عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 10-01-2008, 01:44 AM   #3
ابن حوران
العضو المميز لعام 2007
 
الصورة الرمزية لـ ابن حوران
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 4,483
إفتراضي

أخي الفاضل عصام الدين

أطيب التحايا

أظنك لم تخطئ في فهم ما كنت تود الإشارة إليه، وعند تصفحي لمشاركاتك أرى لغتك تفوق لغتي من حيث استعمالها ..

إن كنت قد أردت تقديم مادة قابلة للتصفح على الشبكة العنكبوتية، فقد غاب عن ذهني أن يتم التوقف عند نقاط تفصيلية، كنت أظنها غير مثيرة للقارئ، وكنت أنوي ـ وما زلت ـ تكملة ما يخص الديمقراطية التوافقية، لكن وجاهة ملاحظاتك دفعتني للتروي في تكملتها، حتى يتم التطرق لتلك الملاحظات ..

فيما يخص سويسرا : فمعلوم أن الإمبراطورية الرومانية للأمة الجرمانية في القرن الثالث عشر كانت تتعرض لخطر ما سمي بتحركات العاميات (Communes) وأطماع البيوتات الإقطاعية القوية التي كانت تتزعمها عائلة (هابسبورغ) وكانت حصون وقلاع تلك العائلة تتمركز في شمال ما أصبح يسمى ب (سويسرا) .. وكانت هذه العائلة تطمع في بسط هيمنتها وامتلاك ممر (غوتارد Gothard) الإستراتيجي الذي كان يفصل جزئي الإمبراطورية الرومانية ويلعب دورا اقتصاديا هاما، مما أثار حفيظة عائلات أخرى استعانت بالإمبراطورية الرومانية ومن تلك العائلات نذكر: فالدشتاين وأوري وأونترفالد وغيرها .. وسيبرز أثر تلك العداءات فيما بعد لتشكيل سويسرا الحالية ..

في عام 1291 تم توقيع اتفاق بين (كانتونات شفيتز وأونترفالد) وسيطرت تلك الكانتونات على ممر (غوتارد) .. في عام 1500 استطاعت النواة الأولى أن تسيطر على وديان (غلاريس) و (زوغ) ومدن (زيوريخ ولوكارنو) وتم عقد حلف مع مدينة (برن) ليصبح عدد الكانتونات 13 وظلت الحروب قائمة بين تلك التجمعات ومع عائلة (هابسبورغ ) القوية، وكانت تارة تنتصر الكانتونات وتارة تنتصر عائلة هابسبورغ ..

كما أن التعدد الطائفي داخل سويسرا لعب دورا هاما فمن كل ألف سويسري هناك 570 بروتستنتي و414 كاثوليكي غربي و 7 كاثوليك شرقيين و 2 من اليهود و7 من طوائف أخرى .. وقد أبقى هذا المناخ التعددي الطائفي الصراع مستمرا بين مكونات السويسريين وزاده اشتياطا ظهور المصلح (زوينغلي) الذي اعتبره السويسريون (نديدا) أو شبيها لمارتن لوثر كنغ ..

أرهقت الحروب الداخلية السويسريين فدخلت سويسرا بمرحلة سلم، وانفصلت عن الإمبراطورية الجرمانية وطلبت من الجوار الاعتراف بحيادها في عام 1648 .. ثم تم تأكيد هذا الاعتراف عام 1815 .. ففهمت كل دول أوروبا أهمية ترك سويسرا على الحياد .. وهذا ما دفع ألمانيا في الحرب العالمية الأولى على الالتزام ببقاء سويسرا حيادية ..رغم إلحاق النمسا بألمانيا .. وفي مؤتمر فرساي (1919) وبحضور الرئيس السويسري (موتا) تأكد حياد سويسرا ..

ورغم عدم المساس بسويسرا في الحرب العالمية الثانية إلا أنها أنفقت 6 أضعاف ميزانيتها على التسلح وكونت جيش من 400 ألف جندي، وبالمناسبة فجيشها الآن 625 ألف جندي ..

على أي حال لنعد للسبب الذي جعلنا نميل لاعتبارها أحد دول الديمقراطيات التوافقية، ولم يكن سردنا لما قلناه سابقا إلا لوضع مقتربات ملائمة لما أصبحت عليه ..

في سويسرا 4 أحزاب كبرى وأحزاب أخرى .. والأحزاب الكبرى: الاشتراكي و الراديكالي الديمقراطي والديمقراطي المسيحي وحزب الوسط لاتحاد الديمقراطيين .. ويتألف المجلس الفيدرالي التشريعي من ممثلي هذه الأحزاب الأربعة و هناك أعضاء مستقلين ومن أحزاب أخرى ..

غرابة الوضع الذي تفضلت حضرتكم بالحديث عنه، تأتي من أن المجلس التشريعي الفيدرالي لا يستطيع تطبيق أي قانون إلا بعد 90 يوما من صدوره .. ويستطيع الشعب المطالبة بالاستفتاء عليه إذا تقدم 30 ألف مواطن بذلك .. ويستطيع 50 ألف من المواطنين استصدار بند دستوري سواء وافق المجلس الفيدرالي المكون من سبعة أعضاء يتم انتخابهم كل 4 سنوات أم لا ..

وقد اتخذت سويسرا بعد تجربة الجمهورية الهلفتية (1798ـ 1815) شكلها الحالي بالتوافق .. ومجلسها التشريعي يشبه الى حد كبير مجلس الكونجرس الأمريكي (نواب حسب عدد سكان الكونتون) و (شيوخ يمثلون 23 كانتون) بالتساوي .. ولا يجتمع المجلسان إلا لتعيين القضاة الوطنيين أو لقضايا هامة ..

عفوا للإطالة ..

أما المغرب فسنمر عليها إذا أسعفنا الوقت هي ولبنان والسودان ..

تقبل احترامي
__________________
ابن حوران
ابن حوران غير متصل   الرد مع إقتباس