عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 23-05-2022, 08:40 AM   #1
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,966
إفتراضي نقد كتاب علم الامام الحسين بشهادته

نقد كتاب علم الامام الحسين بشهادته
المؤلف محمد حسين مرتضى العاملى وهو يدور حول علم الحسين بالغيب ممثلا في مقتله وفى هذا قال العاملى :
"أما بعد، فالموضوع الذي اخترنا بحثه هو: (علم الإمام الحسين بشهادته)، ولأن المسالة عامة في سائر الأئمة: فحري بنا ان نبحث هذا الموضوع بشكل عام مع التركيز علي شهادة الإمام الحسين لأن ه موضوع المقال، وعلي كل حال فقد طرح قديما مبحث حول علم الإمام المعصوم بالغيب وعدمه، وعلي فرض ثبوته ولو علي نحو الموجبة الجزئية فهل تكون كيفية موته او قتله وزمانه ومكانه جزء من معلوماته أم لا؟ ثم علي فرض الثبوت فهل يعد الإقدام علي ذلك إلقاء الي التهلكة، أم يمكن توجيهه بحيث يعد مكرمة كما هو الصحيح؟ "
والعاملى يقرر منذ البداية ما يناقض القرآن حيث العلم بالغيب لله وحده أن الأئمة يعلمون الغيب مستدلا بروايات فيقول :
"ولا يخفي أنه قد دلت روايات كثيرة علي ان الائمة: يعلمون متي يموتون، و أنه م لا يموتون إلا باختيار منهم؛ حتي ان ثقة الإسلام الكليني (ت 328 ه) عقد بابا حول هذا الموضوع، واستعرض عدة روايات منها المعتبر في هذا المجال، وكذلك الثقة الجليل أبو جعفر محمد بن الحسن بن فروخ الصفار (290 ه) في كتابه بصائر الدرجات الكبري "
وذكر العاملى اختلاف علماء الشيعة في المسألة فقال :
"وقد أجاب علماؤنا الاعلام قديما وحديثا بأجوبة مختلفة بحل هذه المعضلة، وهي إقدامهم: علي الموت مع علمهم به، ونحن نستعرضها بالنقض او الإبرام و نختمها بجواب مستلهم من القرآن الكريم وسنة الأئمة اللهاميم وأخيرا نسأل الله تعالي أن يوفقنا والساعين معنا لمعرفة الصواب الي إدراك حق الجواب، و ان يجعلنا من اولي الالباب محمد وآله حملة الكتاب"
وقد ذكر أولا ما قاله المفيد في المسألة فقال :
"الجواب 1
وهو للشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان العكبري البغدادي (ت 413 ه) في رده علي سؤال حول: ان الإمام يعلم ما يكون؛ فما بال امير المؤمنين خرج الي المسجد و هو يعلم أنه مقتول وقد عرف قاتله وعرف الوقت و الزمان؟ وما بال الحسين بن علي سار الي الكوفة وقد علم أنه م يخذلونه و لا ينصرونه، و أنه مقتول في سفرته تيك؟ ... الخ فأجاب قائلا: أما الجواب عن قوله:
إن الإمام يعلم ما يكون فإجماعنا: أن الأمر علي خلاف ما قال، وما اجمعت البيعة علي هذا القول، وأن إجماعهم ثابت علي أن الإمام يعلم الحكم في كل ما يكون دون ان يكون عالما بأعيان ما يحدث ويكون علي التفصيل و التمييز، و هذا يسقط الاصل الذي بني عليه الاسئلة بأجمعها، ولسنا نمنع أن يعلم الإمام أعيان ما يحدث، ويكون بإعلام الله تعالي له ذلك، فأما القول بأنه يعلم كل ما يكون فلسنا نطلقه ولا نصوب قائله لدعواه فيه من غير حجة ولا بيان، و القول بأن أمير المؤمنين يعلم قاتله والوقت الذي كان يقتل فيه، فقد جاء الخبر متظاهرا أنه كان يعلم في الجملة أنه مقتول، وجاء أيضا بأنه يعلم قاتله علي التفصيل، فأما علمه بوقت قتله فلم يأت عليه اثر علي التحصيل، و لو جاء به أثر لم يلزم فيه ما يظنه المعترضون، إذ كان لا يمتنع ان يتعبده الله تعالي بالصبر علي الشهادة و الاستسلام علي القتل، فيبلغه بذلك علو الدرجات ما لا يبلغه إلا به، بأنه يطيعه في ذلك طاعة لو كلفها سواه لم يردها، ولا يكون امير المؤمنين بذلك ملقيا بيده الي التهلكة ولا معينا علي نفسه معونة يستقبح في العقول. واما علم الحسين بان اهل الكوفة خادعوه فلسنا نقطع بذلك إذ لا حجة عليه من عقل ولا من سمع، ولو كان عالما بذلك؛ لكان الجواب عنه ما قدمناه في الجواب عن علم امير المؤمنين بوقت قتله، ومعرفة قاتله كما ذكرناه.
