عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 22-10-2010, 08:44 PM   #202
جهراوي
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: May 2006
المشاركات: 1,669
إفتراضي

ضمن الجهود الجبارة التي بذلتها الإدارة الأميركية في إخفاء وتزوير المعلومات التي اعتبرتها سلاحا في المعركة بغرض إعماء الرأي العام الأميركي، تم التعامل مع مستويين من المعلومات، الأول يمكن الوصول إليه ويتعلق بالأرقام الرسمية المعلنة والمتيسرة على المواقع الرسمية، والمستوى الثاني المحجوب ولا يمكن الوصول إليه إلا عبر قانون خاص بحرية الوصول إلى المعلومات FOIA لأنه يتضمن الخسائر الحقيقية البشرية والمادية وإعلانها ينطوي على مخاطر سياسية واقتصادية شديدة.

أما الأسلوب الثاني الذي تمارسه الإدارة الأميركية للتحكم في الرأي العام فيتمثل في السيطرة والتوجيه لأسطول الإعلام العالمي الذي تتحكم فيه، فضلا عن ممارسة الضغوط ترهيبا وترغيبا على بقية وسائل الإعلام الداخلية والخارجية.

غير أن امتداد فترة الصراع وتراكم نعوش الجنود وأعداد الجرحى والمنتحرين، وتجاوز كلفة الحرب الحدود القصوى دفع بالكثير من الباحثين واللجان المستقلة الأميركية إلى السعي لكشف الحقائق العميقة للخسائر الأميركية بعيدا عن سياسة التعتيم والتضليل التي ينتهجها البنتاغون.

تحاول الإدارة الأميركية الإصرار على ترويج الأرقام الرسمية التي يعلنها الجيش الأميركي والتي لا تتجاوز أربعة آلاف وبضع مئات من القتلى، رغم معرفة الجميع أن هذه الأرقام لا تشمل أفراد الشركات الأمنية "المرتزقة" الذين يستعين بهم الجيش الأميركي تحت بند خصخصة الحرب، ويقومون بإعمال تتراوح بين صيانة أنظمة الأسلحة والعمليات القتالية إلى حماية الدبلوماسيين الأميركيين ويتجاوز عددهم 160 ألف مرتزق.

كذلك لا تشمل الأرقام الرسمية القتلى من الجنود المتعاقدين مع الجيش بغرض الحصول على الجنسية الأميركية، فضلا عن عشرات الشركات الآسيوية والهندية التي تقوم بخدمات خاصة من الطهي إلى التنظيف وجيش من المقاولين.

"
تم التوصل إلى نسبة 1/7 أي قتيل واحد مقابل كل سبعة جرحى، وطبقا لعدد الجرحى المسجلين لأغراض الرعاية والتعويض في وزارة المحاربين القدامى البالغ 224 ألفا يكون عدد القتلى 32 ألفا
"
معيار الجرحى وعدد الهجمات
لتحقيق أكبر قدر من الدقة لتحديد حجم الخسائر، تم اعتماد أكثر من معيار ومقاطعتها (cross check ) فمن المعروف أن لدى الجيوش التقليدية معادلات تشتق منها نسبة القتلى مقارنة بعدد الجرحى، تعتمد على شدة وطبيعة المعركة وطول فترتها ومدى تطور وسائل الإخلاء الميدانية.


ولأن ما يجري في العراق هو نوع من الحروب غير المتماثلة (un symmetrical wars) أو ما يسمى حروب التحرير أو حروب العصابات، ولتحديد هذه النسبة تم الاعتماد على التقارير الرسمية الأميركية المعلنة للجيش الأميركي والتي توضح أعداد القتلى والجرحى منذ 2003 حتى نهاية عام 2008.

وبأخذ المعدل average تم التوصل إلى نسبة 1/7 أي قتيل واحد مقابل كل سبعة جرحى، وطبقا لعدد الجرحى المسجلين لأغراض الرعاية والتعويض في وزارة المحاربين القدامى البالغ عددهم 224 ألف جريح، فبقسمة هذا الرقم على نسبة الجرحى إلى القتلى يمكن التعرف على عدد القتلى الحقيقي وهو 224000÷ 7 = 32000 (32 ألف جندي قتيل).

يمكن تعضيد الحجم الحقيقي لعدد القتلى الذي تم التوصل إليه من خلال جملة من الحقائق والإحصائيات الأميركية ذات الصلة الصادرة والمنشورة من قبل لجان ومراجع أميركية مستقلة ومعتمدة.

ولعل في مقدمة هذه المصادر تقرير لجنة بيكر هاملتون وهو أول تقرير أميركي رصين تضعه لجنة مستقلة من الكونغرس استعانت بـ183 خبيرا عسكريا ومدنيا، وتعترف لأول مرة بأن معدل الهجمات في أكتوبر/ تشرين الأول 2006 قد بلغ 180 هجوما يوميا وبواقع 102 قتيل في نفس الشهر.

يأتي تقرير أميركي آخر لا يقل خطورة ليشير إلى الحجم الحقيقي للخسائر، وهو تقرير مكتب المحاسبة الأميركي (G. A.O) الصادر بتأريخ 23 يوليو/ تموز 2008 لتقييم الحرب على العراق، ليكشف رسميا ولأول مرة عن إجمالي عدد الهجمات التي نفذتها المقاومة العراقية بـ164 ألف عملية قتالية مسجلة تحت وصف (مهمة وعنيفة) مع إشارة في نفس التقرير إلى أن هذه الأرقام لم تشمل الهجمات شرق وجنوب البلاد.

وعند إضافة 300 جندي أميركي قتيل خلال فترة الاجتياح لغاية أبريل/ نيسان 2003 وكذلك قتلى مرتزقة الشركات الأمنية البالغ عددهم 1315، سيكون الرقم الإجمالي لقتلى الجيش الأميركي في العراق: 32000 + 1615 = 33615 قتيل حتى 2008، في حين لا تتوفر مصادر دقيقة لإحصاء عدد القتلى الذين قضوا "في حوادث غير قتالية" والمنتحرين أو عدد الجرحى الذين ماتوا في المستشفيات الألمانية أو في الطريق إليها والذين عادة لا يحسبون ضمن أعداد القتلى الرسمية.

"
لم أتطرق إلى الخسائر غير المنظورة المتعلقة بانهيار معنويات الجيش الأميركي وارتفاع معدل الكراهية للولايات المتحدة في العالم وتهاوي مصداقيتها وتدهور هيبتها ومكانتها على المستوى الدولي إضافة إلى ارتفاع معدلات البطالة والعجز والمديونية
"
إجمالي الخسائر المادية المنظورة
لا تقل الخسائر المادية خطورة في حسابات الكلفة، إن لم تكن أكثر أهمية وخصوصا في حالة الولايات المتحدة الأميركية، وطبيعة تمويل الحروب فيها، فبعد أن كانت كلفة الحرب شهريا 4.4 مليارات دولار سنة 2003، ارتفعت عام 2008 لتصل 12 مليارا شهريا.

جهراوي غير متصل   الرد مع إقتباس