عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 23-09-2021, 07:55 AM   #2
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,946
إفتراضي

فقد صرحنا لكم ، أن القول : بكون الطلاق الثلاث واحدة فقط ، سائغ ، والعمل به واسع ، ووجهه طاهر ، ودليله واضح ، وصوابه لائح ، وإليه يميل زميلنا – بل شيخنا – سعيد بن احمد بن سليمان الكندي السمدي النزوي – أحد قضاة هذه المحكمة – المسئولين من قبلكم ، ونحن يؤخرنا عن الجزم به ، ما نجده عن أئمتنا ، وقادتنا ، في ديننا ، من علمائنا المجتهدين ، وأشياخنا الفطاحل المحققين ، مع قصور باعنا ، وقلة متاعنا "
ونقل العبرى عن واحد من اشياخه وهو السالمى جوابه عن المسألة فقال :
" فها نحن ننقل لكم هنا ، جوابا من أحد أشياخنا ، وهو : نور الدين العلامة عبد الله بن حميد السالمي - رضي الله عنه - ، لمن سأله من تلامذته المسترشدين ، عن خصوص مسألتكم العانية ، فنأتي بالجواب ، دون السؤال ، طلبا للاختصار :
سئل – رحمه الله - : عمن طلق زوجته سبع عشرة مرة ؟ فأجابه بما نصه :
الجواب : أقول فيها : بقول ابن عباس – رضي الله عنهما - : أنها تبين منه بثلاث ، والباقي عليه أوزار ، والأحاديث التي نقلتها في صدر سؤالكم ، كلها أدلة لهذا القول ، ولا معارض ، فأما ما احتج به البعض ، بأنها من البدع ، وأن البدع مردودة ، لحديث رسول الله : " من أتى في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " فليس بشيء ، لأن غاية ما فيه رد البدعة ، ونحن نقول : أنها مردودة على صاحبها ، وردها : أن لا تقبل منه ، فأما طلاق البدعة ، فقد نقل ابن حجر ، الإجماع على وقوعه ، وما علل به الشوكاني ، من قوله : أن الطلاق لا يتبع الطلاق ، فليس بشيء ، لأنه لا خلاف في إتباع الطلاق للطلاق ، فلو طلقها مرة ، ثم طلقها أخرى في العدة ، وقع الطلاق إجماعا ، يعني : إجماعنا معشر الأباضية ، ومن وافقنا من مشاهير علماء الأمة ، و إلا فعند ابن تيمية ، وتلميذه ابن القيم ، ومن وافقهما من المجتهدين ، كالعلامة الشوكاني ، ومحمد صديق حسن خان البخاري ، أن الطلاق لا يتبع الطلاق ، ولا يكون إلا بعد مراجعة ، عملا بما دل عليه ظاهر آية الطلاق ـ التي قدمنا ذكرها ، وأشرنا إليه .
ثم نعود لكم ، إلى قول الشيخ – رحمه الله – في جوابه ، حيث قال : وأما وقوع طلاق الثلاث ، بقوله : أنت طالق ثلاثا ، فليس من إتباع الطلاق للطلاق ، وإنما هو من باب إيقاعه بلفظ واحد ، على خلاف السنة ، وأكثر الأصحاب ، على وقوع الطلاق ثلاثا بذلك ، ومنهم من جعلها واحدة ، لكنه شاذ في الأثر ، فنحن بآثارهم نقتدي ، وبهداهم نهتدي ، إذ لم يقصروا – رحمهم الله - ، عن التماس الهدى ، بل جاهدوا في الله حق جهاده ، { والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين }" ونقل أيضا عنه:
"وقال – أيضا- في جواب له في نفس المسألة ، ما نصه :
الجواب : الذي عليه الفتوى ، من أهل المذهب – رحمهم الله – أنه لا سبيل له عليها ، لما يروى عن العجلاني : طلق امرأته ثلاثا بحضرة النبي – صلى الله عليه وسلم - ، فقال له – عليه السلام - : لا سبيل لك عليها ، وعن النبي – صلى الله عليه وسلم - : أن رجلا جاءه ، فقال : يا رسول الله ، إني طلقت امرأتي ألفا ، فقال – عليه السلام - : " بانت منك امرأتك بثلاث ، وتسعمائة وسبعة وتسعون عليك معصية ، وأنت ظالم لها ، وظلمت نفسك "
مع روايات أخر عن ابن عباس وغيره ، وظاهرها أن الجهل بإيقاع الطلاق ، وعدم المعرفة ، وصفته لا ينفع شيئا ، وهو ظاهر المذهب ، لأن الجهل لا يصلح أن يكون عذرا ، في هذا المقام ، بل على الجاهل أن يتعلم ... إلى آخر ما قاله – رضوان الله عليهم - .
فهذا الكلام من هذا الشيخ العلامة ، والذي نرد من مناهله ، ونقتبس من أنواره ، ونعد نفوسنا عيالا عليه ، ويقهقرنا عن الأخذ بخلافه ، تقيدا لا تقليدا ، لأن تقليد غير المعصوم ، لا يصح عندنا ، غير أننا نقول : أن الاحتجاج بمثل حديث العجلاني ضعيف ، لأن تطليقه إياها ثلاثا ، بحضرة النبي – صلى الله عليه وسلم - ، إنما كان في موضع الملاعنة ، وقضيته على ما رواه أحمد ، والشيخان ، عن سهيل بن سعد : أن عويمر العجلاني ، أتى النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال : يا رسول الله ، أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا ، أيقتله فتقتلونه ، أم كيف يفعل ؟ فقال – صلى الله عليه وسلم - : قد أنزل الله فيك ، وفي صاحبتك ، قرآنا ، فأت بها ، فتلاعنا ، وأنا مع الناس عند رسول الله ، فلما فرغ ، قال عويمر : كذبت عليها يا رسول الله ، أن أمسكها ، فطلقها ثلاثا ، قبل أن يأمره رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ، قال ابن شهاب : فكانت سنة الملاعنة ، وفي حديث ابن عمر ، المتفق عليه ، أن النبي – صلى الله عليه وسلم – فرق بينهما ، فهذا التفريق يحتمل ، بسبب الملاعنة ، فلا دليل فيه ، على وقوع الطلاق ثلاثا بكلمة واحدة ، وقد جاء في رواية أخرى ، أنه قال لها : أنت الطلاق ، أنت الطالق ، فإن صح ذلك ، فهو غير طلاق الثلاث ، بمعنى : أنت طالق ، فهو غير ما قلناه آنفا ، من أن الطلاق يتبع الطلاق ، إذا أتى به مكررا ، فلا حجة فيه ، على كل الأمرين ، بل الحجة التي ينبغي أن يعول عليها في هذا ، إطباق الصحابة على ما رواه عمر – رضي الله عنه - ، وما كان له ، ولا لهم ، أن يخالفوا رسول الله ، فهو الذي جاءهم بالهدى ، وأخرجهم الله به من الظلمات إلى النور ، وإنما عملوا بذلك لشيء علموه من نبيهم – صلى الله عليه وسلم - ، فإنهم أهل الهدى ، فبهداهم اقتده ـ فكما أخذ المسلمون ومن معهم ، بقول عمر ومن معه في حد الخمر ، أخذوا بقولهم في الطلاق ثلاثا بلفظة واحدة ، ولكن القضية – كما قدمنا – على ما فيها من الأقوال والاستدلال ، ولا تزال قضية اجتهاد ومجال ، فمن عمل بشيء من القولين المشهورين ، فقد وافق الحق والهدي إلى الصواب ، والحمد لله الكريم الوهاب."
وأنهى العبر رسالته بالقول:
"وبهذا نكتفي عن الإطالة في المسألة ، وما فيها من رد وجواز ، اعتمادا على فهمكم وإطلاعكم ، ونحن نعترف، بأننا لم نزدكم فيها علما ، إلا ما فهمتموه منا ، من تسويغنا لكم ، الأخذ بما أشرتم إليه ، فاعتمدوا عليه ، والله يوفقنا وإياكم لما فيه إتباع أهل الهدى ، ويرشدنا لما فيه رضاه ، بفضله وكرمه "
وكما سبق القول لا يقع الطلاق إلا بشروطه التى نص عليها الله عليها فإن وقع خطأ بمعنى خالف الشروط فلا يقع مثله مثل الصلاة التى لا تقبل بنقص شىء منها ومثل الصوم الذى يخالف شرطا من شروط الصوم فلا يكون هناك صيام وهكذا
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس