[ابن حوران]

لا بد من المشاركة!

كان ينبهر من قدرة الآخرين على سرد الحكايات والقصص في الدواوين، واسترسالهم في حشد المزيد من تلك القصص، وكان يراقب الأدوار عند المستمعين لمن يحكي، فما أن ينتهي من حكايته، حتى ينبري آخرٌ في إدلاء دلوه في سرد قصة (تبز) قصة من سبقه، وكأنهم في سباق لاختيار أجمل قصة!

كان لديهم متسعٌ من الوقت، فقد يخصصون ليلة سمرهم للحديث عن (الغولة) أو (الضباع) أو (الأفاعي) أو (الكنوز)...أو يختاروا المفاضلة بين الأشياء، فهذا يتحدث عن أن السيارات الألمانية هي أفضل السيارات، وذاك يتحدث عن أن الرز البنغالي أفضل أنواع الرز، وآخر عن الأقمشة... عناوين كثيرة وقصص كثيرة، هناك العديد منها قد سمعها بعضهم عدة مرات، ولكنه لا يعترض على سماعها مرة أخرى، فهم كمسافر بالصحراء لا يملك إلا شريط (كاسيت) واحد، يستمع لما فيه عشرات المرات..

قرر صاحبنا، الذي كان يمضي سهراته مع أصحابه أن يشارك في تلك الأمسيات الرتيبة، ورسم خطا لم يحبكه جيدا، ليبين للآخرين أنه ليس أقل منهم قدرة على سرد القصص والحكايات..

ذات ليلة بدأ أحدهم الحديث عن التداوي في الأعشاب والطب الشعبي .. وما أن انتهى حتى انبرى صاحبنا بتناول الحديث:

(مرة واحد طلع له شغلة بجنبه اليمين أو اليسار) ( فأعطوه عنوانا لخبير في الديرة الغربية أو الشرقية) ( فذهب إليه فوصف له نوعا من الأعشاب يدقه أو يغليه) (فأخذ منه قدحا أو سفوفا ) ( ولا أعرف إن كان قد شفي أم مات).

وفي ليلة أخرى، بادر أحدهم في الحديث عن أفضل أنواع البطيخ وأكبرها، وعندما انتهى تناول صاحبنا الحديث:

مرة كنت أقود سيارتي وأنا في السعودية، ولمحت سيارة شحن تحمل أشياء خضراء ضخمة بحجم البطيخ عدة مرات، فقلت في نفسي: (أبطيخ تحمل تلك السيارة أم جرار ماء [جمع جرة]) وصممت على اللحاق بها فلما اقتربت منها فاكتشفت أن ما تحمله (جرار ماء).

لفتت طرافته الجميع وأصبحوا يلحون عليه ويطلبون منه المشاركة.