عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 02-10-2007, 12:04 AM   #47
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

العرب و الأحباش


صلات العرب بالحبشة صلات قديمة معروفة ترجع إلى ما قبل الميلاد. فبين السواحل الإفريقية المقابلة لجزيرة العرب وبين السواحل العربية اتصال وثيق قديم، وتبادل بين السكان. إذ هاجر العرب الجنوبيون إلى السواحل الإفريقية وكونوا لهم مستوطنات هناك، وهاجر الأفارقة إلى العربية الجنوبية، وحكموها مراراً، وقد كان آخر حكم لهم عليها قبل الإسلام بأمد قصير.


ويرى بعض الباحثين إن أصل الأحباش من غرب اليمن من سفوح الجبال، وفي اليمن جبل يسمى جبل "حُبيش"، قد يكون لاسمه صلة بالحبش الذين هاجروا إلى افريقية وأطلقوا اسمهم على الأرض التي عرفت باسمهم، أي "حبشت" أو الحبشة.

ويرون أيضاً إن (الجعز) أو (جعيزان) كما يدعون كذلك، هم Cesani للذين وضع (بليني) منازلهم على مقربة من )عدن(. فهم من أصل عربي جنوبي. هاجر إلى الحبشة وكونوا مملكة هناك. والى هؤلاء نسبت لغة الحبش، حيث عرفت بالجعزية، أي لغة الجعز.

ويظن إن العرب الجنوبيين هم الذين موّنوا السواحل الإفريقية المقابلة بالعناصر السامية. وكانوا قد هاجروا مراراً إليها، ومن بين تلك الهجرات القديمة، هجرة قام بها السبئيون في القرن الخامس قبل الميلاد. وقد هاجر معهم (الأحباش) في ذلك الوقت أيضاً. وقد توقف سيل الهجرات هذه حين ندخل "البطالمة" في البحر الأحمر (بعد وفاة الاسكندر وحكمهم لمصر) وصار لهم نفوذ سياسي وعسكري على جانبي هذا البحر. غير أنها لم تنقطع انقطاعاً تاماً، إذ يرى بعض الباحثين أن العرب كانوا قد دخلوا الحبشة والسواحل الإفريقية المقابلة فيما بعد الميلاد أيضاً، فنزحوا إليها فيما بين 232و 250 بعد الميلاد مثلاً، حيث ركبوا البحر ونزلوا هناك.

وقد تبين أن السبئيين كانوا قد استوطنوا في القرن السادس قبل الميلاد المناطق التي عرفت باسم "تعزية"Ta'izziya من أرض(إريتريا) أو تسمى أحيانا ب (نجد الحبشة)، وكوّنوا لهم حكومة هناك. وأمدوا الأرض التي استولوا عليها بالثقافة العربية الجنوبية. ولم يقطع هؤلاء السبئيون صلاتهم بوطنهم. القديم، بل ظلت أنظارهم متجهة نحوه فيحتلوه أحيانا بصفتهم ومواطنتهم الجديدة (الحبشية) ..


وفي القرن السادس قبل الميلاد، كان الاوسانيون (وهم من عرب جنوب الجزيرة العربية) قد نزحوا إلى السواحل الإفريقية الشرقية، فاستوطنوا الأرض المقابلة ل Pemba (زنزبار) Zanzibar وهي "عزانيا ) Azaniaزنجبار الحالية) ، وتوسعوا منها نحو الجنوب. وقد عرف هذا الساحل في كتاب "الطواف حول البحر الاريتري ، باسم Ausaniteae وهو اسم يذكرنا ب "أوسان". وقد ذكر مؤلف الكتاب، أنه كان خاضعاً في أيامه "القرن الأول بعد الميلاد"ء، لحكام دولة "سبأ وذو ريدان .

وعرف ملك الحبش ب (النجاشي)عند العرب. واللفظة لقب تطلقه العربية على كل من ملك الحبشة، فهي بمنزلة (قيصر) اللفظة التي يطلقها العرب على ملوك الروم، و (كسرى) التي يطلقونها على من حكم الفرس، و (تبع)التي يطلقونها على من يحكم اليمن


وقد كان ملوك أكسوم وثنيين. بقوا على وثنيتهم إلى القرن الرابع أو ما بعد ذلك للميلاد. ويظن أن الملك "عزانا Ezana وهو ابن الملك (الاعميدا ) Ela-Amida، هو أول ملك تنصر من ملوك هذه المملكة وذلك لعثور الباحثين على آثار تعود إلى عصر، ترينا القديمة منها انه كان وثنياً، وترينا الحديثة منها انه كان نصرانياً، مما يدل على أنه كان وثنياً في أوائل أيام حكمه، ثم اعتنق النصرانية، فأدخل شعارها في مملكته، وذلك بتأثير المبشرين عليه.

وفي جملة ما يستدل به على تأثر العرب الجنوبيين في الحبشة، هو الأبجدية الحبشية المشتقة من الخط العربي الجنوبي. وقرب لغة الكتابة والتدوين عندهم من اللهجات العربية الجنوبية. وبعض الخصائص اللغوية والنحوية التي تشير إلى أنها قد أخذت من تلك اللهجات. ثم عثور العلماء على أسماء آلهة عربية جنوبية ومعروفة في كتابات عثر عليها في الحبشة والصومال. ووجودها في هذه الأرض هو دليل على تأثر الأفارقة بالثقافة العربية الجنوبية، أو على وجود جاليات عربية جنوبية في تلك الجهات.
وكما تدخل العرب في شؤون السواحل الإفريقية المقابلة لهم، فقد تدخل. الإفريقيون في شؤون السواحل العربية المقابلة لهم. لقد تدخلوا في أمورها مراراً. وحكموا مواضع من ساحل العربية الغربية ومن السواحل الجنوبية وتوغلوا منها إلى مسافات بعيدة في الداخل حتى بلغوا حدود نجران.

غير أننا نجد أن مؤلف كتاب "الطواف حول البحر الاريتري" يشير من جهة أخرى إلى أن الساحل الإفريقي المسمى ب "تنجانيقا" في الوقت الحاضر كان في أيدي الحميريين في ذلك الوقت. ومعنى ذلك إن ملك حمير استطاع في أيام ذلك المؤلف من الاستيلاء على ذلك الساحل ومن ضمه إلى ملكه. كما فعل أهل حضرموت وعمان فيما بعد.

وقد يكون من المفيد ذكر بعض أسماء الملوك والأحداث التي تتعلق بالحبشة وعلاقتهم مع العرب قبل الإسلام بشكل مختصر :

أصحاب الأخدود :

لا يمكن الوثوق بالروايات اليهودية أو العربية القديمة، التي اعتمدت المشافهة و السماع والأسلوب القصصي، وهذا سهل اكتشافه في كتب الطبري والمسعودي وغيرهم ومصادرهم جاءت سماعية بالتناقل من الأعراب، كما أنها اعتمدت الروايات اليهودية .. فنرى أن عدد النصارى الذين أحرقوا في الأخدود كان يتذبذب بين 60 شخصا و 70 ألفا ! .. وأن أكثر الروايات العربية، تحدد العدد بعشرين ألف ..

ولكن من الممكن أن نتناول بعض ما تناقلته القصص المسيحية مع الانتباه الى أنها لا تخلو من تهويل وتضخيم .. وأفضل رواية ممكن أن نوردها هنا هي التي جاءت على لسان سفير (يمني) يهودي للحكومة اليمنية قبل احتلال الأحباش لليمن، كان قد بعثه الملك اليمني (ذو نواس) للرصافة حيث كانت تدين بالنصرانية و (الرصافة هي الجانب الشرقي من نهر دجلة في بغداد الحالية) .. وقد شهد هذا السفير الواقعة بأم عينيه ، وقد رق حاله واعتنق المسيحية بعد سقوط اليمن بيد الأحباش .. وقد ورد في كتاب (شهداء الحميريين) للكاتب (شمعون الأرشامي) .. وذكر أن أعداد المحروقين كان 38 شخصا فقط. وكان ذلك في سنة 528م ..

دوس ذو ثعلبان :

اسم يرد في روايات المؤرخين العرب، بأنه هو من هرب من تلك المحرقة من أصل 20 ألفا، فمنهم من يقول أنه ذهب بكتاب (الإنجيل) المحروق في المحرقة الى ملك الروم، يستصرخه لنجدته، ولكنه اعتذر لبعد المسافة، فذهب الى نجاشي الحبشة، فأرسل معه 70 ألف من المقاتلين وبسفن (رومانية) لنقلهم على رأسهم (أرياط) و (أبرهة الأشرم) ..

السميفع أشوع

هو أحد أعوان ذي نواس الذين استعدوا للتعاون مع الأحباش، فنصبوه ملكا على اليمن لقاء خدمته، ولكن (أبرهة الأشرم) ثار عليه عام 535م وانتزع الحكم منه ..وبقي حاكما على اليمن حتى 575م .. وينسب المؤرخون العرب أن (معد يكرب) هو ابن ل (السميفع أشوع) ..

سيف بن ذي يزن :

يقال أن سيف بن ذي يزن هو أول من ثار على الأحباش، ويقال أنه هو ابن (ذي نواس) والذي اغتصب (أبرهة الأشرم ) أمه واتخذها زوجة ولد لها النسابون من أبرهة (شمر يرعش!) .. وكان سيف بن ذي يزن قد ذهب للفرس يستنصرهم على الأحباش، وفي ذلك قصص كثيرة منها قصة المال الذي أعطاه إياه (كسرى) وقام بتوزيعه في باب القصر، فاستدعاه (كسرى) بعدما أعجب بأنفته وكبرياءه، وساعده في طرد الأحباش من اليمن والقيام باحتلالها بدلا منهم!

أبرهة الأشرم وغزوه لمكة


تكثر القصص الإخبارية عن أسباب غزو أبرهة لمكة، فمنهم من يقول أن أحد أبناء عرب (الكنانة) أو (الفقيم) قد دنس كنيسة (قليس) في صنعاء وكانت من أبهى كنائس العالم في وقتها، فأقسم (أبرهة) أن يهدم كعبتهم .. ورواية أخرى تقول أن فتيان من العرب قد سرقوا تلك الكنيسة وأحرقوها .. فكانت محاولة انتقام أبرهة .. وهناك رأي يقول أن الروم هم من أوعزوا لأبرهة باحتلال مكة وهدم الكعبة لتكون لهم السيطرة على سواحل البحر الأحمر، ويمنعوا الفرس منها ..

واختلف الرواة العرب بالتاريخ فمنهم من يقول أنها عند مولد الرسول محمد صلوات الله عليه، أي قبل البعثة بأربعين سنة، ومنهم من يقول أنها كانت قبل مولد الرسول بثلاث وعشرين عاما .. حيث ربطوها ببداية تولي (كسرى أنو شروان) الحكم في بلاد فارس.

واختلف الرواة بعدد الأفيال فمنهم من جعلها 13 ومنهم من أوصلها لألف فيل ..

كما اختلف العرب في حقيقة أبي رغال وقبره، فمنهم من جعله من دل الأحباش على طريق الكعبة، ومنهم من قال أن عهده كان في عهد النبي صالح والله أعلم ..
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس