة على كفر الساب من هذه الآية؛ أن حبوط العمل كاملا إنما يكون بالكفر، قال تعالى {ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم} وقال: {لئن أشركت ليحبطن عملك} بخلاف حبوط عبادة معينة بعينها لنقص شرط أو نحوه.
وإذا كان رفع الصوت فوق صوت النبي (ص)من غير قصد ولا شعور يخشى على صاحبه من حبوط العمل الذي لا يكون إلا بناقض من نواقض الإسلام. فكيف بمن يسب الله تعالى؟.
قال الإمام عبد الله بن أحمد بن حنبل سألت أبي عن رجل قال لرجل: (يا بن كذا وكذا، أنت ومن خلقك!) فقال: (هذا مرتد عن الإسلام). قلت تضرب عنقه؟ قال نعم، تضرب عنقه. (مسائل الإمام أحمد 431 نقلا عن الصارم المسلول 546).
وقال تعالى {ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين}.
فإذا كان الاستهزاء ولو مزاحا بالله أو بشيء من دينه أو برسوله (ص)كفر وردة بعد الإيمان، فالسب من باب أولى هزلا كان أم جدا. وقد نزلت هذه الآيات في قوم خرجوا للجهاد مع رسول الله (ص)وصدر منهم استهزاء ببعض الصحابة ولما نزلت هذه الآيات كانوا يعتذرون ويقولون: (إنما كنا نتحدث حديث الركب نقطع به الطريق) أي: إنما كنا نتمازح ونلعب ولم نقصد الكفر أو نعتقده. فقال تعالى لهم {لا تعتذروا قد كفرتم} بفعلكم هذا ولو لم يكن عن اعتقاد. ومنه نعرف أن ساب الله أو الدين أو الرسول (ص)يكفر سواء كان هازلا أم جادا، وسواء اعتقد حل ذلك السب أم لم يعتقده. (انظر الصارم 516 وما بعدها و 177).
الله يمهل ولا يهمل، عن أبي موسى:" إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، ثم قرأ {وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد}. رواه البخاري.
فلقد أمهل الله فرعون وجنوده، ثم أغرقهم في البحر، وأمهل قوم لوط، ثم بعث ملائكة تحمل قريتهم وتجعل عاليها سافلها، وأمهل قبلهم قوم نوح، ثم أغرقهم بماء منهمر، وكذلك فعل سبحانه بكل المجرمين من الأمم السابقة."
وكل هذا الكلام ساوى فيه الرجل بين الله ورسوله (ص) ومعاذ الله أن يستوى المخلوق بخالقه
وحدثنا الرجل عن العقوبات التى ينزلها الله بمن يسبه فقال :
"ذكر ابن كثير في سبب نزول قوله تعالى: (ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال) ذكر ما رواه الحافظ أبو يعلى الموصلي بسند صحيح من حديث أنس (ص)أن رسول الله (ص)بعث رجلا من أصحابه إلى رأس من رؤوس المشركين يدعوه إلى الله، فقال: هذا الإله الذي تدعو إليه أمن فضة هو أم من نحاس؟. فتعاظم مقالته في صدر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فرجع إلى النبي (ص)فأخبره فقال:" ارجع إليه فادعه إلى الله ". فرجع فقال له مثل مقالته، فأتى رسول الله (ص)فأخبره، فقال:" ارجع إليه فادعه إلى الله، وأرسل الله عليه صاعقة "، فرجع فقال له مثل مقالته، فأتى رسول الله (ص)فأخبره، فقال:" ارجع إليه فادعه إلى الله ". ورسول الله في الطريق لا يعلم، فأتى النبي (ص)فأخبره أن الله قد أهلك صاحبه ونزلت على النبي (ص){ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء}.
وفي عصرنا الحاضر انتشرت القصة المشهورة عن أحد زبانية السجون في إحدى الدول الإسلامية أنه قال للسجين عندما سمعه يقول من شدة الألم: يا رب يا رب!، قال الزنديق: لو نزل ربك لسجنته بالزنزانة!!.
وذكر الثقات العدول أن هذا الزنديق عوجل بعقوبة في الدنيا قبل الآخرة، عندما كان خارجا يوم العيد بسيارته إلى قريته، وفي الطريق التقى بحراثة زراعية فاصطدم بها فدخلت أسنان الحراثة في جسمه ولم يقدروا أن يخلصوه إلا بقطع وفصل رأسه عن بدنه!.
وذكر أحد الدعاة قصة امرأة كانت ترعى الغنم واثنان من الرجال غير بعيد عنها في رعي أغنامهم وكان الحر شديدا واشتد بنا العطش وبالغنم فاستغاث أحد الشابين بالله تعالى أن يسقينا، ولكن الآخر قائلا لصاحبه بسخرية واستهزاء بالله (لو كان عند ربك ماء سقى به نفسه).تقول المرأة: بعد قليل أنشأ الله سحابة جاءت المغرب حتى أظلتنا فأمطرت علينا فارتوينا. أما الساخر بالله فتدلت عليه السحابة وأحاطت به تقصفه بصواعق أصابنا منها رعبا شديدا والبرق يسطع من خلال السحابة فكدت أنا والرجل الآخر أن يغمى علينا من هول الأمر، ثم انجلت السحابة عنه فإذا هي قد قطعته قطعا. (أيها الزنادقة مهلا عن الجبار مهلا، عبد الكريم بن صالح الحميد 14 ـ 15 بتصرف يسير).
