عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 08-01-2008, 10:49 PM   #10
السيد عبد الرازق
عضو مميز
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 3,296
إفتراضي

[FRAME="13 70"] الرؤيا انتقال من ظاهر الأشياء إلى باطنها، وهي جزء من النبوة، ولا تكون إلا في حال النوم، والرؤيا متى حصلت فهي صادقة، وإنما المعبر عنها هو الذي يحار في تأويلها، وينسب الشعر إلى الرؤيا لأنها مكان التجليات، ففي هذا المقام تأخذ المعاني صورها كما يقول ابن عربي. وتتفاعل نصوص ديوان " مجمع الأهواء " مع الواقع المرئي وتحوله إلى رؤيا شعرية جامعة، والرؤيا هنا سفر دائم في الذات، وهذا ما يعطي للغة مجالا أوسع للاتصال الحميمي بالأشياء عبر الإشارة والرمز والإيحاد . يقول الشاعر : (ص 11 و12)

ريح تروض خمر مسائي

ببرزخ حرف

بأسماء أخرى تهيمن:

ألف ← لذات

نون ← لنفس

سين ← لطير

هاء ← لنبت

تتكدس في العقل روح نبي

طوى ظلمه السوط

وقلب أوراقه

إنها رؤيا صوفية تحفر في الدلالات الرمزية للحروف لتكشف عن معانيها الخفية وعيا من الشاعر أن الحروف مراتب ودرجات ولها أدبا خاصا لا بد من الوقوف عنده لأنها تمكن من معرفة العلم والعالم والمعلوم، فالحروف كما أشار الشاعر ببرزخ، والبرزخ عند الصوفية هو عالم المعقولات أو المعاني، وهو أبدي لأنه خيال الخيال، وبذلك يتبين أن الحروف ستار علينا أن نخرقها لنرى ما وراءها لأنها أول المخلوقات ويتعمق البعد الرمزي للحروف حين يستلهم الشاعر أحمد العمراوي رؤية ابن عربي العميقة للحروف وعلاقتها بأصل الوجود . يقول الشاعر: ( ص 23 )

من الحروف الرطب واليابس

ومنها الحار والبارد

والحروف أمم لها أنبياؤها

الرؤيا جزء من النبوة

والرائي نبي

ويقول ابن عربي ::.. فلما أوجد هذه الصور التي هي الماء والنار والهواء والأرض وجعلها سبحانه يستحيل بعضها إلى بعض فيعود النار هواء والهواء نارا كما تقلب التاء طاء والسين صادا لأن الفلك الذي وجدت عنه الأمهات الأول عنها وجدت هذه الحروف وبذلك فإنه يضع القارئ أمام لغة مبتكرة ومتجددة تمكنه من التواصل مع أسرار الحروف والوقوف عند أبعادها، وهذا أمر لن يتحقق إلا بالمجاهدة ليدرك القارئ ما أدركه الشاعر بالرؤيا ثم يعمق الشاعر رمزية الحروف حين يقف خاصة عند حرف " النون " ليحفر في الحركة العميقة التي تكمن وراء هذا الحرف / السر، فهو عتبة تقود إلى معاني حفية حيث يشكل نظاما إشاريا خاصا وفيضا من المعاني ( 53 )

نــون :

زمردة تستعصي

خروج يستعصي

[ وأنت أيتها الاشارة

وصلك بوح يزهو

ليل عرش على أحشائي

نــون :

فيض جلاء

نكاح ساري

مشكاة في ظلمة / نور في ظلمة

والوجد يقلق.

ظل يبوح

إنه بهذا الحفر في دلالات الحروف يستلهم التجربة الصوفية التي ترى في فك رمزية اللغة كشفا لسر الوجود والإنسان، ذلك أن لكل حرف معنى ظاهر ومعنى باطن، والمعنى الباطن يجهله أهل الظاهر لأنه لا يدرك إلا بالكشف وفي هذا السياق يقول ابن عربي : " إن الحروف أمة من الأمم مخاطبون ومكلفون، وفيهم رسل من جنسهم، ولهم أسماء من حيث هم، ولا يعرف هذا إلا أهل الكشف .( 7 ).وعالم الحروف أفصح العالم لسانا وأوضحه بيانا .. يقول الشاعر ( ص11):

ألف ← لذات

نون ← لنفس

سين ← لطير

هاء ← لنبت

إن المراهنة على رمزية هذه الحروف هو رغبة في تجدد الدلالة وولادة معاني أخرى، فالحروف هنا ليس لها معنى جاهز ومتداول كما هو الحال في اللغة العادية، لأنها تكشف عن شيء آخر مختلف عن المعهود، فالألف تحيل على الذات، والنون على النفس، والسين على الطير، والهاء على النبت، وبذلك فإنها تتقاطع مع الدلالات الرمزية الكبرى التي حددها الصوفية لهذه الحروف : فالألف : تفعل في الخلق بإذنه . والنون : قسم الله وهي من عالم الملك والجبروت والسين استواء على عرش الوجود، والهاء : نسيج فمن الهو ومرورا بالهو وانتهاء بالهو لا نجد سوى الهاء ( 8 )

إن الشاعر أحمد العمراوي بهذا الانفتاح على التجربة الصوفية والسفر في رمزية الحروف يوسع جمالية اللغة ويخلصها من غربتها ويعطيها مجالا أوسع لتكشف عن أشياء جديدة وبذلك فإنه اختار أن يراهن على المغايرة والاختلاف وتكسير منطق العقل . يقول الشاعر ( ص 23 )

العقل جحيم

يؤله بوصلة الجسد

وبالمقابل يتبنى الرؤيا القلبية الواردة في قوله تعالى " إني أرى ما لا ترون " وحين يربط الشعر بالرؤيا القلبية والحلم فكأنه يريد أن يقبض على حقيقة الشعر التي لا يمكن حدها . يقول : ( ص.20 )

يتكلم الكلام برؤى تحلم

والشعر رؤيا

الشعر حلم .

ويقول : (ص21 ):

[ والشاعر من صلب الرؤيا ]

ويقول : ( ص 23 )

الرؤيا جزء من النبوة

والرائي نبي

إن الرؤيا هنا سر وسفر ورحلة إلى الأصل لأنها مشروطة بالخيال حتى يصل صاحبها إلى الذوق، وهو ما يسعى الشاعر إلى الوصول إليه عبر عمق الإحساس وجمالية اللغة، فالرؤيا عند الشاعر ليست تغييرا في نظام الأشياء واللغة كما يقول أدونيس وإنما الرؤيا هنا تنبني على التأمل والمكابدة حيث يكتشف القارئ أن ما ألفه على مستوى الرؤية في صورة أخرى مغايرة لأن الرؤيا عند الشاعر أحمد العمراوي تخترق الحس إلى الحلم ليمارس إسراءه الخاص عبر اللغة كما في نص ( شطحة ص 37 ) وفي نص إسراء ( ص 67 ). يقول الشاعر : ( ص38 )

سائرا

ثملا

بخمر شعابها

يترنح السموات بالأحضان

ويشذب القمر

الهلامي

في شمس غموض

وحين تنتهي الرؤيا / الحلم ينتهي النص الشعري ( كهوف : ص 15 - 25 )، يقول الشاعر في المقطع الأخير من النص (ص25)

من طيلسان الشهوة

حين يطول

تضحك

حين ينام الخلق،

وتحذر من ديناصورات

قد تفتك بالحلم

بالرؤيا

معا .

الشطح وشفافية اللغة

[/FRAME]
السيد عبد الرازق غير متصل   الرد مع إقتباس