عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 25-03-2007, 09:32 AM   #63
العنود النبطيه
سجينة في معتقل الذكريات
 
الصورة الرمزية لـ العنود النبطيه
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2001
الإقامة: الاردن
المشاركات: 6,492
إفتراضي

هكذا تصنع المواعظ

روي أن عابداً يقال له همام جاء إلى الإمام علي كرم الله وجهه وقال له: صف لي المتقين حتى كأني أنظر إليهم. فقال الإمام علي:

هم الذين منطقهم الصواب وملبسهم الاقتصاد ومشيهم التواضع
غضوا أبصارهم عما حرم الله عليهم
ووقفوا أسماعهم على العلم النافع لهم
نزلت أنفسهم في البلاء كالتي نزلت في الرخاء
لولا الأجل الذي كتبه الله لهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين شوقاً إلى ربهم
عظم الخالق في انفسهم فصغر ما دونه في أعينهم

قلوبهم محزونة وشرورهم مأمونة وأجسادهم نحيفة وحاجاتهم خفيفة وأنفسهم عفيفة
صبروا أياماً قصيرة أعقبتهم راحة طويلة تجارة رابحة سيرها الله لهم
أرادتهم الدنيا فلم يريدوها وأسرتهم ففدوا أنفسهم منها

أما الليل فصافون أقدامهم يرتلون أجزاء القرءان ترتيلا
فإذا مروا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعاً وتطلعت نفوسهم إليها تشوقا
وإذا مرّوا بآية فيها تخويف صغوا إليها بمسامع قلوبهم وظنوا أن زفير جهنم وشهيقها في أصول آذانهم
فهم جاثون على ركبهم يطلبون من الله فكاك رقابهم

وأما النهار فحلماء علماء أبرار أتقياء قد براهم الخوف بري القداح
ينظر إليهم الناظر فيحسبهم مرضى وما بالقوم مرض
لا يرضون من أعمالهم بالقليل ولا يستكثرون الكثير
فهم لأنفسهم متهمون ومن أعمالهم مشفقون
إذا زكي أحدهم خاف مما يقال له فيقول انا أعلم بنفسي من غيري وربي أعلم بنفسي منهم
اللهم لا تؤاخذني بما يقولون واجعلني أفضل مما يظنون واغفر لي ما لا يعلمون

فمن علامة أحدهم أنك ترى له قوة في الدين وحزناً في لين وإيماناً في يقين
وحرصاً في علم وعملاً في حلم وقصداً في غنى وخشوعاً في عبادة
وتجملاً في فاقة وصبراً في شدة وطلباً في حلال ونشاطاً في هدى وتحرجاً عن طمع
يعمل الأعمال الصالحة وهو على وجل ويمسي وهمه الشكر ويصبح وهمه الذكر
يبيت حذراً ويصبح فرحاً، حذرا من الغفلة وفرحاً بما أصاب من الفضل والرحمة

إذا استصعبت عليه نفسه فيما يكره لم يعطها سؤلها فيما تحب
قرة عينه فيما لا يزال وزهادته فيما لا يبقى

يمزج الحلم بالعلم والقول بالعمل
تراه قريباً أمله قليلاً زلـله خاشعاً قلبه قانعةً نفسه
سهلاً أمره حريزاً دينه ميتةً شهوته كظوماً غيظه

الخير منه مأمول والشر منه مأمون

إن كان في الغافلين كتب في الذاكرين
يعفو عمن ظلمه ويعطي من حرمه ويصل من قطعه
بعيداً فحشه ليناً قوله غائباً مكره حاضراً معروفه
في الزلازل وقور وفي المكاره صبور وفي الرخاء شكور
لا يحيف على من يبغض ولا يأثم فيمن يحب

يعترف بالحق قبل أن يشهد عليه
لا يضيع ما استحفظ ولا ينابز بالألقاب ولا يضر بالجار ولا يشمت بالمصائب
إن بغي عليه صبر حتى يكون الله هو الذي ينتقم له
نفسه منه في عناء والناس منه في راحة
أتعب نفسه لآخرته وأراح الناس من نفسه

بعده عمن تباعد عنه زهد ونزاهة ودنوه ممن دنا منه لين ورحمة
ليس تباعده بكبر وعظمة ولا دنوه بمكر وخديعة.


فصعق همام صعقة كانت فيها نفسه.

فقال علي كرم الله وجهه: أما والله كنت أخافها عليه.
ثم قال هكذا والله تصنع المواعظ البليغة بأهلها
.
__________________


كيف استر الدمع في عيونٍ عرايـــــا
وسحاب الألم لا يترك في العمر ورقة إلا ويرويها بالشقاء
أنّى للدموع الاختباء والفؤاد جريح
والنزيف سنين من عمرٍ صار خراب
فيا دمعاتي الحوارق هونا على الخدود حرّقها لهيبك
وهونا على العمر صار يجر الخراب وهو في بواكير الصبا



http://nabateah.blogspot.com
العنود النبطيه غير متصل   الرد مع إقتباس