عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 13-05-2022, 09:10 AM   #3
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,967
إفتراضي

وقد أدرك أعداء الإسلام هذا الجانب، وشعروا أن هذه القضية قد تكسب هؤلاء بعدا عند الناس؛ ولهذا سعوا في حجب هذه الأدوار عن هؤلاء، لكن حالهم حال أولئك الذين يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره .
التاسع : التفوق في سائر مجالات الحياة المختلفة :
مع ما شغل به هؤلاء، من الدعوة إلى الله تبارك وتعالى، ومن حفظ كتاب الله، وتعلم العلم الشرعي، ومن نصرة قضايا المسلمين والاشتغال بها؛ مع ذلك كله هاهم يثبتون للناس أنهم هم المتفوقون في مجالات الحياة، ...لقد سعى أعداء هذه الدعوة إلى أن يصوروا للأمة أن هذا التدين وهذه الاستقامة إنما هو إفراز لمشكلات نفسية، أو مشكلات اجتماعية واقتصادية، ....وفي إحدى الدول العربية -والتي كانت أول بلاد سعي فيها إلى تحرير المرأة ورفع الحجاب –كانت ثمانية من الطالبات العشر الأول في نتيجة الثانوية العامة على مستوى الدولة من الفتيات المحجبات، في بلد هي أول من نزع الحجاب
العاشر: أن اهتماماتهم تجاوزت اهتمامات الناس الفارغة :
ما هي القضايا التي تسيطر على هم المسلمين صغارا وكبارا، شيبا وشبانا؟ إنها قضية الدينار والدرهم، ...إن القضية التي تقلقه وتشغل باله هي: كيف يستقيم على طاعة الله؟ كيف يحفظ كتاب الله؟ كيف يحصل العلم الشرعي؟ كيف ينفع المسلمين؟ كيف يدعو إلى الله تبارك وتعالى؟
وهو إنجاز من أعظم الإنجازات، حينما يتجاوزون ما يهتم به سائر المسلمين والمسلمات ولسان حال أحدهم يقول: ( يا قوم أنتم في واد وأنا في واد، يا قوم لكم هم ولي هم آخر، لكم شأن ولي شأن آخر ) . وهذا جدير بهم أن يكونوا ممن يقولون يوم القيامة لله تبارك وتعالى حين يسألوا : قد مضى الناس ولم تمضوا، يقولون : يارب فارقنا الناس ونحن أحوج ما نكون إليهم، نعم لقد فارقناهم بالدنيا ونحن أحوج ما نكون إليهم، وها نحن نفارقهم يوم القيامة أحوج ما يكون الناس إلى ذلك، فنحن ننتظر ربنا تبارك وتعالى كما ورد ذلك عن النبي (ص)في حديث الشفاعة الطويل .
إنهم يغتنمون الفرص لكل ما فيه نصر للدين ودعوة إليه؛ فهم يتساءلون في كل مناسبة: ..يتساءلون كيف نستثمر هذا الموقف في الدعوة إلى الله عز وجل ؟ كيف نستغل هذا الوقت وهذا الموسم وهذه الفرصة في الدعوة إلى الله تبارك وتعالى ؟
في حين كانت القضية التي تشغل غيرهم في الإجازة هي قضية السفر واللهو واللعب، ؟
ولهم أسوة بنبيهم (ص)الذي كان لا يدع قضية من القضايا وبابا من الأبواب وميدانا من الميادين إلا ونشر فيه علما، ودعا فيه إلى الله تبارك وتعالى، أليس (ص)يأتي في موقف ربما لا يزيد أثره في الناس أن يستثير بعض عواطف الأمومة والأبوة نحوهم فيرى (ص)امرأة تأخذ طفلا من السبي فتضمه إلى صدرها فيستوقف أصحابه (ص)ويقول :"أترون هذه طارحة ولدها في النار ؟" فيقولون : لا، فيقول:"لله أرحم بهذه من ولدها" أو يقول:"والله لا يلقي حبيبه في النار"
لقد كانت قضية الدعوة وقضية التعليم قضية تشغل النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكان يستثمر كل هذه الفرص، ولهذا أخذ هذا النشء وهذا الجيل المبارك هذا الهدي المبارك منه (ص)فصار سؤاله في كل وقت : كيف يستثمر هذا الوقت في الدعوة إلى الله تبارك وتعالى؟
الحادي عشر : أنه أحيا سنة الجهاد في سبيل الله تبارك وتعالى :
إن تجربة الجهد الأفغاني تجربة قريبة وتجربة لم ولن تنساها الأمة، في وقت كادت الأمة أن تنسى الجهاد وتنسى هذه الفريضة، بل للأسف كان بعض من يتصدر للتعليم وتدريس الناس الفقه يقفز باب الجهاد حين يصل إليه لأن الأمة قد نسيته ، وحين قام هذا الجهاد في تلك البلاد وفتح الميدان رأينا الشباب ممن لم يتجاوزوا العشرين أو تجاوزها بقليل، رأيناه يترك الدنيا ويترك الدينار والدرهم، ويترك كل ما يسير إليه الناس من متعهم، ويرحل إلى هناك إلى بلاد لا يعرف لغتهم، إلى بلاد لا يعرف طريقتهم، ولا يعرف حياتهم، ولسان حاله يقول وقد قال عبد الله بن رواحة حين ودع أصحابه وقالوا له حفظكم وردكم إلينا، قال : لا ردنا الله إليكم ، وقال:
لكنني أسأل الرحمن مغفرة
أو طعنة بيدي حران مجهزة
حتى يقال إذا مروا على جدثي ... وضربة ذات فرغ تقذف الزبدا
تغوص من الأحشاء تقذف الكبدا
يا أرشد الله من غاز وقد رشدا
..لئن قالها صاحب بدعة وصاحب ضلالة، فهو يقولها وهو على السنة وهو يتمنى أن يرزقه الله الشهادة تحت لوائها.
وبعد أن نسيت الأمة صور الشهادة، ونسيت صور الجهاد، رأينا نماذج من هؤلاء، ممن قتلوا في سبيل الله -نحسبهم والله حسيبهم- من الشهداء في سبيل الله، فأحيوا فريضة الجهاد، وضربوا للأمة أروع الأمثلة في التضحية والبطولة والفداء، في وقت كان يسافر أترابهم وأقرانهم لقضاء الرذيلة، ولقضاء الشهوات المحرمة، وفي وقت كان يسافر فيه الكبار والصغار للنزهة، كان هؤلاء الشباب يسافرون لأن يتيسر لهم في تلك البلاد ما لا يتيسر لهم في بلادهم، أما هؤلاء فلهم شأن آخر وقضية أخرى وحياة أخرى.
وأولئك الذين لم تكتحل أعينهم برؤية ميدان الجهاد، ولم تتشنف أسماعهم بسماع صوت الجهاد ...إنها صورة تستحق الإشادة، وتستحق أن نحفل بها، وأن نشعر أنها من منجزات جيلنا المبارك، وكما قال (ص)"من خير معاش الناس لهم في دينهم ودنياهم رجل آخذ بعنان فرسه في سبيل الله كلما سمع هيعة طار يبتغي القتل والموت من مظانه" .
الثالث عشر : أنهم قد أحيوا سنة الأخوة في الله :
لقد كادت الأمة أن تنسى الحب في الله والأخوة في الله، فجاء هذا النشء المبارك ليحيي معاني هذه الأخوة وليتأسى بنبيه (ص)والجيل المبارك الذين تآخوا على غير أرحام بينهم .
ولعل هؤلاء من أسعد الناس بقوله (ص) "رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه"
الرابع عشر : موقف هؤلاء من المعاصي :
إن هؤلاء -شأنهم شأن سائر المسلمين- قد يقعون في المعصية وقد يواقعون الذنب، ومن هو الذي لا يقع في الذنب والمعصية؟"لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولأتى بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم"
وهذا الحديث باطل وكلام الله يبين أنه أبقى الكفار وأجل عقاب الناس ولولا ذلك لأهلكهم جميعا كما قال :
"ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم فإن الله كان بعباده بصيرا"
وقال :
"و"كل ابن آدم خطاء وخير الخطاءين التوابون"كما قال (ص)
إن هؤلاء -وإن وقع أحدهم في المعصية - فحالهم مع المعصية ليست كحال سائر المسلمين، إن أحدهم ما يلبث أن يبادر إلى التوبة إلى الله والإقلاع، ولعله بهذا من أسعد الناس بقوله تبارك وتعالى : { إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون * وإخوانهم يمدونهم في الغى ثم لا يقصرون } ، وبقوله تبارك وتعالى { : وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والارض أعدت للمتقين } ، ثم ذكر تبارك وتعالى في صفة هؤلاء أنهم { إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله } ، في حين يصر غيرهم على هذه المعاصي .
وهم لو وقعوا في المعصية فإن أحدهم يستعظم المعصية وتعظم عنده، كما قال ابن مسعود : "إن المؤمن يرى ذنبه كالجبل يوشك أن يقع عليه، وإن المنافق يرى ذنبه كذباب طار على أنفه فقال به هكذا".
كم يستهين كثير من المسلمين بالنظر الحرام بل يستنكر حين ينكر عليه هذا الأمر كم يستهينون بالكبائر والفواحش؟ أما هذا الجيل فإنك تراه حين تقع منه معصية أو نظرة محرمة فإنه يستعظمها ويقبل على الله عز وجل مستغفرا تائبا ويشعر أن هذه القضية تكاد وتوشك أن توبقه .
وهم أيضا لو وقعوا في المعصية فإنهم إنما يقعون وقوعا عارضا، فلا يسعون إلى المعصية، ولا يبحثون عنها، لكن قد يواقع أحدهم المعصية وقد غلبته شهوة وقد غلبه هوى، ولعله أسعد الناس بما قاله ابن القيم كما في مدارج السالكين : "والله تعالى إنما يغفر للعبد إذا كان وقوع الذنب منه على وجه غلبة الشهوة وقوة الطبيعة، فيواقع الذنب مع كراهته له من غير إصرار في نفسه، فهذا ترجى له مغفرة الله وصفحه وعفوه، لعلمه تعالى بضعفه وغلبة شهوته له وأنه يرى كل وقت مالا صبر له عليه. فهو إذا واقع الذنب واقعه مواقعة ذليل خاضع لربه، خائف، مختلج في صدره شهوة النفس الذنب وكراهة الإيمان له، فهو يجيب داعي النفس تارة، وداعي الإيمان تارات. فأما من بنى أمره على أن لا يقف عن ذنب ولا يقدم خوفا ولا يدع لله شهوة، وهو فرح مسرور يضحك ظهرا لبطن إذا ظفر بالذنب، فهذا الذي يخاف عليه أن يحال بينه وبين التوبة ولا يوفق لها" .
وهم أيضا لو وقعوا في المعصية لا يجاهرون بها ويستحي أن يراه أحد عليها، ولا شك أن هذا بإذن الله دليل خير فكما قال (ص) " كل أمتي معافى إلا المجاهرين" "
والحديث باطل فالأمة هى أمة المسلمين وليست أمة محمد(ص) كما قال تعالى :
"وأن هذه أمتكم أمة واحدة"
وقال :
"ولعله أن ينطبق عليه قوله (ص)في حديث النجوى:" يدنو أحدكم من ربه حتى يضع كنفه عليه فيقول عملت كذا وكذا؟ فيقول نعم، ويقول عملت كذا وكذا؟ فيقول نعم فيقرره ، ثم يقول: إني سترت عليك في الدنيا، فأنا أغفرها لك اليوم""
والحديث باطل فالله لا يقرر أحد بذنبه ذنبا وإنما يسلم كتابه بما فيه من ذنوب وأعمال صالحة فقال :
"فأما من أوتى كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه إنى ظننت أنى ملاق حسابيه "
وقال :
"وأما من أوتى كتابه بشماله فيقول يا ليتنى لم أوت كتابيه ولم أدر ما حسابيه"
رضا البطاوى متصل الآن   الرد مع إقتباس