عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 17-02-2010, 09:33 AM   #5
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

خامساً: أمريكا اللاتينية

ـ الاتجاه العالمي: الركود العالمي في أمريكا اللاتينية

أن المسألة الأساسية المتعلقة بالركود في أمريكا اللاتينية هي فرصة الوصول الى رأس المال، وهذا يقسم المنطقة الى ثلاث مجموعات:

المجموعة الأولى: هي الدول التي تتمتع بقدرٍ كافٍ من حرية الوصول الى رأس المال بحيث أنها تمكنت ـ رغم الظروف الاقتصادية العالمية المضنية ـ من النجاة إبان الأزمة. والدول الوحيدة في هذه المجموعة هي البرازيل وبدرجة أقل بيرو وتشيلي.

تبرز البرازيل بين بلدان أمريكا اللاتينية بسبب قدرتها على سد حاجاتها من الاعتمادات. وكانت قد كابدت من التضخم المفرط في أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات من القرن الفائت، الى درجة أنها ترغم المصارف الآن على الاحتفاظ بقرابة نصف ودائعها في الاحتياط، فجعلت البلد غنياً برؤوس الأموال على نحو مثير للدهشة. هذا وحده يضع البرازيل في نادٍ عالمي مميز، نقصد نادي مُصدري صافي رأس المال، وسيستمر، ومعه حجم اقتصاد البرازيل وزخمه الصرف، في دعم الانتعاش البرازيلي في الشهور القادمة.

على الرغم من أن تشيلي وبيرو ما تزالان تعتمدان بشدة على الاستثمارات والصادرات الدولية ـ وهو ما يجعلها عرضة لأذى هبوط أسعار السلع ـ فإن ماضي حصافتهما المالية قد أسعفهما خلال الأزمة. فكلتاهما حافظت على علاقة متينة مع مستثمرين دوليين في أثناء الأزمة ( بل أن تشيلي تحصل من وكالة مودي (Moody) على زيادة في تقدير أسعار دَيْنها المطلق). وكان لديهما كلتيهما أيضاً موارد رأسمالية كافية لوضع سياسات دورية مضادة وسياسات حافزة جمعت بين مشاريع الأشغال العامة وتخفيضات في الضرائب المترتبة على الشركات. وقد تعززت شعبية الحزب الحاكم في تشيلي بفضل الطريقة التي عالج بها الأزمة، رغم أنه متخلف عن حزب المعارضة قبل الانتخابات الرئاسية والتشريعية المزمع إجراؤها قريباً.

تتألف المجموعة الثانية من البلدان التي هي أقل قدرة على مستلزمات الائتمان أو السياسات الدورية المضادة، لكنها ليست موضع احتقار لدى مجتمع الاستثمارات الدولي. وتضم هذه المجموعة (أوروغواي وباراغواي والى حد ما كولومبيا). ومن سوء حظ هذه الدول أنها لا تستطيع أن تفعل شيئاً بأن تقنع الأجانب بأن تسرف في الإنفاق. لكن فيما أجواء الخوف تنحسر في العالم المتطور، فإن هذه البلدان سترى مرة أخرى الأموال وهي تسلك طريقها شيئاً فشيئاً ـ وهي عملية بدأت بالفعل، ومن المتوقع أن تزداد فعالية في الأشهر القادمة.

تضم المجموعة الثالثة والأخيرة البلدان المعزولة لحد بعيد عن المصادر الدولية حتى المستقبل المنظور ولديها رأس مال محلي غير كافٍ. هذه البلدان هي الإكوادور والأرجنتين وفنزويلا، التي لا يثق بها المستثمرون الأجانب ببساطة لأسباب تتعلق بالسياسة، ونتيجة لذلك، ستكون اقتصاداتها آخر اقتصادات تسترد عافيتها من الركود الراهن. وتنفرد الإكوادور بينها بأنها تشكل الحالة الأكثر صراحة ووضوحاً، حيث أنها أبعدت عن نفسها عن الأسواق الرأسمالية وكانت سريعة في التخلف عن تسديد ديونها نتيجة الأزمة.

تبقى الأرجنتين موسومة بتقصيرها عن سداد ديون 2001ـ2002 وبسياسات التبذير الشعبوية. وهي ستستغل الشهور القادمة لتحاول تهدئة نزاعات بارزة مع مستثمرين دوليين. لكن، حتى لو أفلحت في ذلك (وهو ما ليس مسلماً به)، فإن الفرصة في الحصول على اعتمادات دولية لن تؤدي إلا الى المزيد من الإنفاق الحكومي ومزيد من تراكم الديون.

في فنزويلا، قد يسبب مستقبلها الاقتصادي الكئيب (بما فيه من مشكلات في مجال إنتاج النفط) تسريعاً للاضطراب الحالي المتفاقم في الظروف السياسية المحلية. وسيستمر الاقتصاد في دفع الرئيس (هوجو شافيز) الى إثارة المتاعب على الصعيد الدولي (خصوصا مع الولايات المتحدة وكولومبيا) لصرف الأنظار عن المتاعب الداخلية.

ثمة دينامية أخرى إضافية ومهيمنة تشكل طالع أمريكا اللاتينية الاقتصادي، وهي اعتمادها النسبي على الولايات المتحدة. فالعلاقات المتينة مع الولايات المتحدة تعني أنه عندما يتراجع النمو الاقتصادي الأمريكي، تهبط اقتصاديات أمريكا اللاتينية هبوطاً مفاجئاً كبيراً. وينطبق هذا على المكسيك بصورة خاصة. فبالرغم من مرونة المكسيك النسبية في الأمور المصرفية (وهي جزئياً حصيلة اقتصادها الكبير والشديد التنوع، فضلاً عن المبالغ على المبالغ المالية الهائلة الناجمة عن تجارة المخدرات والمبيضة على الأرجح والمودعة في المصارف)، فإن المكسيك ما تزال تواجه تحديات ضخمة تهدد النمو .

تواجه المكسيك أيضاً أسباب تعطيلٍ أخرى مثل: إنفلونزا الخنازير وقضايا أمنية ملحة، ومع أن أحزاب المكسيك الرئيسية الثلاثة ستسعى الى صياغة ردٍ متماسك على الانكماش، فإنه دون تحقيق الإجماع عقبات يصعب تجاوزها. ولكن، حالما يخرج الاقتصاد الأمريكي من أزمته، ينبغي للمكسيك أن لا تتخلف عنه كثيراً.

ـ الاتجاه الإقليمي: عنف الكارتلات المكسيكية

ما زال العنف ينتشر في المكسيك، وفي الوقت الذي ستستمر جغرافية هذا العنف في التحول فيما الكارتلات تتصارع للسيطرة على مناطق رئيسية، لا تبدو أي مؤشرات على أن العنف سينحسر. ومع أن المكسيك تواصل مناقشة دور الجيش المكسيكي في القتال، فإنه ليس هناك ما يدل على تحول كبير في الأشهر القادمة. وبمقدار ما يبقى تهريب المخدرات تجارة مربحة وتتمنى الدولة المكسيكية محاربة الفساد (أو المشاركة فيه)، فإن حروب الكارتلات سستواصل.

ولعل من حسن الحظ أن هناك علامات تشير الى أن المسألة سترتفع فوق المستوى الحالي من الاهتمام بالنسبة الى تطبيق القانون على الجانب الأمريكي من الحدود ـ في المدى القصير على الأقل.

يتبع
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس