الموضوع: بيت الحكمة
عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 06-11-2010, 07:47 AM   #2
د.علي
عضو مشارك
 
تاريخ التّسجيل: May 2009
الإقامة: الأرض.
المشاركات: 778
إفتراضي

إنشاء بغداد وإنشاء بيت الحكمة
مقابل ذلك العالم المتأخر كان على الضفة الأخرى للمتوسط عالم ناهض متطور إنسانيا وتقنيا. يفرد الكاتب الجزء الثاني من الكتاب "الفجر" لإنشاء بغداد وبيت الحكمة فيها، فهذه المدينة المدورة قال عنها الخليفة المنصور "والله لأبنينها ثم أسكنها أيام حياتي، ويسكنها ولدي من بعدي، ثم لتكونن أعمر مدينة في الأرض" وكان له ذلك، فبعد قرن من وفاته كتب المؤرخ اليعقوبي وصفا للحياة في مدينة السلام.
وقال في هذا الوصف "إنما ابتدأت بالعراق لأنها وسط الدنيا وصرة الأرض، وذكرت بغداد لأنها وسط العراق والمدينة العظمى التي ليس لها نظير في مشارق الأرض ومغاربها سعة وكبرا وعمارة، وكثرة مياه، وصحة هواء ...".
انتشرت في بغداد صناعة الورق، وأول مصنع له عام 795م مما أدى إلى ازدهار النتاج العلمي في حين كانت أوروبا تعتمد الكتابة على جلود الحيوانات. أنشا هارون الرشيد مكتبة ملكية ضخمة سماها "بيت الحكمة" ضمت كل علوم ومعارف العالم وتفرغ فيها علماء للبحث العلمي وأجربت منها أرزاق كثيرة لتمويل المعرفة.
يقول الكاتب "وعلى امتداد 150 عاما، ترجم العرب كل كتب العلم والفلسفة اليونانية، وحلت العربية مكان اليونانية لغة للبحث العلمي، وغدا التعليم العالي أكثر فأكثر تنظيما في أوائل القرن التاسع، وكان في أغلب المدن الإسلامية جامعة من نوع ما ....".
وكانت ذروة الحضارة العربية مع الخليفة المأمون الذي حكم بين العامين 813-833م، وكان حاد الذهن بصيرا بكل أصناف العلوم. جمعت بغداد في عصره كل علوم الكون من علوم الهند واليونان والسريان والفرس والبيزنطيين، إضافة إلى ما بدأ أبناء الحضارة العربية بإبداعه، ومن أشهرهم الخوارزمي الذي بلغ قمما نادرة في الفلك والجبر والحساب، فقد عمل في المسح الصحراوي لقياس محيط الأرض، وعمل على الإسطرلاب، وشارك في الأرصاد الفلكية ووضع "زيح السند هند" الذي ظل يستخدم لقرون، وأخيرا هناك الخوارزميات الشهيرة التي لا تزال تستخدم حتى اليوم بعد تعديلها.
ويفرد الكاتب فصلا خاصا لرسم خريطة العالم من قبل الجغرافي العربي الإدريسي عام 1154م، فلم يعارض العرب مفهوم أن الأرض تشبه الكرة، فقد طبقوا بسهولة رياضيات الكرة على مسائل الجغرافيا، كما يقول المؤلف. وقام المجسطي بتمثيل السطح المكور للأرض على خريطة مستوية.
كان الرحالة آديلارد متقنا للعربية تماما، واستقر في إنطاكية التي كانت مركزا لترجمة علوم العرب إلى اللاتينية، ولا سيما في حقل الطب، وكانت الكتب العربية تملأ أسواق المدينة. وفي إنطاكية ترجم العالم الإيطالي ستيفن أوف بيزا موسوعة طبية هي الكتاب الملكي لعلي بن العباس المجوسي، ويتألف هذا الكتاب من عشرة فصول في نظرية الطب وعشرة فصول في التطبيق السريري. أما آديلارد فقد كان مهتما بالفلك والكيمياء وعلم الهندسة وترك وزراؤه عشرات المؤلفات في هذا المجال. وترجم "زيح السند هند" للخوارزمي.



اختراع الغرب

الفصل الأخير من الجزء الرابع من الكتاب خصصه الكاتب لتبيان كيف اخترع العرب الغرب وساهموا بنهضته، فقد تسربت فلسفة ابن رشد إلى الجامعات الغربية رغم تحريمات 1277م التي وضعتها لجنة من بيروقراطيي الكنيسة ووجهت خاصة إلى العلوم العربية من الفلسفة وعلم الفلك والعلاقة التي يقيمها بين حركة الأجرام السماوية والحراك على الأرض.
ويجزم الكاتب أن العرب اخترعوا الغرب، فالعلم الغربي في ذلك الوقت "كان نقلا مباشرا هائلا إلى الغرب المسيحي -قد يقول البعض سرقة ثقافية كبيرة من ذلك الغرب- للمعرفة والتكنولوجيا العربية التي لا تقدر بثمن".
كما يؤكد الكاتب أن الادعاء بالمصدر اليوناني للثقافة الغربية لا معنى له، إذ إن الغربيين لم يتعرفوا أرسطو الوثني الذي لم يكن يفكر في الله، بل تعرفوا أرسطو العربي، بتأملاته حول الألوهية والإيمان.
وفي الختام يخص الكاتب الموضوع بالاستشهاد إلى كاتب مجهول يقول "إننا نذوق التوابل العربية مع أننا لا نشعر ألبتة بلهيب الشمس التي أنبتتها". وفي سياق شكره لموظفي مكتبة الكونغرس يشير إلى أن القصة تتلخص في أنه ليس هناك أي تمثال برونزي لعربي أو مسلم موضوع في تلك المكتبة على درابزين الأروقة العلوية حيث تماثيل لستة عشر من صناع العالم المعاصر. هذا الغياب المتعمد يشكل جزءا هاما من القصة؟


__________________
القارئ الكبير / زكي داغستاني رحمه الله .







قالوا سلام قالوا .
د.علي غير متصل   الرد مع إقتباس