عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 19-05-2009, 05:51 PM   #2
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

عندئذ نفطن الي اقتدار هذا الصوت الشعري الجديد‏,‏ المالك لإرادة الإبداع وقوة تحريك عناصر الطبيعة محوا وإثباتا‏,‏ المتلاعب برموز الشعر وكلمات اللغة بمهارة وإتقان‏,‏ مما يشهد له بأنه من خير من يتذكر عروبته وهو ينساها‏,‏ وأنه يكاد ينسي ثملا في غمرة بلاغته منطقه الوجداني السابق حين يقول‏:‏ ـ
أغفو علي صرخة الصمت الرهيب‏/‏علي
هدير خوفي‏/‏علي حلم من اللهب
وحين أصحو ثقيلا‏/‏كارها نزقي
مبعثرا‏/‏ثملا باليأس والتعب
أجثو أمامي وأرجوني‏/‏أعاهدني
اليوم أنسي تماما أنني عربي

صيغة لغوية بسيطة‏,‏ تشف عن نجاح الشاعر في تجاوز تناقضه الداخلي المحتدم‏,‏ تتمثل فيما قد يكرهه بعض أصحاب اللغة ويرحب به النقاد ويطربون لتكراره في عبارات أجثو أمامي وأرجوني‏/‏أعاهدني حيث يتوحد الفاعل والمفعول به‏,‏ ويلتئم ما انشطر قلقا وتوترا في نفس الشاعر‏,‏ فهو يريد ويصر علي أن ينسي عروبته‏,‏ في الوقت الذي يمعن في تأكيدها بهذا التصرف الابداعي في بنية اللغة والاضافة لأدواتها الشعرية في التعبير عن صراعات الذات المعاصرة‏.‏
يصنع أسلوبه

وبالرغم من أن هذه الصيغة المازجة بين الفاعل والمفعول عبر الضمائر ليست من ابتكار شاعرنا فهي صناعة صوفية معروفة‏,‏ فقد عثر فيها علي خاصيته المائزة‏,‏ وأمعن في استثمارها الي درجة مثيرة للاعجاب والغيظ حيث يعود اليها في مقطوعة غزلية حادة‏,‏ يقول فيها‏:‏ ـ
يظنني أظلمه‏/‏ما باله يظلمني
أنا الذي أحبه‏/‏كأنني أحبني
أنا الذي جعلت قلبه الحزين موطني
وسرت في دروبه‏/‏بشعري المسوسن
أزرع كل خطوة‏/‏عمرا بعمر الزمن‏.‏

ولست أعرف إن كان هناك نقاد مستبصرون في جماعات الإنترنت الأدبية‏,‏ كي ينبهوا نزار الي أن كلمة المسوسن لا تليق بقدراته الشعرية‏,‏ فقد أضطر منعا للالتباس الي تشكيل كلمة شعري بكسر الشين حتي لا يظن القارئ أنه يتباهي بشعره المسبسب‏,‏ وأحسب أن ما ورطه في هذا الضعف إنما هو الحرص علي القافية النونية‏,‏ مع أن له مندوحة عنها في شعر التفعيلة التي يكتب موهما بها قصائده العمودية‏,‏ كما أن عليه أن يبرأ من هذا الولع بالموسيقي ويوظف درجات الإيقاع المتفاوتة طبقا لتماوج الدلالة مثلما يفعل كبار المبدعين‏,‏ فهو لا يضيف كثيرا في الغزل عندما يقول في ختام مقطوعته‏:‏ ـ
أنا الذي لو بللته قطرة‏/‏تغرقني
أو انحنت شوكة ورد عنده‏/‏تذبحني
أنا الذي لو شاء أن يقتلني‏/‏يقتلني
ثم أقر في الحساب أنني‏/‏قتلتني
انتهت الخاصية الأسلوبية الي مجرد لعبة شيقة‏,‏ لكنها مفرغة من زخم الشعر الحقيقي بمواجد العشق وتصاريف الحب في زمن الانترنت‏,‏ وهذا ما ننتظر من نزار وأمثاله أن يدلونا عليه بابتكار فكر ابداعي شعري معبر عن تحولات الحياة المعاصرة‏.

(نقلاً عن الأهرام 02 يوليو 2007)
http://www.arabicnadwah.com/bookrevi...alah_fadhl.htm
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس