عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 05-08-2012, 11:54 PM   #32
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

دوركهيم Emile Durkheim

فيلسوف اجتماعي ومن كبار مؤسسي علم الاجتماع في فرنسا. ولد سنة 1858 شرق فرنسا (مدينة Epinal) من أسرة يهودية، ضمت كثيراً من الأحبار الربانيين، وتوفي في باريس سنة 1917. حصل على ليسانس في الفلسفة، وسافر لألمانيا لتكملة دراساته العليا، وعاد ليُعين في جامعة (بوردو) سنة 1887، وأصبح عَلَماً في الجامعات الفرنسية وكانت موضوعات محاضراته:
الأسرة وطبيعة علاقة القرابة؛ وفيزياء القوانين؛ وأصل الدين وطبيعته؛ وتقسيم العمل الاجتماعي [وهي رسالته للدكتوراه]؛ وقواعد المنهج الاجتماعي؛ والانتحار..

ثم تطورت دراساته لتصبح كتبا فيما بعد: ( البراجماتية وعلم الاجتماع) و (التربية وعلم الاجتماع)..

يؤخذ عليه وعلى أتباعه، عدم قيامهم بأعمال ميدانية، وهذا صحيح، فهم لم يخرجوا عن نطاق أوروبا، أو إن صح التعبير لم يخرجوا عن نطاق فرنسا. ولكن المدافعين عن (دوركهيم) يقولون: أن ميدانه كان التطور الهائل الذي شهدته المجتمعات الأوروبية نتيجة للتغيرات الصناعية الهائلة.

تقسيم العمل

رأى (دوركهيم) أن النظام الاجتماعي، في المجتمعات الأوروبية، وقد قلبته التغييرات الاقتصادية رأساً على عقب، لا يستطيع بعد أن يقوم بدور تنظيمي، مما أدى الى ما نراه من فوضى في هذه المجتمعات، وهذه الفوضى أو عدم وجود قانون يحكم المجتمع (anomie) هي السبب في أنواع النزاع الدائم المتجدد ومختلف أنواع الاضطرابات التي يبدي عنها العالم الاقتصادي اليوم. وفكرة انعدام القانون هذه هي مفتاح الأبحاث الأولى التي قام بها دوركهيم.

وثمة نوعان من تقسيم العمل: الأول يقوم في التخصص في العمل بحسب جماعاتٍ جماعات، ويؤدي الى تقرير وظائف إنتاجية متنوعة، ومهن جزئية: التخصص بحسب النوع (ذكر أو أنثى)، ثم بحسب المهن المتوارثة، وأخيراً تكوين المهن بحسب الاستعدادات الشخصية. والثاني يقوم في تجزئة العمل الى سلسلة من الحركات المتزايدة في التبسيط قدر المستطاع، التي توكل الى عاملين بقدر ما ينبغي بحيث لا يوكل إلى الواحد منهم إلا حركة واحدة تبقى هي هي مملة باستمرار.

والأثر الرئيسي لتقسيم العمل ليس هو في زيادة إنتاج الوظائف المختلفة، بل في جعلها متضامنة متكافلة بعضها مع بعض.

منهج علم الاجتماع

في سياق تحديده للمنهج الذي ينبغي إتباعه، يحدد (دوركهيم) ما هي الواقعة الاجتماعية فيقول: (( تتعرف الواقعة الاجتماعية في قدرتها على ممارسة ضغط خارجي، أو إمكان قيامها بهذا الضغط على الأفراد))

وبعد هذا التعريف يقرر ما يلي:

أ ـ (الواقعة الاجتماعية لا يمكن أن تفسّر إلا بواقعة اجتماعية أخرى) وهذا معناه أنه لا يجوز ردّ الظواهر الاجتماعية الى وقائع اقتصادية والى أسباب أخرى جزئية، بل يجب تفسيرها على مستوى نسيج الحياة الجماعية.

ب ـ (يجب معالجة الوقائع الاجتماعية بوصفها شيئاً) traiter le fait social comme une chose وهي عبارة مشهورة أدت الى ألوان عديدة من سوء الفهم والتأويل.

ما هو الشيء؟ ( إن الشيء يضاد الفكرة كما يضاد ما نعرفه من خارج الشيء الذي نعرفه من الداخل، والشيء هو كل موضوع لا يكون بالطبع قابلاً للنفوذ في العقل، إنه كل ما لا نستطيع أن نكوِّن عنه فكرة صحيحة مطابقة بواسطة عملية تحليل عقلي فقط، إنه كل ما لا يستطيع العقل الوصول إلى فهمه إلا بشرط أن يخرج عن ذاته، عن طريق الملاحظة والتجريب، مارّين تدريجياً من الخصائص الأكثر خارجية والأيسر إدراكاً ـ الى الخصائص الأقل ظهوراً والأشد عمقاً).

ونلخص هنا بيانات قواعد منهج (دوركهيم) في علم الاجتماع:

القاعدة الأولى: استبعاد كل الأفكار السابقة بطريقة تنظيمية، والتخلص من كل البيانات الزائفة التي تسيطر على عقول العامة، وإزاحة نير المقولات التجريبية التي تصير طاغية مستبدة على العقل من طول الألفة والاعتياد. وإذا حملتنا الضرورة أحياناً الى اللجوء إليها، فلنفعل ذلك مع شعور واضح بضآلة قيمتها حتى لا نجعلها تلعب دوراً ليست جديرة به... فنحن غالباً ما نتحمس لمعتقداتنا السياسية والدينية، ولعاداتنا الأخلاقية أكثر مما نفعل بإخضاعها للنظريات العلمية، وهذا سيؤثر على انفعالاتنا في تصور الأشياء وتفسيرها... فمثلاً لو كانت قضية ما لا تتفق مع الفكرة التي كوناها عن الوطنية أو الكرامة الشخصية، فهي ستنكر أي محاججة معها حتى لو كانت علمية!

والقاعدة الثانية: الوقائع الاجتماعية تكون أكثر قابلية للامتثال موضوعياً بقدر ما تكون خالصة تماماً من الوقائع الفردية التي تكشف عنها.

والقاعدة الثالثة: حين يقوم الباحث في علم الاجتماع باستكشاف مجموع معين من الوقائع الاجتماعية فيجب عليه أن ينظر فيها من الجانب الذي تتمثل فيه منعزلة عن تجلياتها الفردية.


ملخص من موسوعة الفلسفة: الجزء الأول/الدكتور عبد الرحمن بدوي/ المؤسسة العربية للدراسات والنشر / الطبعة الأولى 1984/ صفحة 481 وما بعدها
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس