عرض مشاركة مفردة
غير مقروءة 24-12-2009, 05:42 PM   #4
المشرقي الإسلامي
أحمد محمد راشد
 
الصورة الرمزية لـ المشرقي الإسلامي
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: مصر
المشاركات: 3,832
إفتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
أخي العزيز الأستاذ كمال أبو سلمى

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . لقد قرأت لك غير خاطرة في موقعكم الفريد قناديل الفكر ، وأخذت منها تسعة أعمال حسب ظني في مشروع صناعة مبدع من ضمنها عملك الوطن تفاحة الذكرى ..

اعذرني لتأخري في الرد وما كنت أريد ذلك ، لكن كل إنسان وله انشغاله . بالنسبة لما قرأت ، فأقول وبالله التوفيق إن لدى حضرتك قدرة على التصوير مميزة ، وقدرة على السرد لايشعر القارئ معها بالسآمة ،وأسلوب يجمع بين حداثة المضمون وعراقة الأسلوب ، وكل هذه عناصر من شأنها أن تجعل من حضرتك أديبًا متفردًا .

وإذا كان الأمر كذلك بغير مجاملة ، فثمة عناصر يجب إيضاحها قبل الدخول في حضرة العمل الأدبي.

*إذا اكان الإبداع هو نتاج الفكرة ، فالفكرة لابد أن تكون واضحة وأن يكون العنوان دالاً عليها ، وهذا تقريبًا لم يتحقق في هذا النص .

*في قرننا الحادي والعشرين لن يكون بوسع المتلقي أن يستمع لقدر كبير من التداعيات الفكرية والذهنية خاصة إذا كان الفن المستَمَع إليه هو فن الخاطرة . ومن هنا أقول إن الخاطرة قد طالت أسطرها بشدة ، وترهلت أفكارها،وهذا أمر استغرق من للتعليق عليها وقتًا طويلاً قد يتجاوز الساعة.

*أخيرًا : الصور والتشبيهات هي ليست غاية في ذاتها وإنما هي وسيلة لإيضاح جوانب الحالة الشعورية وتقريب الأحاسيس والمشاعر لدى المستمع ، وقد كانت هنا كثيرة جدًا مرهِقة لي شخصيًا في البحث عن دلالاتها ببعضها البعض .

غير أن هذا كله لا ينفي أن الخاطرة كانت موفقة في التعبير عن حالات شجيّة بشكل متفرد وجهد تُشكر عليه ، والآن إلى النص

..


وإني عرفتك ,,!!
وفيهذا الحزن الممدد على شغاف الروح,,
علا ودنا وتدلى من تجاويف الجسد,,
مد أذرعا للتيه ولهى ,,
وعاد يشد كوتد الخيمة أسرار العضد,,

تأتي لفظة إني عرفتك والواو التي تسبقها واو ليست عاطفة لتعطي معنى يشعر القارئ فيه إن ثمة حدثًا مختفيًا جعل الكاتب يقول ذلك مما يعد مدخلاً غير تقليدي للنص ويشد ذهن المتلقي ،وجميل أن يكون المخاطَب مجهولاً منذ البداية ليزداد العمل تشويقًا ومتعة .

كان تشبيه الحزن بالإنسان المسجى وتشبيه الروح بالفراش الذي يوضع عليه جميلاً ،وكانت الاستعارة الموجودة فيه تمتاز بجانب هلامي يجعل الحزن مادة متميعة عصية على الفهم وهذا يزيد معنى الألم والحزن قوة وتأثيرًا.

بعد ذلك كان التصوير التشكيلي إن صح التعبير معمّقًا لصورة الحزن إذ يغدو في شكل ليس مميعًا فحسب بل ومتحرك فيصيب الجسد ،وكانت الأفعال علا ودنا وتدلى –إضافة إلى الاقتباس من القرآن الكريم- معبرة عن امتداد زمني مرده إلى ألف المد ،وكان التعبير مد أذرعًا للتيه ولهى معبرًا عن ارتقاب الحزن وارتباطه بدخائل النفس حتى إنه كإنسان يمد يديه ليعانق محبوبه .عبر هذا عن التعانق بين الإنسان والألم من ناحية ومن ناحية أخرى عبر عن تعانق الألم بين كل من الروح والجسد . أما السطر الأخير ، فلا أفهم دلالته إضافة إلى أن حالة

التقفية في الجسد والعضد لم تكن مستحبة ،شعرت بها متكلفة ، ولأن الخاطرة جاءت فنًا يتخلص من قيود الشعر كالوزن والقافية ، فما بالها ترجع مرة أخرى؟

وإني عرفتك,,
عرفت الفجر يشقشق في تثاؤبه ,,
يختصر المسافات العطال إلى شيمة الليل ,,

جيد أن يجسد الألم كإنسان يُتحدث إليه بهذه الطريقة ، حتى وكأن هذه هي القاعدة وهي عمليات التعاكس وتبادل المواضع ،ومجيء الفعل عرفتك مرتين في الأولى إجمال وفي الثانية تفصيل ،وهذا التفصيل يبتغى منه الاستئناس بالحديث والبوح بما في دخائل النفس . التعبير الفجر يشقشق في تثاؤبه ربما تكون صورة داخلية أي مختمرة في أعماق حضرتك بتفاصيلها لكني لم أفهم دلالتها ، هل هي تعبير عن انبلاج الفجر رغم موته الظاهري أو موته الظاهري ؟ والموقف نفسه ينطبق على السطر الثالث وهو ما يجعلني أسمي هذه التعبيرات بالتعبيرات الجوفاء ،تعطيك دلالة ما عند القراءة الأولى كتركيبات استعارية متولدة اعتمادًا على الصورة وتداعياتها لكن إذا قست العلاقة بين المشبه والمشبه به ووجه التشبيه لوجدت الأمر بعيدًا عن الإدراك .الفجر يختصر المسافات العطال إلى الليل فهذا تعبير عن انحسار الفجر ، فكيف يكون مشقشقًا ؟ إلا إذا كانت الشقشقة هي شقشقة التثاؤب نفسه ، فحينئذ يكون المعنى شبه مقبول لكنه يكون كذلك مغرقًا في التجريب و الغموض .


وكأني عرفتك ,,
وبصبصة التيه توعز في غرازها أوجاعا لطيمة,,
تصك كل ضراس التألم ,,
وتحتويني في جراح الخجل,,

نلاحظ أن التعبير كأني حلّ بدلاً من إني ، حتى ليبدو لي أن المبدع أو من يتحدث على لسانه قد انتقل إلى حالة الشك ،وهذا يجعل للألم معنى فعليًا وهو التأثير ،ذلك التأثير الآتي من تعميته على المتكلم حتى جعله مرة يقول إني عرفتك وأخرى يقول فيها كأني عرفتك .

كان تشبيه الألم بالوحش تشبيهًا ضمنيًا فأنت لم تذكر اسمه صراحة ولكن ذكرت صفة من صفاته وهي البصبصة وهذا الفعل والأفعال على وزن فعلل كما يرى ابن جني رحمه الله تعبر عن مبالغة في الحركة أو توتر في الحركة وهذا ما نجده في كلمة بصبصة وشقشقة وهذا إضافة جيدة إلى النص .لكني لا أشعر بمعنى واضح من خلال التعبير تصك كل ضراس التألم . هل هي أضراس أو في معناها ؟ وكذلك التعبير توعز في غرازها أوجاعًا لطيمة يعوزني فهمها .ربما يُفهم معناها بعض الشيء اعتمادًا على المقطع :

وعاد يشد كوتد الخيمة أسرار العضد,,

هل الألم صار بناء كالخيمة في غرز موحل ويحتوي المبدع أو من يتحدث على لسانه ؟ ربما ذلك لكني لا أستطيع التأويل بأكثر من ذلك أو الجزم به.

كان ليلي عاثرا بالتأوهات ,,
يتوعك في سراديب الفاقة,,
في لجج الفراغ,,
في فراعة المتاهة ,,
يشمر على ساعدي الضيم ,,
ويسرب في ديجوره الطويل ,,المتعثر,,

جميل تعبير عاثر بالتأوهات والذي عبّر عن شدة امتلاء الدرب بالآهات والدرب هنا يكون القلب أو النفس ،كذلك سراديب الفاقة عبرت عن تشعب الفقر ،غير أن كلمة يشمر تأتي معها حرف الجر عن وليس على
__________________
هذا هو رأيي الشخصي المتواضع وسبحان من تفرد بالكمال

***
تهانينا للأحرار أحفاد المختار




المشرقي الإسلامي غير متصل   الرد مع إقتباس