عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 02-12-2007, 05:53 AM   #28
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

مشاريع ذات معطى أولي

هناك بعض المشاريع التي لها علاقة بمواسم معينة، كالتي تتعلق بمواسم فتح المدارس، أو التي تصادف موسم الشتاء أو مواسم البذار، أو مواسم نزول تقليعة جديدة تتعلق باللبس أو المأكل، أو مواسم لها علاقة بالأزمات الدولية كالحروب و الكوارث وغيرها .. وهذه المشاريع ذات نشاط استثنائي راهن ما أن يزول السبب الذي أوجدها حتى تزول أهميتها معه. فلذلك يحاول من يعمل بتلك المشاريع أن يستغل الظرف الراهن بأقصى سرعة، ويعتمد زيادة الأسعار لما يقدم من سلعة أو خدمة زاعما ندرة ما يقدمه أو المخاطر التي يتحملها ..

وهناك مشاريع ذات معطى أولي، تتصف بالثبات في جميع أحوالها، حتى وإن بدت في بعض الأحيان أن أرباحها متواضعة، أو قليلة الإغراء، ولكنها في تراكمها النهائي هي ما تعطي للاقتصاد الوطني سمة الثبات والاطمئنان ..

ومن بين تلك المشاريع، ما يتعلق بالسكن والتغذية والتعليم والصحة وتوفير فرص العمل للآخرين .. ومن يعمل بتلك المشاريع، تنمو عنده مشاعر الأهمية الاجتماعية والوطنية، ويكتسب مكانة مرموقة على أكثر من صعيد ..

لكن تلك المشاريع، تحتاج الى مزيد من الصبر والتمويل في غالبها، ويكتسب أصحابها بعض الصفات قد تكون غير مرغوبة عند الشباب، وهي صفات تتعلق بالتمتع بما تنتج تلك المشاريع وندرة أوقات الفراغ التي تجعل من حياة من يعمل بها ذات طبيعة مريحة ..

ومن يرقب ما يتجه إليه الشباب في الوقت الراهن، سيجد أن معظم اهتماماتهم تسوقهم الى ما يظنون أنه سيوفر لهم ربحا سريعا، ويجعل من حياتهم وكأنها نزهة، تسمح لهم بالاختلاط مع غيرهم من الناس، ومن يتمعن بما أقول سيجد أن تلك المشاريع تتصف بالتالي:

1ـ عدم أهميتها على الصعيد الوطني، فهي بمعظمها ذات صفة تجارية، يتم بها عرض ما صنع في بلاد أجنبية والاستفادة من هامش سعر البيع ..

2ـ غالبا ما تفشل تلك المشاريع، خصوصا تلك التي تأتي بالدرجة الثالثة من المستورد الى وكيل فرعي الى موزع الى يد هؤلاء الشباب، وفشلها يأتي من:

أ ـ سرعة تبديل أسعارها .. وحدوث الخسارة، نتيجة المنافسات المتسارعة.
ب ـ كثرة الماركات وعدم القدرة على تلبية طلبات الزبائن ..
ج ـ ارتباط تلك المشاريع بعمر الشباب وما يحمل من سلوك قد يجعل من متابعة تلك المشاريع بحالة غير جدية، فتكثر الديون المترتبة على الزبائن، وتكثر معها احتمالية عدم قدرة الشباب على تسديد ديونهم للموردين .. أو عدم قدرتهم ـ في أحسن الأحوال ـ على مواكبة عملهم في تأمين طلبات زبائنهم.

3ـ إن نمطية تلك المشاريع، ستجعل من الفضاء الذهني الاقتصادي أمام الكثيرين من الشباب أن يحذوا حذوه، والابتعاد عن المشاريع الإنتاجية الحقيقية ذات المعطى الأولي ..

4ـ تذبذب حالات الربح والخسارة في تلك المشاريع سيولد عند أصحابها نمطا استهلاكيا لا يتناسب مع دخولهم، وهي كارثة إضافية على صعيدهم الشخصي وعلى الصعيد الوطني العام ..

في حين لو توقفنا قليلا عند المشاريع الإنتاجية الحقيقية، واستذكرنا سلفنا ـ غير البعيد ـ لرأينا أن العمال والفلاحين والصناع والحرفيين هم أكثر الناس اعتدالا في مصاريفهم اليومية، لأنهم يعزون عملهم وما ينتجون ويعلمون أرباحهم لثبات شكلها، فتراهم يقتصدون ويخططون لمستقبل أسرهم بشكل منطقي أكثر من (تجار الصدفة) الذين يغتنون فجأة ويفقرون من يقلدهم !

مشاريع أبنية المزارع

أن تستورد حديدا أو إسمنتا أو حتى (قاعات جاهزة) .. لا فضل لك بذلك على اقتصاد البلاد .. فإن هذا العمل سيقوم به آخرون في وقت لاحق. لكن أن تبتكر طريقة من الاستفادة من المواد الموجودة أصلا في البلاد وتجعل من تلك المواد أبنية تربى فيها الحيوانات الزراعية، فإنك تخلق شيئا من العدم .. سيسألني البعض مثل ماذا وكيف؟

إن أساسيات الأبنية الزراعية، أن تكون متينة وتؤدي غرضها، وقليلة الكلفة في نفس الوقت.. فاستخدام خليط من التبن أو القش مع مسحوق عبوات البلاستيك المستعملة في تعبئة الخضار والفواكه بعد أن تكون تالفة ولا يمكن الاستفادة منها و خلطه مع بعض المواد الماسكة كالطين أو القليل من الإسمنت وتغليفها بطبقة من (سلك شبك الدجاج) لتسهيل عملية (قصارتها) أي تغطيتها بطبقة من الرمل والإسمنت فيما بعد سيؤمن جدرانا و سقوفا خفيفة الوزن عازلة للحرارة والبرودة، قليلة الكلفة سهلة التنفيذ ..

ويمكن البدء بعمل قطعا من تلك المواد أبعادها (50x50سم) وربطها مع بعض وفق نظام التداخل بحافات خاصة، ومن ثم تغطيتها بطبقة من مخلوط الرمل مع الإسمنت بعد تثبيتها بمكانها المخصص..

هذا العمل ممكن تجربته من قبل شباب طموحين، برأسمال قليل، ثم تعميمه على أصحاب المزارع، فتتكون بذلك قطاعات واسعة ممن يسدون جانبا مهما في هذا القطاع، فيخدمون ذلك القطاع ويؤمنون لأنفسهم دخلا كريما ..

مشاريع تغذية الحيوانات


لفت انتباهي ما قام به مجموعة من شباب مدينة (براغ) بجمع النفايات ذات الطبيعة الغذائية، كبقايا الأطعمة من البيوت والفنادق والمطاعم وغيرها، فكانوا يشجعون الناس على عدم خلط بقايا أطعمتهم مع نفاياتهم المنزلية، وأخذها ومعالجتها بمعامل (تحبيب Billets)، وإطعام هذا المستحضر بعد أن يجفف قبل تحبيبه الى الأبقار .. فسدوا ما يقارب ثلثي حاجات مزارع الأبقار في مدينة براغ.

فهناك مصادر كثيرة للتالف والمبعد من الأغذية البشرية، يأتي من (غبار صوامع الحبوب) وما يتفتت من (البسكوت) في المصانع .. وما يستخرج من معامل النشا والكحول وما يخرج من (تفل) في مصانع (رب البندورة) أو العصائر الخ .. وكل تلك المواد تصلح بعد معالجتها ببعض مانعات التأكسد والتسمم لأن تكون مواد علفية نافعة ..
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس