عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 26-08-2008, 07:53 PM   #1
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي مقاطعة المستهلكين وارتفاع الأسعار

مقاطعة المستهلكين وارتفاع الأسعار

في الماضي، كانت الأسر العربية كغيرها من أسر شعوب العالم، تقوم بتخزين المئونة، وهي احتياجاتها من المواد الغذائية الأساسية التي تتوفر في الصيف وتكون شحيحة في الشتاء. وسلوك تخزين المؤن هو سلوك تقوم به الكثير من الكائنات الحية في مختلف الرتب الحيوانية والنباتية، حيث تخزن الأشجار (الكربوهيدرات) في خشبها لتمد البراعم الثمرية والخضرية في موسم الربيع القادم. ويقوم النمل والنحل والسناجب وغيرها بالتخزين.

كان سلوك التخزين يوحي بتغليب الفردية على الجماعية، فلم يكن أرباب الأسر يعتمدون على خزين الدولة أو التجار، فكانوا يتحملون تلك المسئولية بأنفسهم فيخزنوا حبوب عام كامل وأحيانا عامين تحسبا لسنين القحط. ويضاف لذلك أن فكرة التخزين والمستودعات وإمدادها بالكهرباء وغيره لم تكن متوفرة.

في هذه الأيام، نادرا ما يكون عند الأسرة غذاءً يكفيها لأسبوع، وأحيانا لا يكفيها إلا لجزء من اليوم. وبالتالي فإن التأثر بالأسعار سيكون مباشرا ومؤثرا وقت حدوثه.

المقاطعة والغلاء

يحس المواطنون أن هناك مبالغة في رفع الأسعار تتعدى أسعار المنشأ وأثر ارتفاع أسعار النفط وغيرها من المبررات التي يسوقها التجار أو رجال الحكومة، فتنتشر بينهم دعوات لمقاطعة تلك البضائع علها تنخفض وتعود لسابق عهدها. وقد تفلح هيئات مدنية مثل (جمعية مكافحة الغلاء) أو (جمعية حماية المستهلك) وقد تخفق ولا يكون لمقاطعتها أي أثر.

سلعٌ قد ينفع بها جهد المقاطعة

هناك سلع لا تتحمل أن تعرض بالأسواق لمدد طويلة، كالألبان واللحوم والبيض وبعض أنواع الفواكه والخضراوات، وخصوصا تلك السلع التي يكون لها بدائل. فالأسماك والدجاج بديلان للحوم الحمراء والبيض والألبان، وأصناف من الخضروات تكون بديلة لأصناف أخرى. ففي حالة المقاطعة وعزوف المواطنين عن شراء سلعة غير قابلة للتخزين، أو أن تخزينها يكلف صاحبها ما يزيد عن ربح قد يجنيه من مغامرة التخزين (المبرد) سيضطر أصحابها للتنازل عن تمسكهم بالأسعار المرتفعة.

لكن سلع مثل الرز والقمح والعدس والبقوليات والسكر، من السهل لأصحابها أن يحتفظوا بها منتظرين اضطرار المستهلك لدفع ما أرادوا، هذا مع غياب الرقابة الحكومية التي دربت نفسها على عدم التدخل في سياسة (السوق) تمشيا مع الاتفاقات الدولية اللعينة.

عدم جدوى المقاطعة

إذا كانت المقاطعة العفوية التي تجعل المواطن يعزف عن شراء سلعة ويتجه للأخرى تنجح في بعض السلع، فإن منهجة المقاطعة لا تنجح للأسباب التالية:

1ـ ضعف الصلة بين المنظمات المدنية المعنية بحماية المستهلك والمستهلكين، فقليل هم الذين يعلمون بوجود مثل تلك المنظمات، والاطلاع على ما تنشره من نشاطات وتوجيهات.

2ـ انخفاض الفروق بين أسعار البدائل، حيث أن الإنتاج المحلي من السلع التي تهم المواطنين لا يزيد عن 10% من حاجة المستهلكين، في أغلب البلدان العربية وما تبقى يتم استيراده من الخارج ويخضع لسياسة السوق.

3ـ الاضطرار الحاد لاستعمال كثير من السلع بغض النظر عن سعرها، كحليب الأطفال وبعض السلع التي لا يستغنى عنها يوميا كالزيوت والحبوب.

4ـ انعدام الرقابة الحكومية بعد انخراط الكثير من الدول العربية وتوقيعها على اتفاقيات تمنع تدخلها من تحديد الأسعار.

5ـ عدم جدية الدول في رفع المعاناة عن المواطنين، وأكبر دليل على ذلك هو عدم تنازل الدولة عن ضريبة المبيعات والجمرك عن المواد التموينية، بحجة أنها تتقاضى تلك الضريبة من المستورد، وهي تعلم علم اليقين أن تلك الضريبة ستضاف فورا على المستهلك النهائي لها.

خلاصة

لا أمل لرفع المعاناة عن المواطنين، إلا في التوجه لزيادة الإنتاج المحلي وتشجيع الاستثمار في هذا المجال، من خلال تسهيل الاستيراد للمنتجين وتخفيض الضرائب والإجراءات البيروقراطية التي تعيق الإنتاج.
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس