عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 29-10-2023, 08:18 AM   #1
رضا البطاوى
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2008
المشاركات: 5,992
إفتراضي قراءة فى بحث السيكوغرافيا: الكتابة التلقائية الباطنية

قراءة فى بحث السيكوغرافيا: الكتابة التلقائية الباطنية
المعدان كمال سحيم وكمال غزال والبحث يدور حول تأليف الكتب أو المقالات أو الحكايات بمجرد أن يمسك المؤلف بالقلم دون أن يفكر تفكيرا قبليا فيؤلف وكأن أحد يؤلف له الكلام وفى هذا الزعم قال الكمالان:
"يمضي عدد من الناس دقائق معدودة في حالة استرخاء وتأمل ثم يشعرون أن أنامل أيديهم بدأ بتحريك القلم الذي تمسك به وتكتب ما لا يخطر على بال، فكأن أيديهم تتحرك على الطاولة لتكتب بالقلم أشياء وأشياء من غير أن يدركوا أنهم على علم بها، ويبلغ بهم الوضع الى الإسراع بشكل جنوني في كتابتهم وكأنها صادرة عن ألة الكترونية تعمل بنفسها لتملأ العشرات من الصفحات دون تعب ويمكن للأمر نفسه أن يحدث عندما يصور هؤلاء الناس مناظر خلابة في لوحات فنية أو ينظمون أبياتاً من الشعر أو يؤلفون معزوفات موسيقية، نتحدث هنا عن ظاهرة تدعى سيكوغرافيا."
قطعا هذه الأكذوبة ساهم فى اختراعها الضالون المضلون فلا وجود لأخر يؤلف مع المؤلف لأن ما يحدث هم التفكير الانى فيكتب المؤلف ما يخطر على باله فى تلك اللحظات ثم بعد ذلك قد يعدل ما كتب
الأكذوبة تتنافى مع مسئولية الإنسان التى قال تعالى فيها :
" كل نفس بما كسبت رهينة "

وتحد الكمالان عن معنى السيكو غرافيا أو الكتابة التلقائيى فقالا:
"ما هي السيكوغرافيا؟
سيكوغرافيا Psychography هو مصطلح ينطبق على النصوص التي يزعم أنها كتبت من قبل أرواح أو كيانات غير مادية، وللـ سيكوغرافيا أشكال متعددة بدءاً من روح مزعومة تمتلك السيطرة الكاملة على حركة يد الكاتب إلى أن يكون ببساطة ناتجاً عن تأثير مبدئي تتدفق الأفكار منه. وهو يعتبر شكلاً من أشكال الكتابة التلقائية Automatic Writing ولكن فريدة من نوعها من حيث أن الكاتب يدرك عموماً ما يكتب أي أنه لا يدخل حالة في الغشية Trance."
هذه الحالة هى نفسها التى قال الكفار فيها عن القرآن :
" أساطير الأولين اكتتبها فهى تملى عليه"

فالغرض من هذا الاتهام هو اعتبار الكتاب نتيجة جهد أخر فهى اتهام بسرقة جهد أخر أو اتهام بأن الوحى ليس من عند الله
وقد فند الله اتهام الكفار بأنهم زعموا أن المملى لسانه أعجمى والمقصود غامض بينما القرآن لسانه عربى والمقصود واضح مفهوم كما قال تعالى :
" لسان الذين يلحدون إليه أعجمى وهذا لسان عربى مبين"

إذا العملية كلها الغرض منها التقليل من المؤلف أو اتهامه بالكذب
وتحدث الكمالان عن حالات تاريخية تؤكد هذا الجنون فقالا:
"أمثلة من التاريخ
- يعتقد أن الإغريق والرومان هم اول من تطرق للسيكوغرافيا حيث أعتقدوا بأن الهامهم الفني أو الشعري .. الخ موهوب لهم من الألهة أو أن الأحلام تأتيهم عن طريق الألهة
- صرح فولتير بمناسبة كتابته المسرحية الدراماتيكية ( Catiline) أن التدفق الفكري الذي دام أسبوعاً يضاهي مدة تفكير 5 سنوات في الحقيقة و انه واضح أن ذالك حصل بواسطة: ( si scirent donum dei) أي هبة إلهية
كتب المفكر العالمي غوته قسماً من مؤلفاته وهو في حالة سيكوغرافيا قوية وقد صرح بذلك بنفسه أنه أحياناً لم يكن يدري بمضمون أبيات قصائده التي تفاجأه عفوياً والتي تحثه على الكتابة مباشرة بشكل غريزي وكأنه نائم، هذا يظهر لنا أن موهبة العقل الباطني عند غوته أو غيره هي خير دليل على جودة مؤلفاتهم وأنه بفضل سعة اطلاعه تصدر من أعماق تفكيرهم مواهب فظة خصوصاً عندما تتلاشى وحدة تفكيرهم أو يضمحل تماسك منطقهم وهذه الموهبة الباطنية تحصل أيضا عند الطلاب.
- تزعم الوسيطة الروحانية روزماري براون (1916 - 2001) أنها تلقت تدوينات موسيقية (السوناتا) من مشاهير الموسيقيين الذين عاشوا في الماضي كـ لودفيغ بيتهوفن وباخ وفرانز لسزت وشوبان وغيرهم! وتضمن الانتاج الموسيقي الذي دونته: 40 صفحة من سوناتا لـ شوبرت، وشوبان، و12 أغنية لـ شوبرت واثنين من سوناتا بيتهوفن تمثل كلاً من السيمفونية العاشرة والحادية عشرة لبيتهوفن! كلاهما غير مكتملتين.
- من أغرب مضامين ما كتب بطريقة السيكوغرافيا ما ذكره جورج سربالاد في كتابه ( spirities et mediums:choses de l autre monde ) عن أحد الوسطاء الذين صرحوا أن بني البشر لم ولن يطأوا القمر لأن الهواء غير متوفر فيه وأن الله لا يسمح بذلك ولكن على سطحه يوجد أناس يعيشون بصورة تختلف عن معيشة سكان الأرض من حيث استنشاق الهواء كما أن هناك شعب يعيش على سطح الشمس لكن برداء خاص منحه لهم الرب الأله ليحميهم من حرارة الكوكب؟؟
يعتبر كتاب القانون Book of Law مثالاً مثيراً للاهتمام عن السيكوغرافيا لأنه يعرض عدة أشكال منها، فعلى سبيل المثال، يدعي أليستر كراولي أن نص هذا الكتاب قد أملاه عليه كيان اسمه عيواس Aiwass، وأنه بكل بساطة كتب ما سمع منه (شكل نموذجي من السيكوغرافيا) ومع ذلك وعلى سبيل المثال رسم كراولي خطاً قطرياً عبر الصفحة 60 (الفصل الثالث: 47) مما تشير إلى أن بعضاً من الكتابة أتى أيضاً "تلقائياً" أو "ميكانيكياً"، علاوة على ذلك، كما تم إستيحاء بعض النص فيما بعد ليس من كراولي وإنما من خلال زوجته (روز) التي كتب على يدها:" نجمة ذات رؤوس خمس مع دائرة في الوسط والدائرة حمراء " - (الفصل الأول: 60).
- يذكر التاريخ الوسيطة هيلين سميث التي لمعت في اختراع لغة زعمت أنها تخص سكان غير أرضيين وأنها ملهمة أرواحياً تتمكن من الاتصال الأرواحي مع عالم الموتى.
- سطع نجم تشيخو خافيير (1910 - 2002) في تدوين آلاف الأسطر عن طريق السيكوغرافيا وذاع صيته خصوصاً في البرازيل مؤكداً اتصاله مع عالم الأثير، حيث كتب أكثر من 400 كتاب بطريقة سيكوغرافيا من أجمل القصائد الشعرية وأكثر المواضيع العلمية تعقيداً وقام ببيع ملايين النسخ ذهبت عائداتها للجمعيات الخيرية.
- يقول مالو دا سيلفا في كتابه ( misterios e realidades deste e do outre mundo) أن طالبا هولندياً حاول عبثا ثلاثة أيام أيجاد حل لمسألة حسابية كلف بها من طرف أستاذه فان سويدن وبعد جهد مضني بدون نتيجة نام ليستريح وفي الصباح وجد على الطاولة التي يعمل عليها ورقة كتب عليها الحل المناسب للمسألة المعقدة ولم تكن حسب الوسائل التي تتبعها في جهده الفكري.
وجه البروفيسور الفرنسي المتقاعد جان بيير الذي يعتبر المرجع الاول في علوم الفيزياء لدى الكثير من الاوساط العلمية المرموقة صدمة قوية للعالم على إثر تصريحاته في احدى وسائل الاعلام بأنه كان على اتصال مع مخلوقات قادمة من خارج كوكبنا وتعيش على كوكب يطلق عليه "أومو " بالاضافة الى تلقيه رسائل مزعومة من تلك المخلوقات بإنتظام وعلى غير العادة فإن معظم تلك الرسائل كانت تعبر عن تقدمهم العلمي والبعض الأخر كان يحتوي على حلول لمشاكل كان يعتبر حلها أشبه بالحلم البعيد
شيطان الشعر: سيكوغرافيا التراث العربي
كان العرب قبل الإسلام يعتقدون بأن الشاعر متصل بشيطان خاص به يلهمه الشعر، وأن كان لكل شاعر شيطان، وحين يقول حسان بن ثابت قبل إسلامه:
ولي صاحب من بني الشَّيْصبَان ... فَطَورا أقول وطورا هوهْ
فإنه يقرر ثلاثة أمور: أولها أن له صاحبا غير إنسي ,وثانيها أن هذا الصاحب نتسب إلى الشيصبان، وهو اسم للشيطان (وبنو الشيصبان أما أن يكونوا أبناء جني يعرف بهذا الاسم أو يكون أسم قبيلة من قبائل الجن)؛ وثالثاً أن حسان وشيطانه يتناوبان القول فتارة يقول حسان وتارة يقول شيطانه، وهذا أذا أخذ على وجهه الظاهر يعني أن الشيطان يرفد صاحبه أو يستقل بقصيدة ويستقل الشاعر بأخرى ولا يتولى الإلهام كله.
وهناك شعراء يصاحب كل منهم شيطان أو تابعه، ومنهم الأعشى ميمون بن قيس، وصاحبه اسمه " مسحل " وقد ذكره في قوله:
دعوت خليلي مسحلاً ... ودعوا له جُهُنَّام جَدْعا للهجين المذمم
و ذكره مرة أخرى فقال:
وما كنت ذا خوف ولكن حسبتني ... إذا مسحل يسدي لي القول أنطق
شريكان في ما بيننا من ... هوادة صفيان إنسي وجني موفق
يقول فلا أعيا بقول يقوله ... كفاني لا عي ولا هو أخرقلم يقتصر الإعتقاد بشيطان الشعر على العصر الجاهلي وبدايات الإسلام بل حافظ المعتقد وجوده أيضاً في العصر الأموي، ولعل الفرزدق أن يكون من أكثر الشعراء ترديدا له، ويقال إن اسم شيطانه " عمرو ". وذكر الفرزدق حين يفتخر بشعره أنه " أشعر خلق الله شيطاناً".
كأنها الذهب العقيان حبرها ... لسان أشعر خلق الله شيطانا
ومع ذلك فإن الفرزدق تزحزح عن هذا المعتقد حين تصور أن الذي ينفث الشعر في فمه هو " ابليس " وابنه مع أن أحدا من الجاهلين لم يذكر أن رئيس الشياطين مصدر للالهام؛ يقول الفرزدق:
وإن ابن ابليس وابليس ألبنا ... لهم بعذاب الناس كل غلام
هما نفثا في فيَّ من فمويهما ... على النابح العاوي أشد رجام
وجرير ينافس الفرزدق في اعتقاده أن الذي يلهمه هو ابليس فيقول:
إني ليلقي علي الشعر مكتهل ... من الشياطين ابليس الأباليس
وكان الفرزدق يقول: " شيطان جرير هو شيطاني إلا إنه من فمي أخبث ".
ويشير شاعر يسميه الجاحظ أعشى سليم إلى أن شيطان المخبل كان من أقوى الشياطين
وما كان جني الفرزدق قدوة ... وماكان فيهم مثل فحل المخبل
رضا البطاوى غير متصل   الرد مع إقتباس