عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 15-07-2011, 09:45 AM   #130
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

10- القوْلُ المتَضَمِّنُ مَعْنَى الظنِّ

قد يتضمنُ القول معنى الظن، فينصبُ المبتدأ والخبر مفعولينِ، كما تنصبهُما (ظنَّ). وذلك بشرطِ أن يكون الفعل مضارعاً للمخاطَب مسبوقاً باستفهامٍ، وأن لا يُفصَلَ بينَ الفعلِ والاستفهام بغير ظرفٍ، أو جار ومجرورٍ، أو معمولِ الفعل، كقول الشاعر:


مَتَى تَقُولُ الْقُلُصَ الرَّواسِما

يَحْمِلْنَ أُمَّ قاسمٍ وَالْقاسِما
[ القُلص: جمع قلوص، وهي الناقة الشابة، والرواسم: جمع راسمة؛ وهي الناقة التي تترك أثراً في الأرض بسيرها، والرسيم: ضرب من السير]

ومثالُ الفصل بينهما بظرفٍ زمانيّ أو مكانيّ: (أيومَ الخميس تقولُ عليّاً مسافراً

أوَ عندَ سعيدٍ تَقولُهُ نازلاً)، قال الشاعر:

أَبَعْدَ بُعْدٍ تَقولُ الدَّارَ جامعةً

شَمْلي بهمْ؟ أَمْ تَقول البُعْدَ مَحْتوما؟!

ومثالُ ما فُصِلَ فيه بينهما بالجارّ والمجرور: (أبا الكلامِ تقول الأمّةَ بالغةً مجدَ آبائها الأوَّلينَ؟). ومثالُ الفصلِ بمعمول الفعل قولُ الشاعر:

أجُهَّالاً تَقُولُ بني لُؤَيِّ؟
لَعَمْرُ أَبِيكَ، أَمْ مُتَجاهِلينا؟

فإن فُقد شرطٌ من هذه الشروطِ الأربعة، تَعيّنَ الرفعُ عند عامة العربِ، إلا بني سلَيمٍ، فهم ينصبون بالقول مفعولينِ بلا شرطٍ.


ولا يجب في القول المُتَضمّنِ معنى الظن، المُستوفي الشروط، أن ينصب المفعولين، بل يجوز رفعُهما على أنهما مبتدأ وخبر، كما كانا.


وإن لم يتضَمنِ القولُ معنى الظن فهو مُتعد إلى واحد. ومفعولهُ إمّا مفرد (أي غير جملةٍ)، وإمّا جملةٌ محكيّة. فالمفرد على نوعينِ: مفردٍ في معنى الجملةِ، نحو: (قلت شعراً، أو خطبةً، أَو قصيدة أَو حديثاً)، ومفردٍ يُرادُ به مُجردُ اللفظِ، مثلُ: (رأيتُ رجلاً يقولون له خليلاً) (أي يُسمُّونه بهذا الاسم): وأمَّا الجملة المحكِيَّة بالقول، فتكونُ في موضع نصب على أنها مفعوله، نحو: (قلتُ: لا إلهَ إلا اللهُ).

وهمزةُ (إنَّ) تكسرُ بعد القول العَري عن الظن، وتُفتح بعد القول المَتضمّن معناهُ. كما سبق في مبحث (أن).

11- الإِلغاءُ والتَّعْليقُ في أَفعال الْقُلُوب

الإلغاءُ: إِبطال عملِ الفعلِ القلبيِّ الناصبِ للمبتدأ والخبر لا لمانعٍ، فيعودان مرفوعينِ على الابتداءِ والخبرّةِ، مثل: (خالدٌ كريم ظننت).
والإلغاء جائز في أَفعالِ القلوب إِذا لم تَسبقْ مفعولَيها. فإن تَوسطت بينهما فإعمالُها وإلغاؤها سِيّانِ. تقول: (خليلاً ظننت مجتهداً) و (خليلٌ ظننتُ مجتهد). وإن تأخرت عنهما جاز أن تَعمَل وإلغاؤها أَحسن، تقول: (المطر نازل حَسِبتُ)، و (الشمس طالعةً خلت). فإن تقدَّمت مفعولَيها، فالفصيح الكثيرُ إعمالها، وعليهِ أكثرُ النُّحاةِ، تقول: (رأيتُ الحقَّ أَبلجَ). ويجوزُ إهمالُها على قِلةٍ وضعفٍ، وعليه بعضُ النُّحاةِ، ومنه قولُ الشاعر:


أَرْجُو وآمُلُ أنْ تَدْنو مَوَدَّتُها

وما إخالُ لدَيْنا منْك تنويلُ

وقول الآخر:

كَذَاكَ أُدِّبْتُ، حتَّى صارَ مِنْ خُلقِي
أَنِّي وَجَدْتُ مِلاكُ الشِّيمةِ الأَدَبُ

والتعليقُ: إِبطالُ عملِ الفعل القلبيِّ لفظاً لا محلاً، لمانع، فتكونُ الجملةُ بعده في موضع نصبٍ على أَنها سادَّةٌ مَسدَّ مفعوليهِ، مثل: (علمتُ لخَالد شجاعٌ).
فيجبُ تعليقُ الفعلِ، إذا كان هناك مانعٌ من إعماله. وذلك: إذا وقع بَعدَهُ أحدُ أربعةِ أَشياءَ:

1- ما وإنْ ولا النافياتُ نحو: (علمتُ: ما زُهيرٌ كسولاً. وظَننتُ: إنْ فاطمة مُهملة. ودخلتُ: لا رجلَ سُوءٍ موجودٌ. وحَسِبتُ. لا أُسامةُ بطيءٌ، ولا سُعادُ)، قال تعالى: {لَقد علمتَ، ما هؤلاءِ يَنطقونَ}.