نقول: هذا الجواب تام في الجملة و سنزيده توضيحا أكثر إن شاء الله تعالي لكن ما ذكره في اول جوابه يحتاج الي مزيد تأمل و إمعان نظر. وهكذا ما ذكره من عدم القطع بعلم الإمام الحسين بأن أهل الكوفة خادعوه، حيث من يرجع الي سيرتهم مع أبيه وأخيه: يطمئن بذلك، فما بالك مع من عاش الحدثين أعني الإمام الحسين ؟"
جواب المفيد نفى علم الأئمة تماما بالغيب بقوله "وأن إجماعهم ثابت علي أن الإمام يعلم الحكم في كل ما يكون دون ان يكون عالما بأعيان ما يحدث ويكون علي التفصيل و التمييز"
ولكنه عاد فجعلهم يعرفون بعض منه بوحى من الله وهو تناقض فقال "ولسنا نمنع أن يعلم الإمام أعيان ما يحدث، ويكون بإعلام الله تعالي له ذلك"
وأما صاحب الرد الثانى فهو على الموسوى المعروف بالمرتضى في قوله:
"الجواب 2
وهو للشريف المرتضي علم الهدي علي بن الحسين الموسوي البغدادي (ت 355 ـ 436 ه)؛ حيث سئل هل يجب علم الوصي ساعة وفاته او قتله علي التعيين؟ ام ذلك مطوي عنه؟ فأجاب :
إن الإمام لا يجب أن يعلم الغيوب وما كان وما يكون؛ لأن ذلك يؤدي الي أنه مشارك للقديم تعالي في جميع معلوماته، وأن معلوماته لا تتناهي، وأن ه يوجب ان يكون عالما بنفسه، وقد ثبت أنه عالم بعلم محدث، والعلم لا يتعلق علي التفصيل إلا بمعلوم واحد، ولو علم ما لا يتناهي لوجب وجود ما لا يتناهي من المعلومات، وذلك محال وقد بينا أن الذي يجب ان يعلمه علوم الدين و الشريعة فأما الغائبات أو الكائنات الماضيات والمستقبلات، فإن علم بإعلام الله شيئا فجائز، وإلا فذلك غير واجب. وعلي هذا الاصل ليس من الواجب علم الإمام بوقت وفاته، او قتله علي التعيين وقد روي أن أمير المؤمنين في اخبار كثيرة كان يعلم أنه مقتول، وأن ابن ملجم (لعنه الله) قاتله ولا يجوز ان يكون عالما بالوقت الذي يقتله فيه علي التحديد و التعيين، لأنه لو علم ذلك لوجب ان يدفعه عن نفسه، ولا يلقي بيده الي التهلكة، وأن هذا في علم الجملة غير واجب. نقول: يرد علي كلامه بعض الملاحظات: منها: قوله : لأن ذلك يؤدي الي أنه مشارك للقديم في جميع معلوماته ... الخ يمكن ان يقال: إن المشاركة بالمظهرية لا بالذات لا محذور فيها، نعم علي نحو الموجبة الكلية لا يمكن، ولعله هذا مراده فيرتفع الإيراد. منها: قوله: ولا يجوز ان يكون عالما بالوقت الذي يقتله فيه علي التحديد ... الخ غير تام؛ لأنه يمكن ان يعلم علي التحديد والتعيين بوقت قتله من دون ان يكون هناك رمي الي التهلكة، وما تلك الاجوبة المتقدمة والمتأخرة إلا حل لهذا التوهم. منها: قوله : لأنه لو علم ذلك لوجب ان يدفعه عن نفسه ...الخ غير تام؛ لأنه ليس ذلك قاعدة كليه، و ذلك أنه بعد ان نعلم بعدم المحذورية في البين يسقط الوجوب، و يتحول التكليف الي حكم آخر كما سوف يأتي إن شاء الله تعالي."
والمرتضى كرر نفسه جواب المفيد ووقع في نفس التناقض فقد نفى تماما علم الأئمة بالغيب فقال" إن الإمام لا يجب أن يعلم الغيوب وما كان وما يكون " ثم عاد فأقبت أنهم قد يعلمون ببعض الغيب بوحى الله فقال " فأما الغائبات أو الكائنات الماضيات والمستقبلات، فإن علم بإعلام الله شيئا فجائز "
ولكنه عارض ذلك بكون على علم أنه مقتول وأن ابن ملجم قاتله وما جهله هو الموعد وهو كلام يتنافى مع مضمون قوله تعالى :
" لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسنى السوء"
فهنا علم الغيب يجعل العالم مانع للسوء وهو هنا القتل عنه فيقتل قاتله وهو ما لم يحدث فيكون الرجل غير عالم بشىء
والرد الثالث كان للحلى وهو :
"الجواب 3
وهو للعلامة الحلي الحسن بن يوسف بن المطهر (ت 726 ه) حيث سئل عن علم امير المؤمنين بكيفية ووقت ومكان قتله فأجاب بأنه يحتمل أن يكون قد أخبر بوقوع القتل في تلك الليلة أو في أي مكان يقتل، وأن تكليفه مغاير لتكليفنا، فجاز ان يكون بذل مهجته الشريفة في ذات الله تعالي، كما يجب علي المجاهد الثبات وأن كان ثباته يفضي الي القتل. نقول: يصلح هذا الجواب لأن يكون ايضا حلا لعلم الإمام الحسين بشهادته وذلك لوحدة النكتة، ولكن ما ذكره من قوله : « .. وأن تكليفه مغاير لتكليفنا» لا نحتاج الي هذا الاحتمال بعد ان كان غير المعصوم يعلم بكيفية ووقت قتله؛ كما روي عن رشيد الهجري وميثم التمار وغيرهما ممن كان عندهم علم المنايا نعم ما ذكره اخيرا تام، كما سوف نوضحه اكثر إن شاء الله تعالي."
والجواب هنا جواب مناقض لكلام الله فعلى لم يكن مكلفا بشىء مخالف لسائر المسلمين لأن الوحيد الذى كان مكلفا بذلك هو النبى(ص) ومن قبله من الرسل(ص) وهو نزول الوحى عليهم لتبليغه كما قال تعالى :
" قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلى"
ومن ثم فعلى لم يكن ينزل عليه وحى هو وغيره
وكيف يعلم على بغيب قتله إذا كان محمد(ص) نفسه لم يعلم ما يفعله به أو بالناس كما قال تعالى:
" وما أدرى ما يفعل بى ولا بكم"
وكان الجواب التالى لكاشف الغطاء وهو :
"الجواب 4
وهو للإمام الأكبر محمد الحسين آل كاشف الغطاء (ت 1373 ه) في رده علي سؤال حول خروج امير المؤمنين ليلة 19 من شهر رمضان المبارك مع علمه بقتل ابن ملجم له، وهل يصدق عليه أنه إلقاء النفس الي التهلكة؟ فأجاب : معاذ الله ان يكون ذلك من باب إلقاء النفس الي التهلكة، بل هو علي الإجمال من باب الجهاد الخاص علي الإمام لا الجهاد العام علي عموم الإسلام يعني أنه من باب المفاداة والتضحية والتسليم لأمر الله سبحانه في بذل النفس لحياة الدين وتمييز الحق من الباطل؛ ليهلك من هلك عن بينة ويحيي من حي عن بينة، ويميز الله الخبيث من الطيب، ومن هذا الباب إقدام الحسين علي الشهادة مع علمه بأنه مقتول لامحالة ولاشك أنهم كانوا يعلمون بكل ذلك بإخبار النبي (ص) وحيا، ولكن يحتملون فيه ان يتطرق إليه البداء ويكون من لوح المحو والإثبات، وأن يكون ثابتا في العلم المخزون المكنون الذي استأثر الله سبحانه به لنفسه؛ فلم يظهر عليه ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا، وباب البداء باب واسع لا مجال هنا لشرحه، وفي هذا كفاية إن شاء الله. نقول: لا نحتاج في الجواب الي ان نجعل هذا من باب الجهاد علي الإمام؛ لأنه لا دليل علي ذلك، ثم أنه قد يرد علي كلامه الاخير أنه مجرد احتمال المخالفة لا يكون مبررا لارتكاب الفعل، وإلا لجاز ان يرمي الأن سان بنفسه من شاهق، مع احتمال أن يكون قد كتب له في اللوح المحفوظ أنه لا يصيبه شيء، وهو كما تري"
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس