عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 20-03-2006, 11:25 AM   #23
محمد العاني
شاعر متقاعد
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2002
الإقامة: إحدى أراضي الإسلام المحتلة
المشاركات: 1,538
إفتراضي

لاحت رؤوس الحرابِ..تلمع فوق الروابي
هيّا لحفظ المبادي..هيّا فتوّة للجهادِ..
هيّا .. هيّا .. هيّا..
هيّا فتوة للجهاد


هذه الأنشودة الحماسية كانت الإشارة التي تبث في الإذاعة إلى فدائيي صدام للتجمع في مواقعهم. بالرغم من إرتباطها بالذكريات الأليمة سواءٌ في حرب عام 1991 أو في هذه الحرب، لكنني كنت و ما زلت أحب هذه الأنشودة..
سأروي لكم الآن معركة المطار كما رواها لنا أحد أفراد حماية صدام حسين..و العهدة على الراوي..
إقتباس:
في منتصف ليلة السبت 5-4-2003 كان هنالك اجتماع لصدام حسين بمن تبقّى من قادة الحرس الجمهوري الخاص في جامع أم الطبول (حالياً ابن تيمية) في منطقة اليرموك في بغداد و الواقع على نهاية طريق المطار و بداية طريق القادسية السريع المؤدي إلى القصور الرئاسية.و صار القرار أن يكون الزحف باتجاه المطار صباح السبت و بمساندة عدد قليل من فدائيي صدام. إلا أن فدائيو صدام رفضوا أن يشارك بعضهم فقط في المعركة و أبَوا إلا أن يشتركوا جميعاً. فكان القرار بذلك.
و توجّه الحرس الخاص و الفدائيون بالباصاتٍ لنقل المشاة لأنه لم يتبقّ لدى الجيش العراقي العدد الكافي من ناقلات الجنود لنقل كل جنوده . و كذلك للتمويه عن الجنود.
و عندما اقتربت القوات العراقية و بدأت المواجهة. كان الجنود العراقيون يُدركون أنهم ذاهبون إلى حتفهم و حاول سوّاق الباص برفع معنوياتهم بتشغيل أغنيةٍ وطنية لهم هي:
لا..لا..لا..
لا والله يا صدام..
نوكع زلم فوق الزلم..
و لا ما نطخ الراس..
هاذي الكاع ما تنداس..
و بدأت الإشتباك بين قوات الحرس الخاص و الأمريكان و بدأ الفدائيون بالإشتباك أيضاً مع قوات العدو بشكل غير مسبوق..فقد كان الفدائي يركض و سط الرصاص في الأرض الحرام باتجاه العدو حاملاً سيفاً و مجموعة صغيرة من القنابل اليدوية..و يعود بعد عدة دقائق إلى جهة القوات العراقية حاملاً رؤوس عدة أمريكان..!!!!
أخذت الحرس الخاص الحميّة و الغيرة فقرروا الدخول بقوةٍ..و استمرت المواجهات لعدة ساعات تراجع فيها الأمريكان بسبب شدة الهجمة العراقية و استمرار القصف المدفعي العراقي على القوات الأمريكية.
كان جزء من القوات العراقية قبل الإنزال الأمريكي قريباً من الحدود الخارجية للمطار كجزء من خطة تطويق بغداد لمنع إختراقها. شاركت هذه القوات أيضاً في إحكام الطوق على الأمريكان.
و بعد تكبّدهم خسائر كبيرة..قام الأمريكان باستدعاء الطائرات المروحية "Chenoke" لتأخذهم إلى خارج المطار..و من لم يستعجل في الهروب من الأمريكان كان نصيبه قطع الرأس على يد فدائيي صدام..!!
و عند منتصف اليوم شاهدت بأم عيني سيّاراتٍ للشرطة العراقية تدور في الشوارع و فيها فدائيو صدام يحملون حرباتٍ معلّقٌ بأعلاها رؤوسٌ الجنود الأمريكان..!!!
كانت سيارات الشرطة تعزف إحدى الإغاني الوطنية التي حُفرت فينا منذ الصغر بصوتٍ عالٍ جداً..
"و تظلي دايماً فوق..منصورة يا بغداد..
و نشوفك بعز دوم..منصورة يا بغداد.."

يا إلهي..
إننا نسحقهم..

ثم جاءت شاحنةٌ كبيرةُ محملة بالأسرى من الامريكان..!!!
دارت هذه الشاحنة بصحبة سيّارات الفدائيين في المناطق الغربية من بغداد و توقّفت عند جامع "المُلا حويش" في حي الجامعة و أخذ الناس يرمون الأسرى بالحجارة..
يا الله..
يا الله..
النصر مُمكن؟؟

و في هذه الأيام..و في مكانٍ آخر من العراق..في الجنوب..
كانت قيادة عمليات الجيش سُلّمت إلى شخصٍ لا علاقة له بالحرب و لا بالجيش..قصي صدام حسين.
كان قصي صدام حسين قبل الحرب مديراً لجهاز الأمن الخاص. الذي يُعني بالأمور الأمنية ذات الأهمية العالية. و لم يكُن قصي كثير الظهور مثل أخيه الأكبر عدي الذي كان يظهر كل يوم على شاشات "تلفزيون الشباب" الذي كان هو مالكه.
كان قصي أبعد ما يكون عن الحرب و قيادة الجيش. و كان الجيش العراقي يحارب هذه الحرب من دون غطاءٍ جوي و بتفوق جوي ملحوظ للأمريكان. و كل ما كان يفعله قصي هو إرسال الجيش ذهاباً و جيئةً بين محافظات الجنوب..و بين محافظات الجنوب و بغداد..مما كان يسبب بخسائر كبيرة جداً في الجيش نتيجة الزيارات غير المنقطعة لقاصفات بي-52 للجيش العراقي أثناء نقله.
كانت هذه التصرفات من جانب قصي صدام حسين تصرفاتٍ غير مدروسة كانت من الأسباب الكثير لخسارة الحرب. فعندما يسمع المقاتلون أن فيالقاً كاملةً في الجنوب العراقي سُحقت عن بكرةِ أبيها لا يستطيعون أن يُقاتلوا بعد. كان الجميع يعلم أن هذه الحرب لم تكُن حرب ككل حرب. إنما كانت هذه الحرب حربَ إرادات. فأما أن تتفوق نفسياً..أو تخسر الحرب.

خرجنا إلى الشوارع..رأيت وجوه الناس مبتسمةً مرّةً أخرى..لم تزل الحرب مستمرة..إلا أنك لا تستطيع أن تخفي فخرك بما فعلته القوات العراقية في ذلك اليوم.

بعد ظهر ذلك اليوم..

كان الأمريكان لا يزالون متواجدين في منطقة أبي غريب و الطريق المؤدي لها. بدأت المدفعية الأمريكية بالقصف و التقدم باتجاه بغداد..و بدأت القوات العراقية ترد عليها بالمدفعية أيضاً..
ثم بدأت القوات العراقية بالتراجع..و القوات الأمريكية بالتقدم..
و بيتنا في وسط هذه المنطقة..!!
كنا نرى القصف الأمريكي باتجاه القوات العراقية و القصف العراقي باتجاه القوات الأمريكية..و نحن في الوسط. كان موقفاً صعباً جداً..
تملّكني خوف شديد..و لم أعلم سبب هذا الخوف..هل هو الخوف على نفسي أم الخوف أمي و أخي الصغير و بقية أهلي.
كان صوت القصف يوتّر أعصابي..
و لكن لم يكُن أمامنا حل سوى الإنتظار..دون أن نعلم ماذا ننتظر..هو ربما الموت..و ربما النصر..و ربما الهزيمة..
__________________
متى الحقائب تهوي من أيادينا
وتستدلّ على نور ليالينا؟

متى الوجوه تلاقي مَن يعانقها
ممن تبقّى سليماً من أهالينا؟

متى المصابيح تضحك في شوارعنا
ونحضر العيد عيداً في أراضينا؟

متى يغادر داء الرعب صبيتنا
ومن التناحر ربّ الكون يشفينا؟

متى الوصول فقد ضلت مراكبنا
وقد صدئنا وما بانت مراسينا؟
محمد العاني غير متصل   الرد مع إقتباس