2- لامُ الابتداءِ، مثلُ علمتُ: (لأخوكَ مجتهدٌ. وعلمتُ: إنَّ أخاكَ لمجتهدٌ). قال تعالى: {ولقد علموا: لِمَنِ اشتراهُ مالَهُ في الآخرةِ من خلاقٍ}.

3- لامُ القسمِ، كقول الشاعر:


وَلَقَدْ عَلِمْتُ: لَتأْتِيَنَّ مَنِيَّتي

إنَّ الْمَنَايَا لا تَطِيشُ سِهَامُها
4ـ الاستفهام، سواء أكان بالحرف، كقوله تعالى: {وإن أدري أقريبٌ أم بعيدٌ ما توعدون} أم بالاسم، كقوله عز وجلّ { لنعلم أي الحزبين أحصى لِما لبثوا أمداً}، وقوله { لتعلمن أيناّ أشدُ عذابا}. وسواء أكان الاستفهام مبتدأ، كما في هذه الآيات، أم خبراً، مثل: (علمتُ: متى السفر؟*1)، أم مضافاً الى المبتدأ، مثل: (علمتُ فرسُ أيهم تسبق؟) أم الى الخبر، مثل: (علمتُ: ابنُ من هذا؟*2).
وقد يُعلقُ الفعلُ المتعدي، من غير هذه الأفعالِ، عن العمل، كقوله تعالى: {فَليَنظُر: أيُّها أزكى طعاماً؟*3}، وقوله: {ويَستنبئُونَكَ: أحقّ هُوَ؟*4}.
وقد اختُصَّ ما يتصرّفُ من أفعال القُلوب بالإلغاءِ والتَّعليقِ. فلا يكونانِ في (هَبْ وتَعلَمْ)، لأنهما جامدانِ.

[*1ـ متى: اسم استفهام. وهي ظرف زمان في موضع رفع على أنه خبر مقدم والسفر مبتدأ مؤخر.
*2ـ ابن خبر مقدم. ومن: مضاف إليه. وذا مبتدأ مؤخر.
*3ـ اسم الاستفهام ـ وهو أي ـ مبتدأ. وأزكى: خبره، والجملة في محل نصب لأنها مفعول ينظر، وقد علق عن العمل لفظاً بالاستفهام.
*4ـ حق: خبر مقدم، وهو: مبتدأ مؤخر، والجملة مفعول ثان ليستنبئ. وهي في موضع نصب، ومفعوله الأول ضمير المخاطب. ]

وقد علمت أن الإلغاء جائز عند وجودِ سبيلهِ، وأن المُلغى لا عملَ له البتَةَ، وإنَّ المعلَّقَ، إن لم يعملْ لفظاً فهو يعمل النصبَ في مَحلِّ الجملةِ، فيجوزُ العطفُ بالنصب على محلها، فنقولُ: "علمتْ لخالد شجاعُ وسعيداً كريماً"، بالعطف على مَحلّ "خالد وسعيد"، لأنهما مفعولان للفعل المعلّق عن نصبهما بلام الابتداء. ويجوز رفعُهما بالعطف على اللفظ، قال الشاعر:

وما كُنْتُ أَدْرِي قَبْلَ عَزَّةَ. ما الْبُكا

ولا مُوجِعاتُ الْقَلْبِ؟ حَتَّى تَوَلَّتِ

يُروَى بنصب موجعات، عطفاً على محل (ما البكا). ويجوزُ الرفعُ عطفاً على البكا.


والجملةُ بعدَ الفعلِ المُعلَّقِ عن العمل في موضع نصبٍ على المفعولية. وهي سادّةٌ مَسدَّ المفعولينِ، إن كان يتعدّى إلى اثنينِ ولم ينصب الأوّلَ. فإن نصبَهُ سدَّت مسدّ الثاني، مثلُ: (علمتكَ أيَّ رجلٍ أنتَ؟).


وإن كان يتعدّى إلى واحدٍ سدّت مسدّهُ، مثل: (لا تأتِ أمراً لم تعرفْ ما هُوَ؟).
وإن كان يتعدَّى بحرف الجرّ، سقطَ حرفُ الجرّ وكانت الجملة منصوبة محلاًّ بإسقاط الجارِّ (وهو ما يسمُّونهُ النصبَ على نَزع الخافض)، مثل: (فكَّرت أصحيحٌ هذا أم لا؟)، لأن فكَّرَ يتعدَّى بفي، تقول: (فكَّرْتُ في الأمر).
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس