(104)
وقد لا تحمل "الأسمال " هذا المدلول الصوفي التراثي ،وإنما توحي بما ينتهي إليه الشاعر الذي يتبنى قضايا الفقراء من فقر ومسغبة ، ولكنه على أية حال ملمح حلاجي أصيل استطاع الشاعر أن يستغلة في الإيحاء ببعد من أبعاد رؤيته ،وبخاصة حين يقترن بـ"الأقوال" التي كانت منحة الفقراء إلى الحلاج وإلى الشاعر معًا ، والتي كانت سلاح كل منهما في معركته .
ومن أبرز الملامح الحلاجية التي استعارها البياتي والتي لونت القصيدة كلها ملمح العذاب والتضحة ، لقد ضحى الحلاج في سبيل رسالته بحياته ، وتحمل أقسى ألوان العذاب وأشدها هو لا ولم ينكص ، واقد استعار البياتي الكثير من مشاهد المحاكمة والتعذيب ليوحي من خلالها بموقف قوى التخلف من أصحاب الرسالات الإصلاحية في كل عصر :
واندفع القضاة والشهود والسياف
فأحرقوا لساني
ونهبوا بستاني
وبصقوا في البئر يا محيري
ومسكري
وطردوا الأضياف
وفي المقطع الأخير "رماد في الرياح" -الذي استمده الشاعر من المشه الأخير في مأساة في الحلاج حين أحرق جثمانه وذرى الريح- يصور الشاعر هذه الآلام التي يعانيها باعتباره صاحب رسالة والتي تستمد كل ملامحها من مشهد مأساة الحلاج