قال ابن الجوزي في " صيد الخاطر " (قال عبد المجيد ابن عبد العزيز: كان عندنا بخراسان رجل كتب مصحفا في ثلاثة أيام فلقيه رجل فقال: في كم كتبت هذا؟ فأومأ بالسبابة والوسطى والإبهام وقال في ثلاث {وما مسنا من لغوب} فجفت أصابعه الثلاث، فلم ينتفع بها فيما بعد.
وخطر لبعض الفصحاء أن يقدر أن يقول مثل القرآن فصعد إلى غرفة فانفرد فيها وقال: أمهلوني ثلاثا: فصعدوا إليه بعد ثلاث ويده قد يبست على القلم وهو ميت).أ. هـ.
قال ابن كثير: (وحكى ابن خلكان فيما نقل من خط الشيخ قطب الدين اليونيني قال: بلغنا أن رجلا يدعى أبا سلامة من ناحية بصرى كان فيه مجون واستهتار، فذكر عنده السواك وما فيه من الفضيلة، فقال: والله لا أستاك إلا في المخرج – يعني دبره – فأخذ سواكا فوضعه في مخرجه ثم أخرجه، فمكث بعده تسعة أشهر وهو يشكو من ألم البطن والمخرج فوضع ولدا على صفة الجرذان له أربعة قوائم ورأسه كرأس السمكة وله أربعة أنياب بارزة وذنب طويل مثل شبر وأربعة أصابع وله دبر كدبر الأرنب، ولما وضعه صاح ذلك الحيوان ثلاث صيحات فقامت ابنة ذلك الرجل فرضخت رأسه فمات، وعاش ذلك الرجل بعد وضعه له يومين ومات في الثالث، وكان يقول: هذا الحيوان قتلني وقطع أمعائي. وقد شاهد ذلك جماعة من أهل الناحية وخطباء ذلك المكان، ومنهم من رأى ذلك الحيوان حيا ومنهم من رآه بعد موته). (المصدر السابق 15 ـ 17 بتصرف يسير)."
وكل هذا الكلام هو حديث عن عقوبة إلهية تنزل على من يسبون الله وهو كلام في الغالب كلام مصاطب بدون نص من الوحى فالألوف المؤلفة في عصرنا من الملحدين وغيرهم يسبون الله ومع هذا لم يعاقب الله أحد منهم عقوبة فورية أو بعدها بقليل
وتحدث عن أن الإنسان الحقير تبلغ به الجرأة أن يسب الله تعالى فقال:
"أخوة الإسلام:
إن أس الإيمان وأصله وجذره هو تعظيم الله عز وجل وإجلاله وتوقيره فإذا تخلف هذا التوقير والتعظيم فسد الإيمان.
قال ابن القيم: وروح العبادة هو الإجلال والمحبة، فإذا تخلى أحدهما عن الآخر فسدت، فإذا اقترن بهذين الثناء على المحبوب المعظم، فذلك حقيقة الحمد.
روى البخاري عن ابن مسعود قال: جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله (ص)فقال: يا محمد، إنا نجد أن الله عز وجل يجعل السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والماء والثرى على إصبع، وسائر الخلق على إصبع، فيقول: أنا الملك، فضحك رسول الله (ص)حتى بدت نواجذه تصديقا لقول الحبر، ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون}
فكيف تجرؤ نطفة قذرة خلقت من ماء مهين أن تتطاول على الجبار الذي أتته السماء والأرض طائعة، وتطامنت الجبال لعظمته خاشعة، ووكفت العيون عند ذكره دامعة، عبادته شرف، والذل له عزة، والافتقار إليه غنى.
وكيف يجرؤ عبد ضعيف لا يملك لنفسه ضرا ولا رشدا أن يسب من أحاط علمه بالكائنات، واطلع على النيات، العالم بنهايات الأمور، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، علم ما في الضمير، ولا يغيب عنه الفتيل والقطمير {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} يبدئ ويعيد، وينشئ ويبيد، وهو فعال لما يريد، لم يخلق الخلق سدى، ولم يتخذ من المضلين عضدا.
شكت خولة بنت ثعلبة إلى رسول الله (ص)أمرها، وأخبرته سرها، وعائشة في طرف البيت لم تسمع همسا، ولم تعلم حسا، فأنزل الله {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير}.
فسبحان من علم ما كان وما سيكون، وما لم يكن لو كان كيف يكون، وسع علمه كل شيء، وأحاط بكل شيء يلف الجنين بغشاء إثر غشاء في رحم أمه في ظلمات ثلاث، فلا يدرى أحي أم ميت، أذكر أم أنثى، أشقي أم سعيد، ولا يدرى ما أجله ولا رزقه ولا عمره، ويعلم ذلك الذي أحاط بكل شيء علما.
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس